عرض مشاركة واحدة
قديم 11-14-2019, 10:50 AM
المشاركة 187
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
وليس في الفرق كلها وأهل البدع أشد بصائر من الخوارج ولا أكثر اجتهاداً، ولا أوطن أنفساً على الموت، فمنهم الذي طعن فأنفذه الرمح فجعل يسعى إلى قاتله ويقول: عجلت إليك رب لترضى.
ولما مالت الخوارج إلى أصبهان حاصرت بها عتاب بن ورقاء سبعة أشهر يقاتلهم في كل يوم، وكان من عتاب بن ورقاء رجل يقال له شريح ويكنى أبا هريرة، فكان يخرج إليهم في كل يوم فيناديهم:
يا بن أبي الماحوز والأشرار ... كيف ترون يا كلاب النار
شد أبي هريرة الهرار ... يعروكم بالليل والنهار
وهو من الرحمن في جوار
فتعاظمهم ذلك. فكمن له عبيدة بن هلال فضربه، واحتمله أصحابه، فظنت الخوارج أنه قد قتل، فكانوا إذا تواقفوا ينادونهم: ما فعل الهرار؟ فيقولون: ما به من بأس. حتى أبل من علته، فخرج إليهم، فقال: يا أعداء الله. أترون بي بأساً؟ فصاحوا به: قد كنا نرى أنك لحقت بأمك الهاوية في النار الحامية.
فلما طال الحصار على عتاب، قال لأصحابه: ما تنتظرون: إنكم والله ما تؤتون من قلة، وإنكم فرسان عشائركم، ولقد حاربتموها مراراً فانتصفتم منهم، وما بقي من هذا الحصار إلا أن تفنى ذخائركم، فيموت أحدكم فيدفنه صاحبه، ثم يموت هو فلا يجد من يدفنه، فقاتلوا القوم وبكم قوة من قبل أن يضعف أحدكم عن أن يمشي إلى قرنه. فلما أصبح بهم الصبح، ثم خرج إلى الخوارج وهم غارون، وقد نصب لواء لجارية يقال لها ياسمين، فقال: من أراد البقاء فليلحق بلواء ياسمين، ومن أراد الجهاد فليلحق بلوائي. قال: فخرج في ألفين وسبعمائة فارس، فلم تشعر بهم الخوارج حتى غشوهم، فقاتلوهم بجد لم تر الخوارج مثله، فقتلوا أميرهم الزبير بن علي وانهزمت الخوارج فلم يتبعهم عتاب بن ورقاء.