عرض مشاركة واحدة
قديم 11-14-2019, 10:45 AM
المشاركة 183
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
باب في مداراة العدو
في كتاب للهند: إن العدو الشديد الذي لا تقوى له لا ترد بأسه عنك بمثل الخشوع والخضوع له، كما أن الحشيش إنما يسلم من الريح العاصفة بلينه وانثنائه معها.
وقالوا: أزفن للقرد في دولته.
أخذه الشاعر فقال:
لا تعبدن صنماً في فاقة نزلت ... وازفن بلا حرج للقرد في زمنه
وقال أحمد بن يوسف الكاتب: إذا لم تقدر أن تعض يد عدوك فقبلها.
وقال سابق البلوي:
وداهن إذا ما خفت يوماً مسلطاً ... عليك ولن يحتال من لا يداهن
وقالت الحكماء: رأس العقل مغافصة الفرصة عند إمكانها، والانصراف عما لا سبيل إليه.
وقال الشاعر:
بلاء ليس يشبهه بلاء ... عداوة غير ذي حسب ودين
يبيحك منه عرضاً لم يصنه ... ويرتع منك في عرض مصون
التحفظ من العدو
إن أبدى لك المودة
قالت الحكماء: احذر الموتور ولا تطمئن إليه، وكن أشد ما تكون حذراً منه ألطف ما يكون مداخلة لك. فإنما السلامة من العدو بتباعدك منه، وانقباضك عنه؛ وعند الأنس إليه والثقة به تمكنه من مقاتلك.
وقالوا: لا تطمئن إلى العدو إن أبدى لك المقاربة، وإن بسط لك وجهه وخفض لك جناحه، فإنه يتربص بك الدوائر، ويضمر لك الغوائل، ولا يرتجى صلاحاً إلا في فسادك، ولا رفعة إلا بسقوط جاهك.
كما قال الأخطل:
بني أمية إني ناصح لكم ... فلا يبيتن فيكم آمناً زفر
واتخذوه عدواً إن شاهده ... وما تغيب من أخلاقه دعر
إن الضغينة تلقاها وإن قدمت ... كالعر يكمن حيناً ثم ينتشر
وفي كتاب الهند: الحازم يحذر عدوه على كل حال، يحذر المواثبة إن قرب، والمعاودة إن بعد، والكمين إن انكشف، والاستطراد إن ولى، والكرة إن فر.
وأوصى بعض الحكماء ملكاً فقال: لا يكونن العدو الذي كشف لك عن عداوته بأخوف عندك من الظنين الذي يستتر لك بمخاتلته، فإنه ربما تخوف الرجل السم الذي هو أقتل الأشياء، وقتله الماء الذي هو محيي الأشياء؛ وربما تخوف أن تقتله الملوك التي تملكه، ثم تقتله العبيد التي يملكها.
ولم يقل أحد في العدو المندمل على العداوة؛ مثل قول الأخطل:
إن الضغينة تلقاها وإن قدمت ... كالعرق يكمن حيناً ثم ينتشر
وقد أشار الحسن بن هانئ إلى هذا المعنى فأجاده حيث يقول:
وابن عم لا يكاشفنا ... قد لبسناه على غمره
كمن الشنآن فيه لنا ... ككمون النار في حجره