برز سيدي الوزير يوما في ثياب المسؤولين
* لأنا شعب مسلم يتبع شريعة دينه وسنّة رسوله, ولأن الله أمرنا بعدم الإسراف و" إن المسرفين كانوا إخوان الشياطين".ولأنا لاحظنا استهتارا عاما بنعمة الله, والخبز صار يرمى في المزابل والحاويات وعلى قارعة الطرقات, وما مردّ هذا إلاّ لشبع أصابكم أو تخمة ركبتكم.
قررنا نحن ممثلي الحكومة, وبتفويض من حبيب الشعب زعيم البلاد , أن يضاعف ثمن رغيف الخبز .
ويعتبر هذا القرار ساري المفعول من ابتداء مفتتح السنة الجديدة , والتي نتمنى بمناسبة حلولها كل الخير والبركة للزعيم وأعضاء الحكومة وكافة الشعب الكريم."
وغرق الملايين في صمت جنائزي, وتوقف من كان يستسيغ لقمة من بعد تعب يوم مضن عن الأكل, عن المضغ. صارت اللقمة إبرا تخز الحلوق .
وخرج فقراء الوطن يبحثون عن الخبز, يدفعهم في ذلك خطاب الوزير. بحثوا في المزابل القريبة, رفعوا الأغطية عن الحاويات فلم يظفروا بشيء غير رائحة كريهة تزكم الأنوف وتعتصر المعد الخاوية. ولم ييأسوا ومنّوا النفس بخبز كثير وربما مخلوط بإدام. فلعل سعادته يعني أناسا بعينهم- ميسوري البلاد ربما- الذين فتح عليهم الله ورزقهم.
سارعوا إلى الأحياء الأكثر نظاما ورخاء. مروا بمزابلها فكانت قفارا لا أثر لقطعة خبز.
" تقدموا.تقدموا قليلا, قوموا بحركات رياضية, تنشقوا الهواء النقي جيدا لترتخي عضلات معدكم وتتسع لتأخذ وطرها من الخبز الكثير المرمي على جنبات الطريق وبين شجيرات السّعتر والإكليل والورد البرّي, والعشب الأخضر المنتشر في حدائق الحي."
وتقدم فقراء بلدي. ولكن أين الخبز؟ أنقطع كل هذه المسافة لنظفر بكذب سعادته على ذقوننا؟! ها نحن في قلب حي ميسوري البلد, لآ أثر للخبز, إلا القطط السمينة تنهش, تنتزع بقايا اللحم من عظام كثيرة.
" لا حاشى أن يكون سادرا في قوله, أو قد عني الضحك على فقركم."
وعاد الفقراء وقد شبعوا غضبا وتحول جوعهم سخطا وأرقا.