عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
6

المشاهدات
8089
 
سحر الناجي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


سحر الناجي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
2,001

+التقييم
0.37

تاريخ التسجيل
May 2009

الاقامة

رقم العضوية
6969
09-28-2010, 01:39 PM
المشاركة 1
09-28-2010, 01:39 PM
المشاركة 1
افتراضي ** أوزوريس.. إبن الشمس والأرض


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

** أوزوريس.. إبن الشمس والأرض
بسم الله الرحمن الرحيم

** أنت كمثقف لا تقدر على تجرع ذهولك إذا ما وضع التاريخ نصب عينيك أحداث هشة يرفض عقلك مجرياتها قلبآ وقالبآ , فأنت لا يمكنك أن تتخيل مثلآ بذهنية واعية : أن الشمس - هذا الجرم المتفجر بالويل - كانت إلهة تهبط إلى الأرض وتتنقل بين البشر وتؤثر فيهم .. ثم ترتقي إلى الفضاء كيفما شاءت .. ولن تستسيغ على الإطلاق معتقد أن القمر إله النور يمكنه أن يعبث بمصيرك كما يحلو له .. فماذا بعد ذلك إلا الضلال .. ضلالة ماثلة أمامك تحت القبة السماوية متجسدة بكواكب ونجوم ومجرات , أو آلهة مزروعة على مروج الكون - كما يدعون - وتنبت في عمرك الأقدار , هل يصح لنا الخنوع لمثل هذه الخزعبلات بعد أن اقتحم الإنسان حدود المستطاع من الكون , وتجاوز جدار الألغاز ليكشف لأهل البسيطة عن حقيقة لا جدال فيها .. وهي أن للكون إله واحد لاشريك له .
أمام هذا الكم الضخم من محصلات الزمان الخرافية , ليس بمقدورك إلا القبول بأهون الأمرين : إما ان تصدق وتذعن كما يفعل الكثيرون الآن لتنضم على إثر ذلك إلى طائفة المؤمنين السذج .. أو - وكما هو مألوف بطبيعة الحال - قد تنهض عزائم رفضك لتركل هذا الضيف الخرافي الأسود من حواسك ..
وفي توقعي أنك لو أقدمت على هذه الخطوة الشجاعة فربما يلطم أسماعك ووعيك بشئ من أصوات السخرية التي توصمك بالرجعية والتزمت والتي قد تدعو إلى نفيك خارج نطاق المجتمعات المتحضرة .. والغالب عليك بعد ذلك أن يبرح وجهك منضمآ إلى القائمة المحظورة .. وهي لائحة تحوي أهم الأسماء المكذبة لتعاويذ الزمان ورجعيتها المقدسة حسب زعم من يدعي ذلك ويدعو له ..

** مابين الحقيقة والخيال

الحقيقة استوقفتني أسطورة فرعونية قديمة كانت تفاصيلها قد شاعت - حسب مصادر متعددة - عام 4000 ق.م , وكعهدنا بكافة الأساطير التي تتسلل إلى إنتباهتنا , فإن هذه الحكاية مرتبطة وبشكل وثيق بالمعتقدات الدينية المنبثقة عن العهد الفرعوني المفرط بأساطيره وخرافاته , ولكن قبل أن نمضي قدمآ ونتعمق في أحداث الرواية علينا أولآ أن نتطرق إلى الجانب الآخر والواقعي منها .. وهو برأيي أقرب إلى التصديق والصواب , حيث يشاع أن أصل اسطورتنا يعود إلى قصة من الواقع وكان بطلها ملك حقيقي حكم منطقة شرق الدلتا في مصر (بوزيروس) وهي ما تعرف حاليآ ب (بنها وأبو صير ) , وكان هذا الملك قد مات غرقآ بيد شعبه وبسبب ثورة قامت ضده في مدينة (أتبوس) وهي (طوح) الآن , وبذلك انقسمت مصر إلى مملكتين .. إحداهما في الدلتا والأخرى في الصعيد , وانعكس هذا الصراع الزمني على مجرى الأحداث وكذلك على أدمغة السذج من العامة .. فظهرت الأسطورة التي نحن بصددها ..

** أوزوريس وإيزيس

تبدأ الأسطورة بذكر أوزوريس الذي كان إبنآ لإله الأرض والذي بدوره اانحدر من سلالة إله الشمس (رع), حيث تملك هذا الشاب عرش مصر وأصبح معلمآ بارعآ لشعبه في كيفية الزراعة وصناعة الخبز وما عداها من مهارات سعى لأن يتقنها عامة شعبه ..
وبما انه كان لدى الفراعنة تقاليد وطقوس مقدسة كانت قد صاغتها أدمغة أكابرهم وجعلتها ناموسآ لكل من يستلم زمام الحكم في البلاد , فكان من الجائز في عرفهم أن يتزوج الأخ بأخته .. بل واعتبروا ذلك من أهم السبل لحفظ نسل الآلهة وإنتاج جيل إلهي جديد حسب شريعتهم , لأجل ذلك تزوج أوزوريس من أخته إيزيس حيث تعاونا معآ على تشكيل حضارة جديدة ونشرها في كافة البلاد ..
والأسطورة تفصل بإمعان مدى تعلق الشعب بملكه أوزوريس الذي كان يتمتع بصفات حميدة من الخير والطيبة مما أهلته لأن يتربع على عرش قلوب الناس , ومما جعل بالتالي الغيرة والحقد يدبان إلى قلب أخيه (سيت) الذي بات لا هم له ولا شاغل سوى التخطيط للإطاحة بأخيه الملك والتخلص منه كي يستولي هو على العرش ..

** الملك الغريق


أعد سيت خطة جهنمية لنيل مأربه في إقصاء مليكه تجلت بإقامته لوليمة فاخرة دعا إليها أخاه الملك ووجوه القوم , وكان قد أمر مسبقآ بصنع صندوق فاخر لا مثيل له وذلك للتظاهر بالدعابة والكرم أمام الحضور .. ثم أثناء الحفل دعا القوم كل على حدة للإستلقاء في التابوت فمن وافق قياسه فهو له ..وبالطبع سيت الشرير كان قد أعد هذا التابوت تمامآ على مقاس أخيه , فما كاد أوزوريس يستلقي فيه حتى أغلقه سيت وأعوانه عليه .. ثم رموا به في النيل حتى يقضي الملك غرقآ .. وهكذا نجح سيت في غايته واستولى على ملك مصر ..
أما إيزيس فلم يهنأ لها مقام حتى تقف على حقيقة ما جرى , فأخذت الملكة الوفية تجمع الآلهة حولها وقامت بالبحث عن جثة مليكها , ولكن حين تناهى إلى علم سيت ما تفعله زوجة أخيه , قام بإخراج جسد الملك القتيل ثم قطعه إلى 14 قطعة قام بتوزيعها على أماكن متعددة ومتباعدة .. ورغم ذلك نجحت إيزيس وبمشقة بالغة في العثور على الأشلاء حيث جمعتها وقامت بمساعدة الآلهة من خلال سحر عظيم بإعادة أوزوريس إلى الحياة .. وعاد الملك ولكنه لم يعد كما كان رغم أنه برح ملكآ خالدآ لعالم الأموات الآخر وذلك حسب الأسطورة .. لأنه بزعمهم فقد خصائص البشر الفانية .. فبقي معلقآ ما بين عام الأموات والأحياء .. وتنتهي هذه الخرافة بالقول أن حورس إبن أوزوريس هو من تصدى لعمه الظالم سيت وقام بقتاله حتى استعاد ملك أبيه المغتصب ونصب عليه بدوره ملكآ ..

* بقلم : سحر الناجي