الموضوع: نهاية ظالم
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
22

المشاهدات
7192
 
د محمد رأفت عثمان
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


د محمد رأفت عثمان is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,305

+التقييم
0.36

تاريخ التسجيل
Jun 2014

الاقامة
سوريا

رقم العضوية
13019
12-26-2014, 08:33 AM
المشاركة 1
12-26-2014, 08:33 AM
المشاركة 1
افتراضي نهاية ظالم
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على خير الخلق سيدنا محمد
يفسد في الأرض , ينشر الأكاذيب و الضلالات , يفتري و لا يقف عند حد من حدود الله عزوجل , يرتشي و يظلم , يفطر في رمضان و لا يصلي , يتكبر و يتغطرس , يشتم و يسب , يغتاب و يمشي بالنميمة , يسخر و ينشر الرذيلة , لا يعرف العفاف بل يدعو إلى الفاحشة , ينتهك أعراض الناس و يغتصب حقوقهم , لا يذكر الله و لا يحترم إلا القوي الظـالم , ينفق ماله في محاربة الإسلام و الفضيلة , يسكن في بيوت كبيرة فاخرة , و يتنقل في سيارات و طائرات فارهة , يلبس أغلى الثياب و يتناول ألذ الأطعمة , يحصل على ما يشاء من ألقاب , أمره أمر و نهيه نهي , يحرسه الكثير من الرجال الأقوياء مستعينين بما يشاؤون من وسائل مساعدة , لا يعرف الخوف و لا المرض , يعالج نفسه من أدنى شكوى و يعتني بصحته لأبعد الحدود , لا يندم على فعل فعله و لا أمر عمله , يحدث نفسه أن انتظر أيها الإله سيأتي يوم أتخلص منك و من تهديداتك , و سأجلس مكانك , قد مللت منك و من تحكمك بنا , مهما أشار إليه أحد بشيء بسيط ليرتدع و يعود إلى جادة الحق و الصواب فإن ذلك كان يستفزه و يغضبه و يثير حمية الجاهلية في نفسه , و لكن و فجأة و بعد زمن قد طال و ظن أن الدنيا قد دانت له رأى خلقاً سود الوجوه , تحمل ناراً , قد ملأت المكان و انتشرت في كل النواحي , أصيب برعب شديد و خوف قاتل , سمع من يقول أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله و غضب , شعر بآلامٍ فظيعةٍ ما شعر بها أبداً من قبل , و شعر بروحه تخرج , تقطع العصب و اللحم , حتى إذا أصبحت خارج الجسد ملأت المكان برائحة كريهة جداً و بدأت تحرقها نيران الكفن التي وضعت فيه , بدأ يكتوي بها و يزداد كربه , يتألم ألماً ما ذاق مثله قط و هو الذي ما أتعب نفسه في معرفة تفاصيل الموت و لم يكن يحب هذا الحديث , و لكن إن غلب على ذهنه خاطر الموت في لحظة ما فإنه كان يسارع لتخدير نفسه بأن الموت ما هو إلا فناء أو ربما نوم عميق , وجد نفسه يطير في السماء مع الملائكة , لم يستطع أن يأتي بأي فعل و لا أن يهرب منهم بأي حال , أصابه حزن شديد و هم كبير , توالت الأحداث عليه بسرعة و هو الذي كان يظن أنه في حال أن مات فإنه سيكون جثة لا تشعر و لا تتألم و أنه سينتقل ببطء إلى قبره معززاً مكرماً , وصلوا به إلى السماء الدنيا و لكن أبوابها لم تُفتح , رموه إلى الأرض , هاله السقوط المخيف من هذا العلو الشاهق و هو الذي كان لا يصعد لأدنى منه إلا و قد أحكم الأمان , أراد أن ينتهي كل شيء , في قبره و بعد أن دخل في جسده مرة أخرى أتاه ملكان مخيفان , يسألانه بانتهار شديد و بصوت كالرعد القاصف عن ربه و دينه و الرجل الذي جاءهم و هو يقول لا أدري , فيقولان لا دريت و يضربانه بمرزبة من حديد , كانت الأمور مخيفة مرعبة و كم أرعب إنساناً و أخاف بشراً , ما كان أحد يجرؤ على مناداته إلا باحترام كبير , ألبسوه ناراً و فرشوا له ناراً و فُتح له باب من النار , يأتيه من حر جهنم و سمومها إلى يوم القيامة , لم يكن قد مضى على موته ساعات و ها هو قد عانى خلالها ما عانى , امتلأ كيانه حزناً على ما هو فيه و على ما صار إليه , على فراقه المال و الأحبة , و الجاه و المنصب , و الدور و القصور ... كان العذاب شديداً لا يطاق , يضيق عليه قبره فيحطم أضلاعه , يأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح فيقول أبشر بالذي يسوؤك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول من أنت فوجهك الوجه يجيء بالشر فيقول أنا عملك الخبيث , فيقول ربي لا تقم الساعة ربي لا تقم الساعة ... استمر الكرب , نيران تحرق و تنانين تنهش , كئيباً حزيناً , معذباً عطشاً تمر عليه اللحظات كأنها سنين , لا رشوى تنفع و لا جاه يدفع , مضى أسبوع و لم يتغير شيء , مضى شهر و العذاب مستمر لا يُخفف عنه , مضت سنة و الكربات في ازدياد , كربات العذاب و الفراق , فراق الأحبة , فراق المال و تعب السنين , الذل يحيطه من كل ناحية , تارة يتمنى ايقاف العذاب كله و تارة يتمنى ايقاف شيئاً منه , تارة يتمنى شربة ماء و تارة يتمنى لقمة طعام ... الناس الأحياء على الأرض تذهب و تجيء , لا أحد يحس بما صار إليه هذا المتكبر , أقرباؤه يزورون قبره في الأعياد غير شاعرين إلى ما آل إليه حاله , و لو رأوا جزءاً يسيراً من عذاباته لفروا منه و ما عادوا إليه أبداً , متكبر آخر قد حل محله , يزبد و يرغي , و الناس تقول أين عقاب الله له , و هل يستطيعون رؤية عقاب الله له ؟!
مضت السنين عليه بطيئة , عشرات السنين , مئات السنين , شعر كأنه ما عاش في الدنيا أبداً , كأنه خُلق في العذاب و للعذاب فقط , قامت القيامة , بين أقدام الخلائق يقف صغيراً ذليلاً , محشوراً بينهم لاوزن له و لا قيمة , أزرق اللون أعمى العيون , لا يبصر و لا يرى ما يحدث حوله , أحرقت الشمس رأسه و كيانه , غمره العرق , يسود وجهه و يضخم جسده و يُلبس تاجاً من نار , أحبابه الذين كانوا معه في الدنيا كرهوه و عادوه , فروا منه , صدمه ما رأى فاشتد كربه , عذابات تلو عذابات , و كربات تلو كربات , قد طالت ساعاته و أيامه , إلى من يلجأ و بمن يعوذ , عظم ندمه و تمنى الخلاص , و لا أمل , كئيباً متشائماً , متحسراً على ما فات و انقضى , أرهقته الأثقال العظيمة التي يحملها , أرهقه حمل الأراضي و العقارات التي اغتصبها و سرقها في الدنيا , تمنى جرعة ماء و هو الذي لم يعد يعرف طعمها منذ أمد بعيد , سيق إلى جهنم , طعامه الذي لا مفر منه زقوم يغلي , و شرابه الكريه الذي قرف منه و ليس منه بد عصارة أهل النار "طينة الخبال" , ينزل فوق رأسه الحميم و النيران تحيط به من كل مكان , العذاب فوق قدرة الاحتمال , نادى مع المنادين يا مالك ليقض علينا ربك , قال إنكم ماكثون , ثم دعا ربه مع الداعين " رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ , رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ , قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ " .
------------------------------------------
- و إن العبد الفاجر أو الآخر إذا كا في انقطاع من الدنيا و إقبال من الآخرة نزل عليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم أكفان المسوح حتى يجلسوا منه مد البصر و يجيء ملك الموت فيجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله و غضب .............حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا فيستفتحون له فلا يفتح له , ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم : لا تفتح لهم أبواب السماء و لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط , فيقول الله تعالى ذكره : اكتبوا كتابه في أسفل أرض في سجين في الأرض السفلى و أعيدوه إلى الأرض فإني منها خلقتهم و فيها أعيدهم و منها أخرجهم تارة أخرى , قال : فتطرح روحه فتهوي تتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق , فتعاد روحه في جسده و يأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك , فيقول : لا أدري , سمعت الناس يقولون , فيقولان : ما دينك : فيقول : لا أدري , فيقولان : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم , فيقول : لا أدري , فينادي مناد من السماء أن صدق فافرشوه من النار و ألبسوه من النار و افتحوا له باباً من النار فيأتيه من حرها و سمومها و يضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه و يأتيه رجل قبيح الوجه ..............فيقول : أنا عملك الخبيث , فيقول : رب لا تقم الساعة , رب لا تقم الساعة .
الراوي : البراء بن عازب – المحدث : ابن جرير الطبري – المصدر : مسند عمر – الصفحة أو الرقم : 494 /2 – خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح – المصدر : الدرر السنية

- بسبب الصعوبات التقنية فإننا نعتذر عن كتابة الآيات القرآنية في هذا المتصفح بالرسم العثماني المعتمد و استبدلنا ذلك بكتابتها بالرسم الحديث برواية حفص عن عاصم من موقع الأستاذ عبد الدائم الكحيل .
الكاتب : د.محمد رأفت أحمد عثمان/دمشق – آخر تعديل 26 كانون1 2014



لاإِلَـهَ إِلا اللّـه - مُحَمّد رَسولُ اللّه