عرض مشاركة واحدة
قديم 05-03-2014, 01:53 AM
المشاركة 42
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
هو عمل يستحق التثبيت و من خلاله أبتغي قراءة في أدب روان عبد الكريم

سأبدأ هنا بموضوع الهوية كسؤال يستفز المتناول لأعمال روان عبد الكريم و من خلال هذا العنوان نحاول أن نستقرئ جوانب شتى من هذه الأعمال .

الهوية في أدب روان عبد الكريم

تظهر الذات الإنسانية في أدب روان عبد الكريم كمستعمرة لهويات تتنازعها الأبعاد المختلفة للهوية متجسدة في الآتي :
ـ البعد الجغرافي : إن لم نقل التحدي الجغرافي ، حيث تنتقل بين الأمكنة كحضور للهم المشترك في الشرق العربي فلسطين لبنان الأردن سوريا والخليج لتجتمع هذه المحطات في القاهرة كمركز لهذا القطب الجغرافي الممتد في علاقة جدلية يتماوج فيها التأثر بالتأثير .
ـ البعد الديني : كصراع و تناحر و حوار للأديان في نفس الرقعة الجغرافية بين الديانات السماوية الثلاثة بجوانبها الفلسفية و افرازاتها السياسية .
ـ البعد العشائري و القبلي و العرقي كمكون له ثقله الوازن في تركيب الشخصية و الهوية ، و العائلة بمفهومها الصافي و النقي كسلالة سامية و انفتاح أبنائها على علاقات تفرز هوية هجينة .
ـ البعد الثقافي : كحمولة قومية و مكون أفريقي دون إغفال الشق الإنساني الكوني المعولم .
ـ البعد الوطني : كحضور للذات المصرية الفاعلة بنخوتها التاريخية الفرعونية كترسيخ لثقافة الإنسان "الاله" القادر .
ـ البعد التاريخي : المتمثل في الاعتزاز بالماضي و محاولة التحرر من الثقافة الاستعمارية و حملة نابليون بالخصوص ، و الانكفاء على الذات و التستر وراء الأعراف و القيم الذاتية .
البعد التربوي : كشخصية مؤمنة متدروشة محبة للخير ميثالية التوجه ، منسحبة من معترك الفعل . و التي تنتفض فجأة باحثة عن الذات .
سوف لن أتحدث هنا عن تغليب جانب هوياتي على غيره بقدرما أروم إلى تبيان هذا التنوع و هذه الفسيفساء التي تحضر في أعمال روان عبد الكريم و يجعل شخوصها تتقمص أدوارا عدة و تتعرض لتمزقات نفسية نتيجة التنوع الهوياتي الذي ينحرف عن سنة التعايش و يتوجه نحو انغلاق يفقد الشخصية مرونتها ويجرها إلى الاحتراز من الآخر الذي ينتقل من الشريك إلى المنافس و منه إلى العدو .

أدب روان عبد الكريم لا يمكن سحبه من سياقه التاريخي إذ ينهل من تشعبات الربيع و التشظي الحاصل في المنطقة بشكل عام مما يجعل الهوية إشكالية مؤرقة ، أمام تعدد التوجهات الفكرية والإيديولوجية و عدم القدرة على تغليب نقط التوافق مما أنتج تمزقات في بنية الذات نتج عنها الفصام و التخبط و الانزلاق إلى سلوكات مشينة.

بطلات روان عبد الكريم يعانين ازدواجية الشخصية و أزمة هوية ، فكلهن ينحدرن من زواج مختلط " أب مصري و أم أجنبية أو العكس ، من ناتالي شادن في أحلام المطر و زرد الصغيرة في سيدة النبوءات حيث مصدر لعنة الهوية التي أصابت وجد وتصيب باقي السلالة ، وصولا إلى ديان في حافية على جسر طبيرية .
شخصيات بطلات تمزقت حياتهن وحملن كراهية غريبة لذوي القربى ، أي كراهية للذات . اي عدم القدرة على استيعاب التنوع في الهوية ، ولا أعتقد أن رمزية الأنثى كوطن و كمنبع للسكينة كان غائبا هنا ، فما اعترى الأوطان من تشوهات من خلال صراع روافد الهوية كان بالذات هو ما جعل شخوص النصوص ينالون هذا النصيب الأوفر من الإحساس بالغربة و انعدام الأمن .

يتبع