عرض مشاركة واحدة
قديم 05-29-2013, 07:00 PM
المشاركة 3
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


هي الحياة مراحل ، كل مرحلة تفرض علينا فرضا ، فالجسد وتغيراته تكرهنا على خلق توافق معين مع مستجداته ، فكما تلك الفترة بين الطفولة والشباب تزخر بالاندفاع حيث صلابة الجسد والتغيرات الهرمونية ، تأتي المراحل المتقدمة في العمر بعلامات هي التي تحد من ذلك النشاط وتلك الفتوة ، فذهاب النضارة و ظهور التجاعيد والشيب في مرحلة الكهولة غالبا ما يكون لها تأثير عميق على النفس التي ألفت ذلك الكمال و ذلك الرغد ، فتلك التقلبات هي التي تجعل بداية المرحلة الثانية من العمر لا يسودها الارتياح إذ تحتاج النفس البشرية إلى مدة معينة لتقبل الوضع الجديد ، فكلما تجاوز الفرد تلك المرحلة بسلاسة ودون تأثر كبير واستطاع التأقلم مع المعطى الجديد كان إقدامه على الحياة مرنا وسهلا ، وإن استعصى عليه الأمر تجسدت عقد جديدة تنضاف إلى مركبات نقصه السابقة فتتأزم حاله ، وهذه الفئة لا تستطيع أن تعمر طويلا ، لأنها تنهك أعضاءها الحيوية ، فتتناسل فيها الأمراض بشكل غريب .
هل فعلا المعرفة بالشيء تستطيع أن تجعل الفرد يمتلك حسن التصرف عندما يوضع قيد التجربة ، هنا تطرح علامة الاستفهام الحقيقية ، فعلى مر العمر والإنسان مدرك لكل المراحل ، ويرى رأي العين النماذج أمامه ماثلة ، لكن يصعب تقبل التقهقر ، فمثلا الشخص الذي يتجرأ على القوانين فهو يعرف تمام المعرفة أنه عندما يتم ضبطه سيدفع غرامات وينال جزاءات معينة ، لكن عندما يضبط ويدفع الثمن يحس بالغبن و نوع من عدم الرضا . أظن أن ترويض النفس ليس بالأمر السهل ، و كذا جعلها تتقبل ما ترفضه ، فلا أعتقد أنه يوجد في الكون من يحب أن يشيخ ، أو حتي يتقبل هذا الوصف ، فيقول بنفس مطمئنة أنني شيخ .
يظهر هذا جليا عند المرأة حيث المشاعر تظهر بوضوح ، فهي لا تحب أن تذكر سنها الحقيقي ، لأنها ترفض رفضا باتا هذا التقدم في السن والذي يعني بالضرورة اقتراب ساعة الأفول ، هذا الرفض ربما يستحسن من جهة أخرى فهو ما يجعل الفرد يمتلك أمالا أخرى و يستنفر في ذاته حب البقاء، فتزداد عنايته بمظهره وجسده مؤجلا ذلك الغزو المفاجئ لأعراض الشيب ، فيتقلص تأثيرها على النفس و يساعده ذلك على تجاوز هذه المرحلة المفصلية من عمر الإنسان.

شكرا للدكتور زياد الحكيم ، و للأستاذ أيوب .