عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
2

المشاهدات
3525
 
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


ياسر علي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,595

+التقييم
0.38

تاريخ التسجيل
Dec 2012

الاقامة

رقم العضوية
11770
12-08-2014, 02:23 AM
المشاركة 1
12-08-2014, 02:23 AM
المشاركة 1
افتراضي الإشارة في معجم ريم وفي قاموس كويلو
الإشارة في معجم ريم وفي قاموس كويلو

رغم أن ريم أصابتها الدهشة و هي تجد نصها إشارات لؤلؤية في قراءة مقارنة مع واحد من نصوص الأديب الفرنسي موباسون فلا بأس أن أتناول هنا في هذا الموضوع الإشارة في عملها و في عمل باولو كويلو في روايته المشهورة الخميائي l'alchimiste

لا اعتقد أن هناك من سيصنف عمل كويلو خارج الأسطورة لاحتوائه في كثير من المحطات على الفنتازيا ، بل اضطر كويلو لوضع زمن نصه قبل العلمية ليجد مصوغا لبناء قصته بأريحية ، فالمعلوم أن الكمياء التقليدية l'alchimie كان موضوعها الصناعة المعدنية و بالضبط المعادن النفيسة كالذهب والفضة بالإضافة إلى الصيدلة متمثلة في الأدوية والخلطات الطبيعية ، و لكون العلمية لم يتم مأسستها بعد يومئذ ، فكان إدخال الغيبيات لهذين المجالين مفتوحا أمام البعض ، فوقع الخلط بين الكمياء و السحر و الشعوذة ، فانبرى بعض " الكميائيين " إلى البحث عن كيفية تحويل كل المعادن إلى الذهب و تحويل الأدوية إلى إكسير حياة .
لكن منذ ظهور العلمية تحول الكمياء la chimie إلى علم و موضوعه المادة و التفاعلات التي تقع فيها ومكوناتها .
فإذا كان كويلو جعل زمن النص في فترة ما قبل العلمية فليكتب قصته بكل أريحية خارج الضوابط العلمية ، رغم أنه شحن النص بمجوعة من المقاطع الفلسفية والعلمية المرتبطة أساسا بالتنمية البشرية والإيمان بالحلم أو إماكنية تجسد الأسطورة الشخصية أو الذاتية حسب تعبيره ، لكن هذا لا يمنع أنه دخل في تشعبات كثيرة مستحضرا الفكر الصوفي و كذا "الإلهام" المتمثل في الإشارات الخارجية التي تواكب تحقيق الأحلام .

ريم بدر الدين اختارت في عملها الواقعية وانطلقت من شيء محسوس و هو العقد ، مستحضرة ثقافة التطير كموروث شعبي ، فجعلت العقد حامل فأل خير و حاملا فال شوم أحيانا أخرى كظاهر للنص لأسباب فنية لتركيب نصها على مركزية العقد و لآلئه .

الخميائي كان بطلها مضطرا للهجرة و و كذا لممارسة طقوس العزلة في الصحراء و الاغتراب في سبيل اكتساب منطق الكون والتقاط إشاراته في سبيل الوصول إلى كنزه و من ثم يحقق أسطورته الشخصية ، معتمدا على قوانين مثل :"حظ المبتدئ " كإشارة أن الطبيعة تساندنا في البداية لكنها قد تتخلى عنا متى خالفنا قوانينها . و هنا تكون الإشارة خارج الذات و مهمة الذات هي تلمس هذه الإشارة و ذلك بتطويع الذات لاكتساب قانون الطبيعة .

ريم بدر الدين تنحو منحى آخر فتعتبر العقد جزءا من الذات ، بصفته تعبير عن الموروث الإنساني وبصفته واحدا من رموز الجمال التي أبدعها الإنسان ، وكذا عندما جعلته يتقمص وظيفة الحب " كرابط إنساني " رمز الزواج الذي يعتبر من أهم رموز المسؤولية في ثقافتنا . هذه الحمولة تجعل العقد جزءا من الذات و ليس غريبا عنها و أيضا حملته حمولة الثقافة والموروث القيمي عامة .

كويليو يجعل الإنسان الناجح أو الذي يريد تجسيد أسطورته ، أن يتبع إشارات خارجة عن الذات وصادرة من المحيط " الكون" فمن جهة نرى الإنسان هنا منقاد لقوى خارجية و من جهة أخرى فهو رهين سيطرة قانون الطبيعة والمحيط . فيكون الإنسان يمارس نوعا من السلبية و ينتظر إملاءات خارجية تقوده إلى برالأمان .

ريم تعتبر لآلئ العقد حكاية مخاض دام أعواما ، فهو لا يمثل إلا اسقاطات الذات نفسها و تفاعلات الذات مع محيطها ، فلنأخذ مثالا : فكلما وصلت البطلة إلى فضيلة في عمل معين وفق الصبغة القديمة للفضيلة أصابها نوع من الارتياح يتم إسقاطه على العقد فترى فيه إشارات تفاؤل ، وكلما كان المستجد لا يتوافق مع توازن الذات أصابها القلق المشروع وأسقطته على العقد كألم و كبحث عن توازن جديد للنفس ، فالرحلة عند ريم لا ترتبط بالقدرة على تطويع النفس لتتلاءم مع المحيط بل بجعل الذات الفاعلة توافق بين الموروث والمكتسب الجديد ، أي أن الذات هي من يجب أن تتحكم في المحيط طبعا في إطار معقول .

خلاصة القول فالإشارة عند كويلو خارجية مرتبطة بقانون غير قابل للتغيير ، مرتبطة بقلب الكون أو روحه ، أو بقانون الطبيعة ، بينما ريم تجعل الخيار بيد الإنسان نفسه أي أنه هو المحرك للطبيعة و الفاعل في تغيير الطبيعة ، فالإشارة عندها هي تلك الخبرات التي اكتسبتها و طورتها من تجارب الحياة ، فالإشارة هي فعل واع نمارسه ، هي قراءة موضوعية للمحيط و نصل إليها انطلاقا من تفاعل حقيقي معه سعيا لتطويره وتجديد قوانينه مع الحفاظ على إنسانيتنا .


أكتفي بهذا القدر و شكرا .