الموضوع: وَحدة الوجود !
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-29-2013, 09:44 PM
المشاركة 8
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وَحدة الشهود:
الشهود في اللغة: حضور الشيء ، معَ إدراكه : إمَّا بالبصر و إمَّا بالبصيرة.
الوَحدة هي الإنفراد.

موقف الصوفية من وحدة الشهود:
قَسَّم كثيرٌ من العلماء و الباحثين الوحدة قسمين:
1. وحدة الشهود: و يعنون بها تلك الحالة النفسية التي تحصل لبعض العُبَّاد، حينما يذهلون عن العالم ، و لا يشعرون به ، وع اعتقاد أنه موجود وجوداً حقيقياً غير الله (1)
2. وحدة الوجود: و هي اعتقاد أن وجود العالم عين وجود الله.
و أرى أنَّ هذا التقسيم غير واردٍ على الصوفية، لأن الصوفية لا يعتقدون وحدة الشهود بهذا المعنى ، لتضمنها الاعتقاد بوجودين: وجود واجب قديم ، و وجود ممكن حادث ،بل يرون أن هذا الاعتقاد إنَّما هو للمحجوبين العوام ، أو على أحسن الأحوال للمبتدئين في سلوك طريق التصوف ، الذين لم يعفوا بعد الحقيقة.
ولكن الصوفية قد استخدموا مصطلح (وحدة الشهود) في الدَّلالة على معتقدهم في الوجود، فحيثما ورد هذا المصطلح في كلام القوم فإنَّما يعنون به: استشعار الصوفي وحدة الوجود، و شهوده الدائم للوجود الإلهي في مظاهر الكون.
يقول ابن البنا السرقسطي في منظومته (المباحث الأصلية ):
ثُمَّ امتحى (2)في غاية الشّهود **** فأطْلَقَ القولَ : أنا معبود .
و يقول محمد السمنودي: ( المشاهدة : هي رؤية الحقّ في كلِّ ذرة من ذرات الوجود ).
و قد أشار أحد الصوفية المعاصرين (3)إلي التلازم بين وحدة الشهود و وحدة الوجود ، فقال: ( إذا قال الصوفي: لا أرى شيئاً غيرَ الله ، فهو في حال وَحدةِ شهود ، و إذا قال: لا أرى شيئاً إلا و أرى الله فيه ، فهو في حالة وجود).
و يقول مؤسس الطريقة الشاذلية أبو الحسن الشاذلي: ( أبَى المحققون أن يشهدوا غير الله تعالى لِما حققهم به من شهود القيومية و إحاطة الديمومة).
و قد علَّـقَ على هذه الجُملة شيخ الأزهر السابق عبدالحليم محمود بقوله : ( هذه الكلمة الحق، التي هي تفسير لما يقوله الصوفية في وحدة الوجود).

و بهذا يتضح أن الصوفية لا يقصدون بوحدة الشهود إلا وحدة الوجود، و يؤكد هذا أمور ثلاثة:
1. أن الصوفية كلهم مطبقون على التصريح بوحدة الشهود.
2. أن أهل وحدة الشهود ، المدافعين عنها ، الداعين لها ، هم أهل وحدة الوجود.
3. أن الصوفية مجمعون على التصريح بوحدة الشهود، و مع ذلك فهم يؤكدون أن هناك سرَّا لم يكشف ، و لا يجوز التصريح به (4) ، و لا شك أن هذا المعتقد المستور هو غير وحدة الوجود بتامعنى المشهور منها ، فليس هذا المستور إلا الاعتقاد بوحدة الوجود.

_________________________
قلتُ :
1. و هذا لا يقبله الصوفيون لأنه عين الاثنينية و هم ينفونها.
2. المَحو نقيض الصحو ،وهو من مصطلحات الصوفية التي ابتدعوها تقيـَّة ،و يعني المحوالفناء أي :فناء وجود الصوفي في وجود الله ، و الصحو هو البقاء و المشاهدة .
3. هو نهاد خياطة :كاتب سوري معاصر له إسهاماته في نشر المذهب الصوفي و الدفاع عنه.
4. و لهذا السبب ترى الصوفية قديماً و حديثاً يكفرون الحلاج تقية ؛ لأنه كشف هذا السر و فضح المعتقد ، و بعضهم يعتذر له لأنه لم يطق كتمان السر ، و ممن كفر الحلاج الصوفي المعاصر محمد سعيد رمضان البوطي لذات السبب.

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا