عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
5

المشاهدات
5210
 
عبدالأمير البكاء
من آل منابر ثقافية

عبدالأمير البكاء is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
342

+التقييم
0.07

تاريخ التسجيل
Mar 2010

الاقامة
العراق / النجف الأشرف

رقم العضوية
8844
01-06-2012, 02:17 PM
المشاركة 1
01-06-2012, 02:17 PM
المشاركة 1
افتراضي على مثل هؤلاء ينزل المطر/ بقلم عبدالأمير البكّاء
على مثل هؤلاء ينزل المطر


حين تنعقد المقارنة بين نقيضيْن ، يجد المرء نفسه متيقناً من معرفة

جزاء كل نقيض ، شرا كان أم خيرا ، فيفسره حينذاك بحسب مقدار

عطاء الله سبحانه ، ومباركته للمؤمنين من الناس ، مقابل غير

المؤمنين منهم ، إذ ليس من المعقول ( واللهُ عدلٌ كله ) أن يُكرم

ويبارك في عطاء الفاسق والدجال وذي المكر والرياء والدهاء ،

مثلما يكرم ويبارك في عطاء المؤمن العفوي بفطرته وبساطته ،

وصدقه مع الله والناس ونفسه ، وبالتالي فإن عطاءه سبحانه ،

وفيض نِعمه على الناس ، مرهون بما جُبل عليه واحدهم من عادات

عايشها في محيطه ، زائدا ما اُلهمتْ نفسُه من فجور وتقوى من قبل

الله عزوجل ، وبما أن نسبة الزيغ وتجاوز الحدود الإلهية والمجتمعية ، باتت كبيرة جدا في وقتنا الحاضر، فإن الناس صاروا يتحسرون على أمثلة مشرقة ، حدثت في الزمن الماضي البعيد والقريب أيضا ، لأنهم كانوا يعدّونها مثالا لنقاء السريرة ، وصدق النوايا في دواخلهم ، فباتوا يسمونها ب( أيام الخير ) على قلة المال في ذلك الوقت، وعدم قدرة الناس على إشباع حاجاتهم الضرورية ! ولم يكن ذلك حاصلا إلا لأن غالبية الناس وعامتهم ، كانوا يتصرفون بحسب السجايا والملكات ذات العفوية ، والنوايا الصادقة ، المقرونة بالبساطة في التعامل مع بعضهم ، وبالنتيجة فإن هذه الصفات لابد أن تخلو من الزيف والغش والخداع ، فيبارك الله حينها لهم بالصحة والمال والذرية الصالحة ، وإلا أين نجد في وقتنا الحاضر مثل ذلك الرجل المزارع الذي أراد أن يبيع محصوله من الرز بعشرة دنانير للطن الواحد ، وحين جاءه أحد تجار الحبوب ليساومه على البيع بثمانية دنانير للطن ، رفض المزارع عرض التاجر ، وقام ليصلي ، وبعد انتهاء الصلاة وجد عنده تاجر حبوب ثانٍ يقبل الشراء بعشرة دنانير ، فقال له المزارع : عذرا يا أخي ، أنا قررت مع نفسي أثناء الصلاة أن ابيع للتاجر الذي جاء قبلك بثمانية دنانير ، لذا فأرجو أن تناديه للإتفاق معه على المئة طن التي أراد شراءها !! .. مئتا دينار خسرها هذا الرجل بسبب صدقه مع نفسه حين قرر ، بينما نعُدُّ مثل هذا الرجل في وقتنا الحاضر من المجانين والأغبياء ، لأنه خسر من المال ما يعادل مبلغ شراء بيت في ذلك الوقت !! كما أين نجد أيضا في وقتنا الحاضر مثل أولئك الناس الذين طردوا أحد الساكنين من حارتهم شر طردة ، حين عرفوا أنه يقتني في بيته جهاز ( راديو ! ) لأن هذا الجهاز في نظرهم شيطان مارد يمنع الرزق والمطر من النزول عليهم ! بينما نجد في وقتنا الحاضر أن البيت الذي يخلو من التلفاز والدش والنت ، فإن أهله من القوم المتخلفين ! ولن نجد كذلك في وقتنا الحاضر مثل تلك المرأة الطاعنة في السن التي رفضت تناول الدواء وهي في أمس الحاجة اليه ، بسبب أن ولدها لم يدفع بعد ثمن الدواء لصديقه الصيدلاني ! معتقدة أن الدواء غير مدفوع الثمن ، لايشفي مرضها !! أما جدتي رحمها الله فقد غطـّت وجهها في بيتنا بعباءتها حين شاهدت على التلفاز المذيع العراقي رشدي عبد الصاحب رحمه الله ، وحين سألتها عن السبب قالت : ياجده ، هذا الرجل شافني قبل اسبوع عند بيت خالتك ، وقبل يومين رآني عند خالك ، واليوم رآني عندكم ، شراح يقول عني ..هذي المرأة صايعه بالبيوت !! بينما في وقتنا الحاضر ، نجد أغلب جداتنا وهن يمسكن بأيدهن الريموت كنترول ليتابعن آخر حلقة من مسلسلها المفضل ، وآخر الأخبار السياسية!
وجدتي هذه لها موقف مضحك ، أذكره هنا لطرافته ، وهو أنها ضاعت عن أصحابها في مكة المكرمة في موسم الحج ، فأخذ متعهد حملتهم ينادي عليها بالمذياع اليدوي باسمها ولقبها ، مكررا النداء عدة مرات وهي قريبة منه وتسمع اسمها وتقول : شوفو هذي الحمارة ضايعه مثلي ، لو تجي معاي نبحث عن أهلنا وتخفف عني الوحشة !!!
على مثل هؤلاء البسطاء ، كانت تنزل الرحمة والصحة والخيرات ، فهم يعيشون على الكفاف لكنهم مرتاحو البال ، ينامون ملء جفونهم ، أما نحن في وقتنا هذا ، فنملك كل شيء لكننا ننام على وسائدنا الوثيرة قلقون !