عرض مشاركة واحدة
قديم 02-19-2013, 08:18 PM
المشاركة 2
د نبيل أكبر
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي تكملة ...


ثالثا والأهم:

جاء في مطلع آل عمران:


الم {1} اللهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الحَىُّ الْقَيُّومُ {2} نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ {3} مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ، إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بـءـاياتِ الله لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ، وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ {4} إِنَّ اللهَ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ شَىءٌ فِى الأَرْضِ وَلاَ فِى السَّمَاء {5} هُوَ الَّذِى يُصَوِّرُكُمْ فِى الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ، لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ {6} هُوَ الَّذِى أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ ءَايَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ
هُنَّ ((أُمُّ الْكتابِ)) وَ ((أُخَرُ مُتَشابهاتٌ)) ،
فَأَمَّا الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشاَبَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ، وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ، وَالرَّاسِخُونَ فِى الْعِلْمِ يَقُولُونَ ءَامنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا، وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألببِ {7}



فقيل في "ءَايَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكتاب وَأُخَرُ مُتَشابهاتٌ" إنَّ بعضَ الآياتِ واضحاتُ الدلالةِ لا التباسَ فيها وهنَّ المُحكماتُ أمُّ الكتابِ، وإنَّ بعضها الآخر فيه اشتباهٌ في دلالتِه وهنَّ المُتشابهات!؟ ومما يُظنُ أيضاً أنَّ {كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا} تأكيدٌ لتفضيلِ بعض الآياتِ على بعضٍ إذ تفهم بمعنى: ليس من شأنِكم أيها الخلق، فاللهُ يأمرُ ما يريدُ، فقد يجعلُ الآياتِ كلَّها بنفس المُستوى من الدِقةِ والمتانةِ، أو يُفاضِلُ بينها. فتم استنتاج النسخ فتكونُ آياتُ "أمِّ الكتاب" ناسخاً، والأُخرُ "المتشابهاتُ" منسوخةً.




كما جاءت عبارةُ {أُمِّ الْكِتَابِ} في موضعين آخرين في المصحفِ الشريف. في الآيةُ 39 من الرعد: يَمْحُوا اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ، وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتابِ {الرعد : 39} ... والآيةِ 4 من الزخرف: وَإِنَّهُ فِى أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِىٌّ حَكِيمٌ {الزخرف:4}.


وقيل في {أُمِّ الْكِتَابِ} أنَّها ليست نفس {أُمِّ الْكِتَابِ} التي ذكرت في آل عمران، بل هي كتابٌ في علمِ الله تبارك وتعالى فيه أخبارُ وإحْصاءُ كُلِّ شَيءٍ مخلُوقٍ ومُقدرٍ وأخبارُ ما كان وما سيكونُ، وكفى بهذا التعارض دليلاً على ضعف الرأيين على سواءٍ ...



ومِمَّا قيل في {يَمْحُوا اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} أنَّه سُبحانَهُ "قد فَرَغَ" من تقديرِ الأمُورِ الكبيرةِ للإنسانِ من شقاءٍ وسعادةٍ وحَياةٍ ومماتٍ وهي مثبتة عنده تعالى في "أُمُّ الْكِتبِ"، ولكنْ ما سِوى ذلك مما هو أصغرُ من الأقدارِ يُجْرَي تغيرُه كُلَّ سَنَة! والقولُ بأنَّه سُبحانَهُ "قد فرغ" من تقديرِ الأمُورِ الكبيرةِ إنقاصٌ لتقدير الله جلّ جلاله. فمعنى هذا أنَّه سُبحانَهُ "لم يفرغ بعدُ من تقديرِ الأمُورِ الصغيرة"، سبحانه وتعالى.



ومما قيلَ أنَّ المَمْحوَ هو المنسوخُ من القرآن وأنَّ أمَّ الكتابِ هي المثبتُ والناسخُ للأحكام والأقدار. وقيلَ أنَّ الأقدارَ تُعادُ كتابتُها كُلَّ سَنَةٍ في ليلةِ القدر وذلك لقوله تعالى: إنَّا أنزَلْنَهُ فِى لَيْلَةِ القَدْرِ.



أمَّا عن "أمِّ الكتبِ" فقيل أنَّه كتابٌ عند الله تعالى فيه ما هو مُثْبَتٌ وكائنٌ إلى يومِ القيامةِ من الأقدارِ، ويقابلُه كتابُ أقدارٍ آخر مُخصصٌ للمسح والإضافةِ.



وهنا نسألُ: ما معنى أنْ تعادَ كتابةُ الأقدار كُلَّ سَنَة؟ أليستْ معلومةً كلَّها صغيرَها وكبيرَها في علمِ الغيبِ عندِه؟ سيقالُ نعم ولكنْ معرفةَ أنَّ القدرَ سيُكتبُ كُلَّ سَنَةٍ يجعلُ الإنسانَ "طامحاً" للعمل ولتغيير قَدَرِه بدلاً من أنْ يكونَ "قانطاً" ومُستسلِماً للقدر الأزلي! فأقولُ وهل أطلعَ الإنسانُ على قدرِه المكتوبِ ليقنطَ؟ هل الاعتقادُ بأنَّ قدرَ الإنسانِ مكتوبٌ منذ الأزلِ يمنعه عن العملِ؟ طبعاً لا للإنسان المؤمن، أمَّا الكافر الذي لا يريد العملَ أصلاً فلن يُعْدَمَ الأسبابَ لتبرير كُفره. ثم هذا "القانطُ" المستسلمُ للقدرِ الأزلي، ألمْ يعلمْ أنَّ اللهَ يغفرُ الذنوبَ جميعاً ... وأنَّه قريبٌ مجيبٌ ... سبحانه؟




وقد تكلمنا عند دراستنا المنشورة للآية 39 من سورة الرعد من بحوثنا وأبدينا اعتراضنا على هذه التفاسير لما فيها من إنقاص من قدره تعالى، إذ لا يحتاج سبحانه وتعالى لكتاب أقدارٍ أو إحصاءٍ أو جَردٍ كما هو حالنا نحن البشر ... فهذا الاعتقادُ يؤدي إلى خَلَلٍ في فهمنا لله تعالى، فاللهُ تعالى أعلمُ وأقْدَرُ وأحفظُ من أنْ يحتاجَ إلى كتابِ إحصاءٍ كي لا تضيعَ منه الأشياءُ، جلّ جلاله ...



ففي عدةِ مواضِعَ من القُرآنِ تأتي عبارة {الكتاب المُبين} وفيها نجْزمُ: أيْ البيِّنُ الواضحُ الجليُ المعاني والألفاظِ والذي لا يعارضُ بعضُه بعضَاً. حسناً ... ولكنَّنا أنفسنا نقول في عبارة {ءاياتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكتابِ وَأُخَرُ مُتَشابهاتٌ} إنَّ بعضَ الآياتِ القُرآنِية فيها اشتباه في دلالتِها!؟



الاختلافُ في تفسيرِ الآيةِ السابعةِ من آلِ عمرانَ والاجتهادُات المتناقضة في تأويلها كان له أثرٌ بالغُ السُوءِ في الفِكْرِ الإسلاميِّ وفي تقديرنا لله تبارك وتعالى ... فالمفسرون ينقسمون إلى فئتين هنا ... الأولى تبتغي الفتنةَ { ... ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ ...} وهؤلاءِ من المنافقين أو من غيرِ المُسلمين. والثانيةُ مسلمون يريدون تأويلَه { ... وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ... } كيفما اتفق، سواءً علِمُوهُ أم لم يعلموه ُ ...



الأجدرُ بنا أنْ نكون من الرَّاسِخين في العلم والإيمان ... ونُقدره حقَّ قدره فنقول: لا عِلمَ لنا ... كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ... فلابدَّ وأنْ يكونَ كُلُّه بمستوىً واحدٍ من المتانةِ والإحكام!



وقد بينا في مقال مفصل قولنا في الآية السابعة من آل عمران وقلنا إن الحروفُ إنما هي كُتُبِ ( ا ب هـ ص ط ... الخ)، وأوَّلُ الأحرفِ الألف (ا) ولذا فهي أصْلُ وأمُّ الكُتب لأنَّ الأمَّ هي الأصل والأول ومنها جاءَ وتشَكَّلَ الآخرون ...



فحرف الألف في اللغة سميت ألفاً لأنها تألفُ الحروف كلها أي تجمعهم وهذا هو دور الأم دوما.



فكيف نُفسرُ عبارةَ {ءاياتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكتابِ وَأُخَرُ مُتَشابهاتٌ}؟ ومن هنَّ {أمُّ الكتاب}؟ ومن هنَّ {الأخرُ المتشابهاتُ}؟



أمُّ الكتبِ هو حرفُ ألفِ المدِّ ( ا ) المرسُومُ المُصورُ في المُصحفِ. فتكونُ الأُخرُ المتشابهاتُ مجاميعَ الأحرفِ الأخرى والتي هي مُتشابهةٌ في رسمِها وصُورها كما في الحروفِ (الكُتُبِ) التاليَّةِ:


( ب، ن، ت، ث ) ... ( ح، ج، خ ) ... ( ص، ض، ط، ظ ) ... وهكذا.



فحروفُ (ح)، (ج)، (خ)، متشابهةٌ في رسمِها وصورِها. أمَّا حرفُ ألفِ المدِّ ( ا ) فلا مُشابهَ له في استقامتِه بين الحروف، وهو "أمُّ الكتب" أي "أمُّ الحروف" أي "أصلُها ومُوَّلِدُها" فكُلُّ مجاميعَ الكتبِ المتشابهاتِ الأُخَرِ مُشتقاتٌ ومُوَّلداتٌ ومُتشَكِلاتٌ ومثنياتٌ منه ...



فجميعُ الأحرفِ والأرقامِ والكُتُب تنتجُ من تشكُّلِ وثنْيِّ أمِّها التي لا عوج لها ( ا ). فحرف الـ ( هـ ) يتوَّلدُ من أمِّ الكتاب ( ا ) بليِّها وثنيّها كالأنشوطةِ، وحروف الـ (ب، ن، ت، ث) تتوَّلدُ من ( ا ) بإسقاطها أولاً ثُمَّ ليِّ وثَنْيِّ طرفيها للأعلى، وحروفُ الـ (ر، ز، د، ذ) تتوَّلدُ من ( ا ) بليِّ وثَنْيِّ طرفها السُفلي للأمام ...



فلا ينبغي إذن فَهْمُ {وَأُخَرُ مُتَشابهاتٌ} بمعنى الشُبهةِ والنقصِ أو النسخِ بأي حالٍ ...


بل هي مجموعاتُ الحروفِ المتشابهةِ في رسمِها وصورِها كما في المجموعةِ :


ب، ن، ت، ث ... أو المجموعة:

ح، ج، خ ... أو المجموعة :

ر، ز، د، ذ ...



بهذا يكونُ معنى {ءَايَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ} أي آياتُ اللهِ تعالى المُتمثلةُ باستخراجِ الأحرفِ المتشابهةِ من أمِّ الكتبِ وكلُّها محكماتٌ سواءٌ المستقيمُ منها أي " أمُّ الكتابِ ا " أو الأخرى المُلتويةُ المُعوجةُ المثنيَّةُ المُتشابهةُ في الرسم والصورةِ (ح، ج، خ).



فـ "ءاياتٌ مُّحْكَمَاتٌ " لا تعني آياتِ القُرآنِ بالمعنى الحرفي، فمن المعْلُوم أنَّ الله تعالى يذْكُرُ من آياتِهِ ما يشاءُ، والأحرفُ كلام من كلامه تعالى وهي أيضاً آياتٌ من الكتابِ، بل هي أصلُ ( لُبُّ ) الكتاب وأصلُ الآيات ...



لنُعِدِ النظرَ الآن في الآيةِ 7 من آلِ عمرانَ ونفسِرُها على ضوءِ ونور أمِّ الكتاب:


هُوَ الذِى أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكتابَ ((الحروف)) مِنْهُ ءاياتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ:

الأوَّل : أُمُّ الْكتاب (أي حرف ألف المدِّ ا )

الثاني : وَأُخَرُ مُتَشابهاتٌ ( أي متشابهة في صورتِها مثل المجموعة : ب، ن، ت، ث )


وكُلّهنَّ – أي الأوَّل والثاني - ءاياتٌ مُّحْكَمَاتٌ.


فَأَمَّا الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ (أي ميلان) فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشابه مِنْهُ (أي المائلة من الحروفِ لأنَّ قلوبَهم مائلة). كذلك فالجملة لها دلالات أخرى. فالزيغُ هو الميلُ، وهو عكسُ "أمِّ الكتب حرفِ الألف المستقيم ا " الكتاب الذي لا عِوجَ له فتكون هذه إشارةٌ منه تعالى إلى الربطِ بين الميلِ و الـ "وَأُخَرِ مُتَشبهت" وزيغ وميلان القلوب...


والذين في قلوبهم زيغٌ وميلان: فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشابه مِنْهُ ... أي يتبعون الالتواءَ والاعوجاجَ تماماً كما هي الأحرفُ الملتويةُ المثنيةُ المعوجةُ ... وهم أيضاً مختلفون متعارضون بطرقٍ عديدةٍ كما هي حال الأحرفِ الأخرِ المتشابهات ... التي تتولد من أمها بطرق عديدة مختلفة كحرف هـ مثلا ...



ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ (المنافقون وأعداءُ الإسلام)،
وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ (من يريد تأويله وإن لم يعلم الحق)،
وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ (فالناس أقل من أنْ يدركوه سُبحانَه وأقل من أنْ يفهموا كلَّ كلامه) ...



البعض يترك كلّ ما جاء في المقال من تفنيد للنسخ ويقول "وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ".


المفارقة أنه كيف نجزم بالنسخ دون غيره من التأويلات في الوقت الذي نقول أنه لا يعلم تأويله إلا الله!
فلو قلنا بـ "وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ" فكيف نمسك بالنسخ دون غيره من التأويلات؟


الأمور التي لا يعلم تأويلها إلا الله تعالى هي كل شيء في خلقه أو في كلامه، فنحن لا ندرك من تأويل أي شيء إلا النذر اليسير إذ إن في كل أمر من أموره تعالى ما لايحصى من الإبداعات والاعجازات تتكشف تدريجبا للخلق على مدار القرون.


وبذا تخصيص "وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ" في الآية إشارة منه تعالى أن هناك أمرا مبطناً غير ما يظهر في الآية، فابحثوا فيه أيها الناس لأهميته إذ لكل أمر من أوامره تعالى الأخرى تاويلات لا تدركوها.



نعم لا يعلم تأويله إلا الله، ولكن كذلك ما يفتح الله تعالى للناس من رحمة فلا ممسك لها، يصيب بفضله من يشاء ... وهو ذو الفضل العظيم.


لكنهم يتركون كل الدلائل القرآنية التي تنفي النسخ وتدحضه ويهرعون يبحثون عن آيات متشابهات ليثبتوا النسخ المتشابه في قلوبهم، ولكن الحق:



واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا (الكهف:27)



وَالرَّاسِخُونَ فِى الْعِلْمِ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا (هؤلاء الذين يقولون كلٌ منه سُبحانَه فيجب أنْ يكونَ كلامُه كُلُّه متناغماً مترابطاً بنفس القوةِ والمتانةِ ... لا ناسخ ولا منسوخ)، وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألبابِ (أصحابُ الفطرةِ السليمةِ والأصلِ النقي الذين يقدرونَ الله تبارك وتعالى حقَّ قدره فلا يرضونَ لكتابه بالنقص والتعارض) ...



إشارة لتأويلنا نجد في الآيةِ السابقةِ ورود جملةَ: هُوَ الَّذِى يُصَوِّرُكُمْ فِى الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ ... فكما أنَّ تصويرَ الطفل في رحمِ أمِّه آيةٌ، فتصوير الحروف من أمِّ الكتاب آيةٌ، وكلٌ من عِندِ ربِّنا تعالى يصورُ ما يشاء ... سُبحانَه ...



كذلك فللجملة: فَأَمَّا الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشابه مِنْهُ ... والزيغُ هو الميلُ، وهو عكسُ "أمُّ الكتب ا " المستقيم الذي لا عِوجَ له فتكون هذه إشارةٌ منه تعالى إلى الربطِ بين الميلِ والثنيِّ و الـ " وَأُخَرُ مُتَشابهاتٌ " وهو ما ندَّعي به من أنَّ المتشابهاتِ هي الأحرفُ الملتويةُ المثنيَّة والتي تُشابه بعضَها بعضَاً كما في الأحرفِ التاليَّةِ مثلاً (ب، ن، ت، ث) أو (ح، ج، خ) ...



وتنتهي الآيةُ العظيمةُ بقوله تعالى : وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألبابِ … وفي هذا أيضاً إشارةٌ جليَّة لما ذهبنا إليه من تأويل … فـ : اللبُّ هو الأصلُ والقلبُ وبهذا تكونُ الإشارةُ في آخرِ الآيةِ إلى لبِّ الكتابِ أي أصلِه أي أمِّ الكتاب ( ا ) …




ونختم بخير القول:
قل أرأيتم إن كان من عند الله ثم كفرتم به من أضل ممن هو في شقاق بعيد (52) سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد (53) ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم ألا إنه بكل شيء محيط (فصلت:54)



سبحانه وتعالى عما نقول علوا كبيرا
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه
ومن سار على هديه ببصيرة إلى يوم الدين