عرض مشاركة واحدة
قديم 10-12-2010, 11:38 PM
المشاركة 3
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
* الفصل الثالث * والأخير



تحلقت الأسرة حول عادل . . . واستفسروا عن حاله . . لقد قمت بعمل ظــالم . . .وآذيت أعز الناس . . ولا أدري كيف أتصرف . . .
وتطوعت أخته بارسال صديقة عزيزة من صديقات أمل . . . تهدئ من روعهـــــا . . وتقنعها بطلب عادل . . .
حاولت الصديقة بكل الســـبل الممكنة . . . أقســمت لها بأن عادل يحبهــا . . . وهو لم يطلبها للزواج عطفاً عليها أو شـــفقة بها . . . وإنمـــا لأنه قد أحبهـــــــا فعلاً . . .
كان الرفض القاطع هو الجــواب النهائي . . فهي لن تظلم عادل معها . . وعرف عـادل بإصرار أمل على موقفهـــــا فازداد حزنه . . . وزاد مع حزنـه إصراره . .فأمـامـه حب ساحر يربطه بتلك الفتاة. . . لايمكن تجاهله . . . وهو لا يرغب عنه انفكاكاً . . .
وتمر الأيام وتتوالى الأشهر . . .عادت أمل إلى شرنقتها . . .وصارت تبعد طيف عادل عن قلبها كلما أطل عليها . . . ولم تعد تتجرأ أن تضم السترة الواقية إلى صدرها . . . فقد شـــعرت بأن ذلك لم يعـد من حقهــــــا . . . ممــــا زاد في همهـــــا وانعزالها . . .
أما عــادل . . فلم يتوقف يومــــاً عن محاولاته . . فكان يضع الخطة تلو الخطة . . . يعاونه في ذلك والد محبوبته . . . عسى أن يتمكنا من اقناعها . . ولكن دونما فائدة . . . فهي مؤمنة أن طلب عادل ما كان ليحصل لولا شـفقته بهـــــا . . . وهي لا يمكن لها أن تقبل من أحد شفقة . . . حتى لو كان عادل . . . فالشفقة حين تنقضي . . تخلف وراءها الندم . . وبعد الندم تتسرب السعادة . . وهي لن تقتل حلمها الجميل بيدها أبداً . . .
مرت بعد الحادث سنوات ثلاث . . وأعيت الحيل عادل وأهله . . وكحماســه تحول حماســــهم . . كلهم يريدون أمل . . ولم يطلبوا منه يومـــاً أن يتخلى عن عزمه أو أن يبحثوا له عن عروس أخرى . . .
أمـــا والدة عادل . . التي كــــانت مســـاهمتها لحل القضيـة غير مجديـة . . مثل بـاقي المساهمات . . فقد انبرت في المســــــاء يوماً . . تخاطب ابنهـــا . .
لقد طال الزمن . . ومــازالت أمل مصرة على موقفهــــــا . . لماذا لاتدعني أبحث لك عن عروس غيرها !
اســـتغرب الحاضرون هذا الطرح . . ولكنهم لم يســـــتغربوا جواب عادل . .
أماه . . لقد ربطت روحي بهذا الأمل . . ولن أرضى أن أنعتق منه أبداً . .
فأردفـت أمه . .
إذن فسـوف أضمـن لك في الغـد الموافقــــة على الخطوبـة بإذن الله . .
وتحلق الجميع حول الوالدة . . ولكن كيف . ! ماذا ســتفعلين ! . . لاعليكم . . دعوني حتى الغد . .
في ضحى اليوم التــــالي . . جهزت الوالدة حقيبة ســـفر . . وضعت فيها احتياجاتها . . وكأنهـــا مسافرة فعلاً . . ويممت وجهها صوب منزل أمل . .
فتح الباب . . وشاهد الخادم سيدة يعرفها . . تحمل حقيبة سفر . . دعاها للدخول . . أخبر سيدته . . جاءت على عجل . . ورحبت بالضيفة العزيزة . . ونظرات الاستغراب بادية على وجهها . .
طلبت الوالدة أن تصعد لغرفة أمل في الدور العلوي . . ولم تفسر سبب وجود الحقيبة معها . .
أعلمت المضيفة ابنتها بوجود الضيفة العزيزة وبأنها ستصعد إليها في غرفتها . .
لم تتوقع أمل أن يكون هنالك موضوع جديد إلا ما اعتادت كل حين أن تسمعه . . وما اعتادت دوماً
أن ترفضه . . .
ولكنها ما إن فتحت الباب وفوجئت بوجود حقيبة السفر حتى أسقط في يدها . . وتخلت عنها جرأتها . . وهرب منها اصرارها على الرفض . . حقيبة السفر هذه أثرت بها . . وبلحظة واحدة غيرتها . .
غاليتي أمل . . إن عادل يحبك حقاً . . ولن يرتبط أبداً إلا بك . .وأنت مازلت ترفضين . . ولست على استعداد لاترك ابني في حياته وحيداً . . وقد قررت أن أسكن عندك . . ولن أغادر أبداً حتى توافقين . . . قفزت أمل . . زال عنها خوفها . . تبدد ترددها . . وضعفت أمام هذه السيدة العظيمة . . ونسيت كل كوابيسها وآلامها . . ولم يبق في ذهنها إلا أنها توافق على عادل . . وتتمنى اللحظة التي تجمعها معه زوجاً وزوجة . . إني ياأماه بين يديك ورهن إشارتك . . أوافق على كل ما تريدين . .

إذن لقد وافقت العروس أخيراً . . وانتهت الأحزان . . وبدأ زمن الفرح . . وانطلقت الزغاريد . . تكسر الجليد . . وتذيب ما ران على القلوب من تعاسة وألم . . لقد بدأ عهد جديد . .

تزوج الحبيبان . . ولم يخب أجيج حبهما يوماً . . علما الناس الحب والإيثار . . وكانا مثالاً لكل ماهو جميل . .
على المحبة عشنا . . وعلى المحبة نلتقي . .
أتمنى لغيري أكثر مما أتمناه لنفسي . .
أؤمن بالله الواحد الرزاق . .
لا إله إلا هو . .
هي رحلة قصيرة على الأرض نحياها . .
لنستمتع بعدها بخلود الجنان . .

تلك هي قصة هذه العائلة . .عائلة العادل . .
وكيف أن الألم قد تحول إلى سعادة . .
وأن الخوف قد تحول إلى قوة وفخر . .
وكيف أنه من تحت الرماد . . ينبت الأمل . . .



انتهت . .
** أحمد فؤاد صوفي **