الموضوع: معنى الحياة
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-30-2021, 03:31 AM
المشاركة 5
ثريا نبوي
المراقب اللغوي العام
الشعراء العرب

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية التميز الألفية الأولى القسم المميز شاعر مميز المشرف المميز 
مجموع الاوسمة: 8

  • غير موجود
افتراضي رد: معنى الحياة
وقفت أمام سؤالك كثيراً يا العنود واحترت في الإجابة عنه حتى وجدتُ الإعانة من صديقي الأزلي المتنبي الذي قال:
صحب الناس قبلنا ذا الزمانا*** وعناهم من شأنه ما عنانا
صدقت خبرة المتنبي ولا يزال السؤال مطروحا، علاقة الإنسان بالزمان ومعنى الوجود، إن علامة استفهام ضخمة قد ولدت يوم ولد المخ الإنساني واستقرت فيه، وأحاطت بحدقتي عينيه، فأينما توجه وحيثما نظر لن يحصل على غير علامة استفهام تسلم لعلامة استفهام أكبر.
وليس قولي هذا من نوع التفلسف، فالحقيقة أن الفيلسوف في هذا كالفنان،كالموظف، كالعامل والأمي كلهم تسوقهم غريزة الحياة للعمل والمنافسة واكتناز المال والدخول في صراع المصالح وحلم السيطرة، والرغبة في الخلود بطرق مختلفة.
وقد يكون الطريق إلى الخلود بإنجاب عدد أكبر من الأطفال،أو بناء مدرسة ، أو تأليف كتاب، أو إنشاء جمعية خيرية، ولكن هؤلاء يصلون إلى نقطة أساسية واحدة، لايعرفونها بيقين إلا عندما تضعف عضلات الساقين، وتتقارب الخطوات، وتضعف قوة الإبصار ،فتشوش المشاهدات، وتضعف قوة الرئتين على دفع الأنفاس، وتنقطع الكلمات، ((حينئذٍ وحينئذٍ)) فقط تقفز علامة استفهام من وراء الآفاق لتحتل مكان الصدارة، فتبهر وتحير وتثير الأسئلة التي تؤدي إلى تلك المحطة الإجبارية التي أشرت إليها، وهي ماذا تعني الوجود، وما الثمرة الحقيقية التي نجنيها من معاناة الحياة؟
وأعتقد أن هذا الموضوع ليس من الترف الفكري وليس فلسفة مجردة، إنه سؤال ينبع من ضمير الإنسان وتركيبه العقلي الذي اكتسبه من ممارسة الحياة، وبنائها وبناء التقدم وبناء الحضارة عبر آلاف السنين،فهذه الممارسات علمته أن يبحث عن الجدوى، أن يزرع الشجرة التي تثمر، وأن يكتب الكلام الذي يفيد، وأن يأكل الطعام الذي يستطيع هضمه، وأن يختار الصحبة الطيبة، والبيت الدافئ، والرجل السند.
فإذا كان هذا هو "القانون" الذي ترتبت بمقتضاه خلايا المخ البشري، فما هو القانون الذي يتمكن من إقناع الإنسان باستمرار الحياة، وتقبل الصراع فيها، والفرح بالانتصار، وتحقيق القيمة، والحزن عند الهزيمة؟!
مع أنه يعرف بتيقن أن النصر والهزيمة معا يتوقف مفعولهما في لحظة واحدة عدمية، حين يغادر الإنسان ويستسلم راضياً أو كارهاً للمجهول.
هذه القضية في رأيي هي التي أتمنى أن أفتش في أعماقها عن معنى الحياة، لا لأنني أدعو إلى العبث أو الفوضى،وليس لأنني أخشى الموت، وإنما لأنه المهم أن نبرز أهمية أن يكون الإنسان إيجابياً، قادرا على تبديد المساحات الغامضة والمشوشة حوله، لأن هذا هو الذي يمنحه الشعور الكامل بالحياة والوجود.

لم تكوني بحاجةٍ إلى تصديرِ مقالتكِ الرائعةِ بالمُتنبي، أو إلى الدخولِ من نوافذِ بيتِهِ العتيق
فقد كان الفكرُ حاضرًا والتحليلُ وافيًا وضّاءً، والأمثلةُ لآلئَ مُنضّدةً على طاولةِ الحديثِ الشيّقِ الرشيق
حقيقةً؛ كفيتِنا مؤونةَ البحثِ في متاهةِ المعنى الفلسفي للحياةِ، بأكثرَ مما يليق
دُمتِ واعيةً وأيقونةً للفكرِ العميق

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة