الموضوع: O كانوا هنا .. O
عرض مشاركة واحدة
قديم 11-04-2019, 05:06 PM
المشاركة 106
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: O كانوا هنا .. O
عزيزتي العنود
أذنت لنفسي مساعدتك في انتقاء بعض المشاركات لمن رحلوا
ولمن هم ما زالوا هنا معنا ..
فإليك ..
حكايا زمان في ذاكرة المكان
للسيدة الرائعة ( ريم بدر الدين )
حكايا زمان..

في ذاكرة المكان

تدهشني هذه الحالة التي تنتابني.. أوقن أنها المرة الأولى التي أمر بها في مكان ما لكن ثمة ذاكرة غريبة أتقاسمها معه.. الروائح و الطعوم و الأصوات و كل تفصيل في المكان ..احد الأصدقاء سماها يوما " ذاكرة المكان " أو " شذى المكان".. و أردها أحيانا لفرضية عالم ما قبل الجسد!
بعد زيارة لقصر العظم المتحف الدمشقي المشهور بتماثيله الشمعية التي تجسد تقاليد سورية بالعموم و دمشق بالخصوص من حيث اللباس و العادات و الظروف البيئية المحيطة سألني يوسف الصغير : عندما تطفأ أنوار القصر و يذهب الزوار إلى بيوتهم هل تقوم هذه التماثيل و تمارس حياة أخرى في الليل ؟
هي فكرة مدهشة حقا عززتها لدي لعبة الكترونية اسمها" البحث عن المجوهرات " مادتها خرائط متحف ..بقدر ما هو المتحف جميل و قيم بقدر ما هو مخيف عندما تمارس مقتنياته حياة أخرى مستمدة من ذاكرة بعيدة أو حديثة .
و لكن لماذا أحكي عن هذا ؟
حكايا زمان مقهى في قلب دمشق في منطقة يعرفها الدمشقيون، حي "البرامكة "و و يقع هذا المقهى في الدور الأرضي من عمارة حديثة نسبيا بشكل لا يتناسب مع طراز المقهى و اسمه
ثمة غرابة في المكان أنني لدى مروري هناك للوهلة الأولى أحسست بدافع غريب لاستكشاف المكان لكنني لم أدخله .. أكاد اعرف أمكنة الطاولات و الكراسي، شكل الفنجانين و قطع الحلوى التي تقدم هناك و حتى الأشخاص الذين كانوا في المكان يوما عابري سبيل أو زبائن دائمين .
لا بد أن هذا المكان شهد الكثير من قصص الحب و الانفصال و الصداقة والخيانة و الشراكات و شتى المشاعر الإنسانية حتى المتضاربة منها .
أرجأت عودتي للمكان لأحظى برفقة من أحب أن أدعوه إلى فنجان القهوة و هكذا نحن عادة نظن أننا نخبئ اللحظة في جيب داخلي لنظهرها في اللحظة التي نراها مناسبة و نتناسى أننا بهذا نفوت على أنفسنا اللحظة الأجمل .. و لم يتسن لي العودة إلا بعد عام كامل ..وجدت المكان مقفلا و لا أحد فيه .. قيل لي إنه أقفل منذ شهور لخلوه من رواده تدريجيا و لأسباب مختلفة ..
يجب أن تنتهي القصة هنا أليس كذلك؟
عدت إلى بيتي و جلست إلى مكتبي أفكر في المكان عندما يجن عليه الليل مقفرا مغلقا .. سألت نفسي هل ما زالت تلك الطاولات في مكانها المعهود و فناجين الشاي البيضاء و كراسيه القديمة .. هل في هذه العتمة تتحادث الأشياء فيما بينها و تشي بهمسات تلقفتها من عشاق تحلقوا هنا يوما ؟ كيف لمكان لم ألجه و رامقته من وراء واجهة زجاجية أن يسكنني بهذا الشكل .. صار ديدني كلما مررت من المكان أن أحييه بعيني تحية صديق قديم و أعده أنه لو فتح أبوابه يوما سأتخذ لي مقعدا مع من أحب أن يشاركني قهوتي ..
دمشق 16/4/2012

http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=8596