عرض مشاركة واحدة
قديم 08-26-2017, 02:54 PM
المشاركة 16
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
دعوني اولا اقص عليكم قصة ابو زيد والتي أوحت لنا بهذا الحوار الذي يتطور ويتوسع بشكل جميل وتثقيفي ثم أعود لاستكمال التعليق على مداخلة الاستاذ ياسر لنتعرف اكثر على اليات اتخاذ القرارات العقلية . وقصة ابو زيد هذا من الواقع المعاش وتبدي لنا جانب من القصور العقلي الذي قد نقع فيه ونعيش وكأننا مسلوبي الإرادة او في حالة غفلة لينتهي بنا المطاف نتساءل اين كان عقلي؟!

التحق ابو زيد هذا مؤخراً الى النادي الرياضي الذي امارس فيه تماريني الرياضية . وهو رجل اشيب اغبر في بداية الستينيات من العمر ، ضخم الجثة وبدين وزنه حينما التحق بالنادي منذ مدة قصيرة يتجاوز المائة كيلو غرام.
صرت الحظ وجوده بشكل يومي ، يأتي قبل الجميع ويبقى الى وقت متأخر. مع الايام صرنا اصدقاء نتنافس في لعبة تنس الطاولة ونسبح سويا وغيرها من التمارين الرياضية .
في احد الايام لاحظت جرح بطول خمسة الى سبعة سنتيمترات في الجهة اليسرى وفوق القلب مباشرة . سالته عن ذلك الجرح فأخبرني بانه أجرى عملية لزراعة جهاز يساعد عضلة القلب التي ضعفت.
وفي اليوم التالي وبينما كنا نجلس في غرفة الساونا حكى لي قصته مع عضلة القلب. اخبرني ان وزنه وصل في لحظة ما الى مائة وأربعون كيلوغرام. وان ذلك تسبب وحسب تشخيص الطبيب في أضعاف عضلة القلب التي اصبحت تعمل بقوة 17% فقط من قوتها الطبيعية مما أدى الى تراكم السوائل في الرئتين. وان الطبيب المعالج اخبره بانه بحاجة لتخفيض وزنه بشكل كبير حتى يخف الضغط عن القلب وعضلاته.
يقول ابو زيد فكرة تخفيض الوزن كانت تبدو أمرا مستحيلا وكنت اقاوم فكرة عمل روجيم غذائي. لكنني في احدى الليالي نقلت الى المستشفى وصرت على حافة الاختناق واقتربت كثيرا من الموت عندها قررت ان الوقت قد حان لتخفيض وزني.
يقول ابو زيد وهو يصف ما فعل من اجل ان يعود للحياة بانه توقف عن اكل النشويات والكربوهيدرات والسكريات بشكل كامل تقربيا حتى انخفض وزنه خمسة وثلاثون كيلوا غرام ، وفي تلك الأثناء صار يمارس الرياضة صباح مساء حتى يخفف من وزنه اكثر فاكثر وبالتالي يخفف الضغط عن عضلة القلب والتي ما لبثت ان عادت لتعمل بنسبة خمسة وسبعون في المائة ( 75%) .
وأخذ ابو زيد يتذكر ويقص علي نماذج من عاداته الغذائية التي جعلته يتضخم على ذلك الشكل ، وكيف مثلا انه كان يأكل مع صحن الحمص خمسة او ستة أرغفة خبز ، وانه كان يأكل كمية كبيرة من الرز بشراهة وتلذذ، أما الكنافة النابلسية فيقول انه كان يأكل في كل مرة ما لا يقل على نصف كيلواغرام من الكنافة المحلاة بالسكر والمغرقة بالسمن ... حتى تضخم بشكل مؤذي جدا وهو ما تسبب في أضعاف عضلة القلب.

وهنا تنهد ابو زيد طويلا ووجدته يسأل نفسه يا رجل لا اعرف اين كان عقلي؟

خرجنا من غرفة الساونا وقد علق ذلك السؤال ( اين كان عقلي؟ ) في ذهني وقلت في نفسي وهل يا ترى يحتاج الانسان الى تجربة الاقتراب من الموت حتى يكون قادر على اتخاذ القرار السليم حتى في الصحة والعافية.

لماذا لم يتدارك ابو زيد نفسه قبل ان تتازم معه الامور الى ذلك الحد ؟ لماذا لم يدرك ابو زيد بان ما كان يلتهمه من طعام سيؤدي به الى القبر حتما ؟ لماذا لم يمارس الرياضة ويحافظ على لياقة بدنية وصحة قلبية حتى جاءت تجربة الاقتراب من الموت ؟

فاين تكون عقولنا ونحن ناكل ؟ او نحن كسالى لا نكاد نتحرك من أماكننا حتى تتراكم الدهون ونصبح على شفى شبر من الموت فنهب مسرعين علنا نستدرك الامور.

اين تكون عقولنا حقا ؟




*