عرض مشاركة واحدة
قديم 02-16-2012, 12:10 AM
المشاركة 253
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
33- الاعتراف على ابو الريش الامارات

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة





الرواية الإماراتية
وقائع ملتقى الشارقة الأول للرواية

*عزت عمر

عن سلسلة كتاب الرافد صدر كتاب "الرواية الإماراتية" أعده الناقد والقاص عبد الفتاح صبري، وهو عبارة عن مجموعة من الأبحاث والشهادات التي كانت ألقيت ونوقشت في ملتقى الشارقة الأول للرواية خلال 18 – 19 ديسمبر 2002 الذي نظّمته دائرة الثقافة والإعلام، وذلك من اجل تسليط الأضواء على الرواية الإماراتية ومنجزها بعدما تخطّت مرحلة التأسيس وبدأت تراكم ذاتها كمّاً ونوعاً في المشهد الثقافي المحلي والعربي، من خلال توجّه الكتاب لإثراء ساحة الإبداع الوطنية بإبداعاتهم الروائية، بما يؤكّد وعيهم بأهمية هذا الجنس الدبي ودوره المتأمل والعاكس في إعادة إنتاج مشاهد التحول الذي شهده المجتمع الإماراتي إبان تأسيس الدولة والتي طالت بنيته الاقتصادية والسياسية.


تنضّدت في الكتاب ثلاثة فصول ومقدمة وملحق ضمّ التوصيات التي خرجت بها الندوة، وقد تركّزت غالبية الأبحاث حول موضوعي: "الرواية والتاريخ" و "تقنيات السرد" والقضايا النظرية والتطبيقية المتفرعة عنهما، هذا بالإضافة إلى بعض الأبحاث التي بحثت في نشأة الرواية وتاريخ تكوّنها منذ صدور أول رواية إماراتية سعت لانطلاق هذا الجنس الأدبي، كورقة عبد الفتاح صبري الذي ربط بين التحوّلات الاجتماعية وبداية السرد الروائي، ورصد عملية الوعي بأهمية هذا السرد من خلال تعبيره عن اللحظة الانتقالية بين ثقافة المشافهة والكتابة، وعن تأثر هذا السرد بالأحداث السياسية العربية، وإلى جانب ذلك أهميته من حيث الوقوف على المفاهيم الفنية والأدبية التي ميزت المرحلة الأولى للاشتغال على هذا النوع من الأدب في سياق المنجز مع باقي الأجناس الأخرى. وإلى ذلك فقد تضمنت الورقة محاور مهمّة من مثل: الرواية التأسيسية وسؤال الهوية، حيث درس رواية "شاهندة" لراشد عبد الله كمحاولة لتقديم تصور خاص للتاريخ انبنت على لحظة قدرية ومجموعة من المصادفات تداخلت بين أدب الرحلة والحكاية الشعبية.
ومحور الرواية والتاريخ ناقش من خلاله النصوص الروائية التاريخية ك"ساحل الأبطال" لعلي محمد راشد، وروايتي: "الأمير الثائر" و "الشيخ الأبيض" للشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، وروايتي: "ابن مولاي السلطان" و "الرجل الذي اشترى اسمه" لمنصور عبد الرحمن. مؤكّداً أن العلاقة بين الحقيقي والمتخيل في الرواية ليست جديدة، حيث يحاول الروائيون دوماً البحث في ما صمت عنه التاريخ والمؤرخون.
وفي ورقة مماثلة ناقش د.محسن موسوي قضية نشأة الرواية المتأخرة نسبياً في الوطن العربي، ولكنها إلى ذلك انشغلت بعاملي الهوية، وأكّدت أهمية الوعي المتزايد للمتعلّمين الذين تأثروا بالمنجز السردي الغربي وسعوا لممارسة دورهم التنويري من خلاله.
وفي ما يخص الرواية الإماراتية نوّه الباحث إلى أن هذه الرواية تشترك مع القصة القصيرة بجملة من الاهتمامات الاجتماعية والسياسية والمكانية، وكلتاهما تحفلان بحياة البحر والصحراء ومكابدة الناس وقسوة حياة مرحلة ما قبل النفط، ولكنه إلى ذلك لم يقدّم دراسة تؤكّد ما ذهب إليه بمقدار ما طرح من آراء يمكن وصفها بالعامة. شأنها في ذلك شان ورقة الباحثة فاطمة السويدي التي تناولت أبرز النماذج الروائية على مدى العقود الثلاثة، مشيرة إلى تطور تقنيات السرد لدى الروائيين الإماراتيين من أمثال: علي أبو الريش، ثاني السويدي، منصور عبد الرحمن، محمد غباش وغيرهم، مؤكدة في الوقت نفسه تأثر هؤلاء الكتاب بالأشكال الفنية الحديثة للسرد الروائي.
في الفصل الثاني سوف تتنضد مجموعة كبيرة من الأبحاث حول "تقنيات السرد" كدراسة أحمد حسين حميدان عن: المكان والزمان كتقنية سردية في الرواية الإماراتية، ورواية "أحداث مدينة على الشاطئ" لمحمد حسن الحربي نموذجاً. ودراسة د. رشيد بو شعير في السرد بين السيرة والتخييل الروائي عبر تناوله رواية "حلم كزرقة البحر" لأمنيات سالم نموذجاً. بينما سيدرس د. أحمد الزعبي تقنيات السرد في رواية "نافذة الجنون" لعلي أبو الريش من خلال محاورات الذات وشعرية اللغة وإيقاعات الأزمنة والأمكنة، وبدوره سيتناول د. إبراهيم السعافين الفضاء الروائي في رواية "الاعتراف" لعلي أبو الريش معتبراً أنها من أبرز الروايات الإماراتية دلالة على الفضاء الروائي، وذلك في تعبيرها عن المكان باعتباره فضاء جغرافياً، وعلى الفضاء الاجتماعي والثقافي والشعبي واللغوي والسيميائي والدلالي، الفضاء الذي يبتدئ بالمكان المحصور على شاطئ "المعيريض" في رأس الخيمة، كتعبير عن وعي الإنسان بما يحيط به من ظواهر، وما يتفاعل معه من عادات وتقاليد وطقوس، وما يتصل بها من رموز أسطورية، وما ينعكس على ذاته من مظاهر اجتماعية يتداخل فيها السلب والإيجاب كما في الكفاح ضد الجهل والمرض والفقر والوقوع في دوائرها من جديد.
و "رواية الاعتراف" بتعبيره تعبّر عن تشابك اجتماعي تتفجّر فيه العواطف المتناقضة في إطار العادات والتقاليد والقيم المتعارضة، وتبرز تناقض الأجيال و صراعاتها وتحوُّلاتها الممتدة، مثلما تبرز حركة التطور باتجاه التقدّم الآخذ بأسباب المعرفة والعلم والوعي.
بينما في بحثه المعنون "الحكاية والسارد" يتجه د.سحر روحي الفيصل إلى اعتبار الرواية الإماراتية حديثة وغير ناضجة لخلل لازم بنيتها الفنية من حيث الانسجام بين الحكاية والسارد ولم يستثن من هذا الكم سوى ثلاث روايات لعلي أبو الريش هي: "نافذة الجنون، تل الصنم، وثنائية مجبل بن شهوان. أما الروايات الأخرى فقد اعتبرها روايات ذات بنية تقليدية تنهض استناداً إلى حكاية ذات حوادث معبّرة، وحبكة حريصة على المنطق في أثناء ترتيب الحوادث، وشخصيات واضحة محددة تعرف هدفها وتسعى إليه من بداية الرواية إلى نهايتها، وإلى جانب ذلك سارد عالم بكل شيء، يحاول توجيه الشخصيات وتحديد حركتها الخارجية والداخلية، ولكن الرواية إلى ذلك لم تتألق بحيث توهم المتلقي بأن الحكاية فيها مستقلة عن السارد، وقد أشار في ختام ورقته إلى أن تقنيات السرد في الرواية الإماراتية ستتطوّر في اتجاه التخلّص من السارد المهمين، وفي اتجاه الإكثار من السارد الممثّل (السارد من داخل الحكاية). ولعلها تتجه إلى تعدد الرواة بعد ذلك. أما الحكاية الروائية فالظن أنها ستترسخ في الرواية الإماراتية، وسيعبّر سرد الحوادث فيها عن مشكلات الواقع بوساطة ساردين أكثر قدرة على إيهام المتلقي بحقيقة المسرود.
وفي ورقتها "تقنيات السرد في الرواية الإماراتية"، رواية "السيف والزهرة" نموذجاً قدّمت ريم العيساوي لبحثها بمقدمة عن عناية النقاد والدارسين العرب بمجال "السرديات" منذ سبعينيات القرن المنصرم. وقد ساهم هذا الاهتمام في تعميق الوعي النقدي والمعرفة التنظيرية والتطبيقية والتحليلية للنظريات والمناهج في أصولها الغربية. وهذا الانفتاح صاحبته محاولات جادة لتأصيل السرديات العربية من خلال الأشكال السردية المعروفة في تراثنا : " كليلة ودمنة، ألف ليلة وليلة، المقامات والسير الشعبية....." وذلك للإفادة منها في تطوير المناهج الجديدة، وفي محاولة تأسيس رؤية نقدية عربية تربط بين القديم والحديث.
وفي ضوء ذلك درست شخصيات الرواية والفضاء الروائي كحيّز، وأشكال الزمن: التاريخي، والقصصي، والذاتي، لتتوقف بعدها عند مستويات اللغة ما بين سرد ووصف وحوار.
وفي الختام قدّم الناقد عزت عمر دراسة بعنوان "تنوّع مستويات السرد في الرواية الإماراتية" نوّه من خلالها إلى أن الرواية في الإمارات بدأت تشهد صعوداً وازدهاراً فاق التوقعات من حيث الكم والطروحات الفكرية التي تداولتها سواء على المستوى الاجتماعي أو التاريخي، المر الذي يعكس وعياً كبيراً بأهمية هذا الجنس الأدبي، وبدوره الواضح في إعادة إنتاج الانعطافة النوعية لعملية التحول الاجتماعي التي شهدها المجتمع الإماراتي بعد ظهور النفط وتأسيس الاتحاد، وبداية التعليم النظامي وانتشار وسائل الإعلام المختلفة وخصوصاً الصحافة، كما أشاد بدور الكاتبة الإماراتية في مجال القصّة القصيرة وتطلعها للتعبير عن ذاتها روائياً مع صدور رواية أمنيات سالم الأولى "حلم كزرقة البحر" مؤكّداً ان هذا التوجّه من قبل الكتاب جميعاً إنما يعكس أهمية حضور الكتابة الروائية في المشهد الإبداعي كرأسمال رمزي ينضاف إلى جملة الإبداعات الأخرى، وكتعبير صادق عن الحياة من خلال التطرّق إلى موضوعات تعبّر عن علاقة الإنسان بالمكان والزمان والمجتمع والموروث الثقافي والجمالي، وكحقل معرّفي يعبّر عن تنوّع لغوي واجتماعي جديدين، يمكّن الروائي من صياغة "أنا" المرحلة الاجتماعية والتاريخية عبر شخصياته وأبطاله.
أما من جانب تقنيات الكتابة الروائية، فإنه رأى ان الظهور المتأخر نسبياً للرواية الإماراتية عن زميلتها العربية قد أفادها كثيراً من حيث إنها لم تعان من جملة المشكلات التي عانت منها هذه الرواية في طور نشوئها مطلع القرن العشرين من حيث سذاجة الطرح، وإنما جملة معاناتها تتلخّص في نقص التجربة والتراكم، فباستثناء الروائي علي أبو الريش لم يراكم أحد من الروائيين تجربته الروائية بمزيد من الأعمال مكتفياً برواية واحدة أو روايتين. وإلى ذلك قسم الباحث دراسته إلى محورين رئيسين: أولهما السرد التاريخي القائم نظام التسلسل الزمني: درس من خلاله رواية "الشيخ الأبيض" للدكتور سلطان بن محمد القاسمي، ورواية "ساحل الأبطال" لعلي محمد راشد.
وثانيهما السرد التجريبي القائم على نظام تشابك الأزمنة وتعدد الرواة، درس من خلاله العديد من الروايات: كرواية "الديزل" لثاني السويدي، ورواية "أحداث مدينة على الشاطئ" لمحمد حسن الحربي.
هذا وقد جاء الفصل الثالث كمجموعة من الشهادات لكلّ من: علي أبو الريش، ومحمد عبيد غباش، ومنصور عبد الرحمن، و أمنيات سالم ود. يوسف عيدابي. بينما تضمن الملحق توصيات الملتقى التي أكّدت على أهمية هذا الملتقى وضرورة انعقاده كلّ عامين، وطباعة أعماله وتسجيلها على أشرطة فيديو، وتشكيل لجنة إعداد دائمة للملتقى، وتنظيم ورش إبداع كنشاط شهري، وإصدار كتاب نقدي سنوياً.
* مرجع مهم للباحثين وطلبة الآداب المعنيين بالكتابة الروائية الإماراتية وتقنياتها.

هامش:
الكتاب: الرواية الإماراتية / وقائع الملتقى الأول للرواية.
تحرير وإعداد: عبد الفتاح صبري.
الناشر: دائرة الثقافة والإعلام، الشارقة، 2003.
عدد الصفحات: 240 من القطع المتوسط