الموضوع: فوائد لغوية
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-21-2019, 05:08 PM
المشاركة 28
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: فوائد لغوية
تابع الفائدة السادسة
رغيف ودم / خالد الطبلاوي


رغيفٌ من دَمِي بدَمِي
فلا تعجَب.. فَداكَ دَمِي
وكُل واشرَب وعِش فرِحاً
ودَعني أَحتسِي ألَمي
فإنَّا ما نرَى كفَّي
كَ إلا مَنبِتَ العدَمِ
وما اعتَدناكَ في جَمعٍ
سِوى في زُمرةِ الخَدَمِ
تُرى لو كُنتُ تمثالاً
لبُوذا، ذلكَ الصَّنمِ
وهَبْ أنَّا دجاجاتٌ
تَميرُ مطابخَ العَجمِ
وأغراضٌ لأوباما
أتَرضى ثُلَّةُ الأُممِ؟!
أما كُنتم ستَنتفِضو
نَ أَفواجاً على قَدمِ؟
تُراني والإدامُ دَمِي
أَثِمتُ فعقَّني رَحمي
فشَدُّوا لي بظُلمَتهم
مَتاريساً من الظُّلَمِ؟
وإن كنَّا.. فما ذنبُ ال
جَنينِ يموتُ في الرَّحمِ؟
وما ذنبُ الصغيرِ يَع
يشُ في وادٍ منَ الحُممِ
وما ذنبُ التي حلَمَتْ
بأمجادٍ لمعتصمِ؟
أفيقي أُمةَ الأموا
تِ.. قبلَ مرارةِ النَّدمِ



لماذا الرغيف العربي مدور ؟؟؟

تعودت كل يوم تقريبا أن أذهب إلى المخبز لشراء الخبز ، وكالعادة أتناول ربطة الخبز وأدفع ثمنها ، أحملها وأعود للبيت ، لم يدر بخلدي يوما أن أفكر بأني أحمل خبزا بيدي ولم يخطر ببالي يوما أن أنظر إلى الخبز أو أن أتناول رغيفا وأدقق النظر فيه ... الصدفة وحدها تجعلنا نقف لحظات عند أمر تعودنا عليه ومارسناه يوميا .
صدفة نفذ الخبز من بيتي إلا من رغفين كنت وضعتهما في ( فريزر) الثلاجة أخرجتهم ووضعتهم على الطاولة للحظات لكسر حالة الجمود منهما ، نظرت إليهما وكأني لأول مرة أنظر إلى رغيف بتمعن ، تناولت أحدهم ، تفحصته .. قلبته بين يدي ، تبادر إلى ذهني سؤال سيبدو غريبا .
لماذا رغيف الخبز العربي مدور ؟؟؟!!! لماذا لا يكون مربعا أو مستطيلا ؟! تتبعت شريط ذاكرتي ومعلوماتي حول الرغيف العربي ، استنتجت ــ منذ القدم ــ أن هذا هو الرغيف العربي لم ولن يتغير ، ما زال يحتفظ بشكله الهندسي الدائري بلا أضلاع أو زوايا ، خطر ببالي الخبز الأوروبي ذو الأشكال والأحجام الهندسية المختلفة ، وبعد لحظات من التأمل والغوص في أعماق الرغيف استنتجت أيضا أن الرغيف العربي الدائري له علاقة بالسياسة في وطننا العربي ، ناقشت نفسي مطولا وأقنعتها تبعا للأسباب التالية .
في البدء يكون الرغيف حبوب قمح ذهبية شامخة ، توضع في ألة الطحن وتحول إلى دقيق ، مواطننا العربي يولد بكل براءة وعندما يشعر بالشموخ يتم طحنة ، ويغلف في أكياس مختومة وعلى مقاسات أنظمتنا المحددة .
رغيفنا العربي عندما يكون عجينة تلعب به يد الصانع وتقلبه وتشكله كما يحلو لها ، وهذا مواطننا العربي ما زالت أيدي أنظمتنا تعجنه وتلعب به لتشكله وتحدد سماكة حشوته كما يحلو لها .
رغيفنا العربي مدور وفي حال وضعت إصبعك على مركزه تديره حسب رغبتك ، ومواطننا العربي أجبرته سياسة حكوماتنا على الدوران حول مركزه وكلما هدأت حركته أجبروه على الدوران ثانية وثالثة وعاشرة ، في حركة لا تهدأ .
رغيفنا العربي ليس له زوايا ، ولأن الزوايا مهمة جدا في السياسة تختبئ فيها أنظمتنا كي لا نراهم ، وينتهزون الفرصة للإنقضاض علينا ثانية ، ومواطننا العربي كالرغيف لا يمتلك أي زاوية للإختباء وهو مكشوف دائما ومن جميع الاتجاهات ، وبهذا يسهل على أنظمتنا السيطرة عليه .
رغيفنا العربي ليس له أضلاع ولا خطوط مستقيمة لأن أنظمتنا العربية لا يريدون أن يسير المواطن العربي في خطوط مستقيمة لأنها حتما ستقوده للهدف والطريق الصحيح ، ولهذا لا يوجد أمام المواطن العربي إلا السير في دائرة وحلقة مفرغة لا يحيد عنها .
رغيفنا العربي ــ في نهاية المطاف ــ يوضع على بسطات الباعة بلونه الأسمر وتعلو سطحه فقاعات سوداء قاتمة من أثر اللهب ، مواطننا العربي بوجهه الدائري الشاحب الذي تعلوه بقع سوداء خطها زمن القهر على جسده .
رغيفنا العربي إني أحبك لأنك ما وجدت إلا للفقراء الباحثين عن لقمة منك يشدوا بها أزرهم ، أحبك لأنك ما زلت تمنحنا الحياة ـ رغم مرارتها وذلها وقهرها ـ .
رغيفنا العربي المدور ، يا شريكنا في القهر والفقر ، حتما سنذكرك سنابل قمح ذهبية مشرقة شامخة ، سنذكرك ثورة على كل الأرغفة المزورة ذات الأشكال والأحجام والأضلاع والزوايا ، رغيفنا العربي ـ يقال عنك ـ ( انك مدور حتى لا نستطيع اللحاق بك )، ولكننا سنلتحم معا في ملحمة عشق لا يدركها إلا الفقراء ، وانت يا مواطننا العربي أدرك أنك تعلم أن الرغيف العربي سيبقى مدور .

عمر قاسم اسعد