عرض مشاركة واحدة
قديم 06-16-2016, 01:20 PM
المشاركة 35
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ليس فصلي وحده ما أتعقّب أخباره ، كل الفصول الأخرى يستهويني معرفة من الشاطر فيها ، من الرياضي القوي ، من المشاغب العاتي ، من المجتهد الذي لا يكلّ من الحفظ ، من الذّكي الذي يرتجل بحذق ، من و من ؟ لا أحب أن أكون غافلا عن عالمي ، أريد أن أعرف ، ليس فقط تلك المعرفة السّطحية ، ليس فقط تلك القشور الخارجيّة ، كلاّ ، أريد شيئا غير هذا ، لا أطمئن حتى أحيط عالمي بنظرة كليّة فاحصة ، في الطريق وعند الخروج من المدرسة كنت أتابع الحركات ، المشية ، اللّباس ، من يضحك ، من هو هادئ ، من يكثر من الكلام ، من الجدّي و من الرّزين؟ ثلاث فتيات لا يفترقن أبدا ، نفس الديكور ، الوسطى فيهن هي الأطول ، التي توجد في اليمين نحيفة ، و التي توجد في اليسار قصيرة ، عجبا أن لا يملّ البعض من نفس الصّحبة ، من نفس الكلام ، قال لي يوما زميل ، ما نقوله نعيده و لا نشبع منه ، عاشرته لسنة فقط ، كيف لمن تعاشرن لأعوام عديدة ، بيت الوسطى أعرفه ، يفرحنى أن أراه ، عندما أمر على حيّهن المكتظ بالبنايات ، هناك أراه على ضفة الوادي تترقرق المياه خلفه لكأنه يطل عليها ، لكنه بعيد عن الحافة ، فقط المشهد هو ما جعله قريبا ، لا أستطيع أن أسير دون أن اتفقده مرات عديدة . العام اقترب من نهايته و رمضان على الأبواب ، فرح الجميع بقدومه ، بيت الحاجّ مبتهج غاية الابتهاج ، عند السحور الأول جاءني حفيد الحاجّ ليوقظني ، نورالدين قم ، هذا وقت السّحور، كانوا جميعا ينتظرونني في فناء المنزل ، هناك يتناولون السّحور و هناك أيضا يتناولون الفطور ، فالقيظ يخنقهم في الغرف ، رجعت إلى النوم بعد أن وعدته بالحضور ، جاءني بعد ذلك ابن الحاجّ: " إن وقت السحور سيفوتنا ، قم يا نورالدين " ، حسنا حسنا ، سآتي ..لكنّني افتعلت النوم ، فسمعت أخ الحاجّ يطلقها مدوّية : " جميل ، كيف يمكن أن نستضيف من لا يريد أن يصوم ، إنه كبر على أكل رمضان ، أعلم أباه أن يجد لابنه مأوى آخر في السنة المقبلة ، سنصبر عليه هذه الأيام المتبقية من العام .." استحسن الحاجّ كلام أخيه . إنه الطّرد إذن ، لكن ما العمل ، أنتم أحرار ، أمّا أنا فلست أستطيع الصّيام في هذا الجو الحارّ والأيام الطويلة ، أضف إلى ذلك أنا من يعرف نفسي أكثر ، فمازلت طفلا و إن كنت طويلا بعض الشيء .
لم تمض غير أيام معدودات لتأتينا العطلة ، أخبرت أبي بما قرّره الحاجّ ، هذا العام هو آخر عام في طفولتي ، مع بداية الموسم القادم ، سيبدأ جسمي في اكتساب سمات الرجولة شيئا فشيئا .