الموضوع
:
فاته أن يكون ملاكا» دراسة نقدية عن محمد شكري : بقلم سليمان حاج إبراهيم
عرض مشاركة واحدة
03-19-2015, 03:16 AM
المشاركة
3
ياسر علي
من آل منابر ثقافية
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 3
تاريخ الإنضمام :
Dec 2012
رقم العضوية :
11770
المشاركات:
1,595
السلام عليكم ورحمة الله
في أيام المدارس كنا نسمع في آواخر الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن المنصرم من بعض الأساتذة عن الخبز الحافي كعمل أدبي طاله سوط الرقابة و تضخم في أذهاننا هذا العمل كما كاتبه ، لكن مع فترة الانفتاح التي جاءت في التسعينيات و بداية الألفية ظهر شكري إلى العلن و كنت من المتابعين عبر المذياع لبرنامجه الشهير شكري يتحدث من إذاعة طنجة الذي كان يبث بعد منتصف الليل ، هناك تعرفت على شكري ، كصوت و كلغة حية ناطقة ، وكان يستعمل في حكيه تقنيات سردية خاصة بالأذن ، و كان يتناول ظواهر عديدة بأسلوب أدبي راق ، و هناك أيضا ظهرت ثقافته الواسعة واهتماماته الكثيرة ، و كان يستحضر بين الفينة والفينة الكاتب جون جيني ، و عام 1997 كان أول لقاء لي مع أدبه في روايته زمن الأخطاء التي تعتبر الجزء الثاني من سيرته الذاتية بعد الخبز الحافي .
شخصيا أعتقد أن زمن الأخطاء عمل أدبي أكثر من الخبز الحافي التي تظهر أكثر اختزالا و مباشرة كاليوميات و ربما الأمر له علاقة بتطور الكتابة الأدبية لشكري .
الخبز الحافي التي لم أقرأها إلا في السنوات الأخيرة لكون زمن الأخطاء لم تثر في نفسي شهية أدبية حقيقية للتعرف على شكري لا كشخص ولا كأدب ، لربما شكري اكتسب هذه الشهرة و هذا الاهتمام ليس لكونه قدم أدبا شاهقا بقدرما كان المنع الذي طال عمله و كذا جرأته في اقتحام المسكوت عنه أدبيا في أوطاننا كان له السبب المباشر في هذه النجومية وهذا الاهتمام .
شخصيا لا أعتقد أن شكري يروم من خلال أدبه إلى إعلان تمرده على المجتمع و على الأخلاق بقدرما يمثل فلتة من اللاشعور المجتمعي ، حالة احتقان مكبوتة تضخمت فأرادت أن تتحرر لتدون نفسها في تاريخ الذات الجمعية المغربية " العربية " زوبعة عاطفية غير متجانسة أبت إلا أن تسجل حضورها لتمسح عن الذات الجمعية مساحيق التجميل و روتوشات الملاحة الخادعة ، شكري قال أن الحياة ليست كما قال عنها الكتاب قبله ، قال أن الصورة الكاملة حتى في بعدها الجمالي تكمن في إظهار الظلال التي تعطي تجسيدا منطقيا للصورة رغم قتامتها ، شكري متشبع هنا بالمعقولية الفلسفية المبنية أساسا على دراسة التناقض و ازدواجية المفهوم .
لكن من وجهة نظري الشخصية هل نجح شكري في ترجمة رسالته تلك ، ربما إلى حد ما لم يستطع أدب شكري حفر قيمة مضافة حقيقية في الأدب إذا ما استثنينا مساهمته في كسر بعض الأسوار التي كانت تحيط بالإبداع . شكري توغل كثيرا في الإيباحية حتى غطت على الرسالة الأدبية ، و أعطت أدبه صبغة النفور العام ، حتى أن المكتبات المنزلية لا تجد في الأغلب فسحة لاحتضان أعمال شكري ، فإلى الآن المجتمع غير قادر على التطبيع مع هذه الثورية العنيفة التي طالت جسد قيمه .
لكن هذا لا يمنع أن كتابات شكري تعد مجالا خصبا لدراسة الواقع أولا و كذا محاولة تلمس الفترة الاستعمارية و قدرتها على تفكيك المجتمع خاصة و نحن نتحدث هنا عن منطقة شهدت أكبر الثورات ضد المستعمر في الشمال الأفريقي ، فالريف كتاريخ تتجسد فيه البطولة ، وعند شكري يظهر الريف بوجه آخر كتشرد كذكورة متعجرفة شبقة ، كانحراف ... فشكري ناقم على عدم تمكن الريف من استيعاب صدمة الاستعمار و ناقم على الاستعمار الذي أذل الشخصية العزيزة و التي لم تجد في حضنه ما يكرم فيها هذا الإذلال مما أدى بها إلى الانحراف والتمزق .
مررت هنا فاحببت أن أسجل رأيي
مع الشكر و التقدير
رد مع الإقتباس