عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
2

المشاهدات
2054
 
مراقى محمد
من آل منابر ثقافية

مراقى محمد is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
114

+التقييم
0.03

تاريخ التسجيل
Sep 2013

الاقامة

رقم العضوية
12398
04-17-2014, 02:41 AM
المشاركة 1
04-17-2014, 02:41 AM
المشاركة 1
افتراضي أهل الاطلاق وأهل التقييد
يصنِّف العارفون حال أهل الإيمان عند الدعاء إلى فريقين ، فريق ينشط للعبادة عند المقتضيات من مكان أو زمان ، فتراه يشهد في مكان خاص مشهداً يشوِّقه إلى الدعاء والابتهال والتقرب بنوافل البِّر {كالكعبة والمسجد النبوي الشريف ، وبيت المقدس} ويشهد في مكان آخر مشهداً ينسيه التقرَّب ، ويسلِّيه عن التودد ؛ وذلك مثل الأسواق ، ومجالس اللهو ، ومجامع الغفلة

ويكون ذلك التقيد بالأزمنة أيضاً ، فترى النشاط والهمة يقويان على عمل البر والقربات في شهر رمضان ، والليالي المرجوِّ فيها الخير ، فإذا انصرفت تلك الأوقات ، وانقضت تلك اللحظات ، فترت الهمَّة ، وكلَّت تلك العزيمة ، وذلك لأن العمل مقيد بدائرة الفكر ، وهو مقهور بحيطته التي تحيط بها من زمان ومكان

أما الفريق الثانى فهم أهل الإطلاق ، أو أهل المشاهدات ، الذين ترقُّوا عن التكلِّف والاستحضار ، فإنهم وقعت بهم عين اليقين بكمال التسليم ؛ على نور الحق المجلوِّ في الخلق ، وسرِّ القيومية التي قامت بها العوالم ؛ فوقع بهم العلم على حقيقة الأسماء ؛ فاطمأنت بها القلوب ، فتمكنت الخشية من أفئدتهم ، والخوف من قلوبهم ، فهم مع الله لا يغيب عنهم في كل زمان وفي كل مكان ، لا يخصصون مكاناً بعمل دون مكان ، ولا زماناً بعمل دون زمان ، إلا ما خصصه به ربهم ، وأوجبه فيه خالقهم

ولذلك ترى عزائمهم في جدٍّ ، وهَّمتهم في نشاط ، لأن الأمكنة والأزمنة غير مقصودة لهم ، ولا معظَّمة في قلوبهم ، وإنما المقصود ربُّهم والمعظَّم أمره وحكمه ، فإذا خرجوا من الزمان المخصوص بحكم ما ، والمكان المخصوص بأمر ما ؛ كانوا مع الله بلا كون ، لأنه كان ولا كون

وهؤلاء هم أهل الميراث المحمَّدي الذين لا تحجبهم الآيات ، ولا تبعدهم الكائنات ، فنَّزهوا ربَّهم سبحانه وتعالى عن أن يعظِّموا غيره أو ينشطوا له في وقت دون وقت ، أو مكان دون مكان إلا بما أمر وحكم ، فلا يكون التعظِّيم للمكان ؛ إنما يكون للحاكم الآمر سبحانه وتعالى

وإن كان الواجب على أهل هذا المقام ؛ أن يسيروا مع أهل مقام التقييد بما يناسبهم ، تنشيطاً لهم ، وإعلاءاً لعزائمهم ؛ حتى لا يفوتهم الفضل في كل زمان ومكان ، فربَّ نشاط بمكان خاص أيقظ القلب فقرب ، وربَّ ذكر مع سهو عن المذكور ، ونسيان لمكانته ، اشتدَّ فأنسى الذاكر عن شئون نفسه ، وقذف به إلى مرابض أنسه ، وإنما المذموم غفلة القلب واللسان ، واحتجاب الجسد والجنان