عرض مشاركة واحدة
قديم 04-28-2020, 11:16 PM
المشاركة 1096
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: مَجْمعُ الأمثال
.... حَنَّتْ وَلَاتَ هَنَّتْ وَأَنَّى لَكِ مَقْرُوعٌ ....

هَنَّت : من الهَنين وهو الحنين ، يقال : هَنَّ يَهِنُّ
بمعنى حَنَّ يَحنُّ ، وقد يكون بمعنى بكى ، وقال :

* لَمَّا رَأى الدّارَ خَلَاءً هَنَّا *

ولات : مَفْصُولة من هنَّتْ ، أي لاتَ حينَ هَنَّتْ ،
فحذف "حين" لكثرة ما يستعمل لات معه ، وللعلم
به ، ويروى "ولا تَهَنَّتْ" أراد تَهَنأت فَلَيَّنَ الهمزة .
كانت الهَيْجُمَانة بنت العنبر بن عمرو بن تميم تَعْشَقُ
عَبْشَمس بن سعد ، وكان يلقب بمقروع ، فأراد أن
يُغِيرَ على قبيلة الهَيْجُمَانة ، وعلمت بذلك الهَيْجُمَانة ،
فأخبرت أباها ، فقال مازن بن مالك بن عمرو :
حنَّتْ ولاتَ هَنَّتْ أي اشتاقت ، وليس وقت
اشتياقها ، ثم رجع من الغَيْبَة إلى الخِطاب فقال :
وأنى لَكِ مقروع ، أي من أين تظفرين به ؟
يضرب لمن يَحِنُّ إلى مطلوبه قبل أوانه .
وحكى المفضل بن محمد الضبي أن عَبْشَمس بن سعد ،
وكان اسمه عبد العزى ، كان وَسِيمَ الوجه ، حَسَنَ
الخلقة ، فسمي بعبشمس ، وعبء الشمس : ضوؤها
فحذف الهمزة ، وهو ابن سعد بن زيد مَنَاة بن تميم
شُغِفَ بحبّ الهَيْجُمَانة ، فمنع عنها وقُوتِلَ ، فجاء الحارث
ابن كعب بن سعد ليذُبَّ عن عمرو ، فضرب على
رجله فشلَّت ، فسمي الأعرج ، فسار عبشمس إليهم
وسألهم أن يعطوه حقه من رجل الأعرج ، فتأبَّى عليه
بنو عنبر بن عمرو بن تميم ، فقال عبشمس لقومه : إن
خَرَجَ إليكم مازن بن مالك بن عمرو مترجلاً قد لبس
ثيابه وتزيَّن فظُنُّوا به شراً ، وإن جاءكم أَشْعَثَ الرأس
خبيثَ النفس فإني أرجو أن يعطوكم حقكم ، فلما أَمْسَوْا
راح إليهم مازن مترجِّلاً قد لبس ثيابه وتزيَّن لهم ،
فارتابوا به ، فدسَّ عبشمس بعض أصحابه إليهم
ليسترقَ السمعَ ويتجسس ما يقولون ، فسمع رجلاً
من الرِّعاء يقول :

لا نَعْقِلُ الرِّجْلَ ولا نَدِيهَا
حَتَّى تَرَى دَاهِيَةً تُنْسِيَها


فلما عاد الرجل إلى عبشمس وخبره بما سمع قال
عبشمس : إذا جنَّ عليكم الليل بَرِّزوا رحالكم ، وأقيموا
ناحيةً ، ففعلوا وتركوا خيامهم ، فنادى مازن وأقبل
إلى القبة : ألا لا حَيَّ بالقرى ، فإذا الرجال قد جاؤوا
وعليهم السلاح حتى أحاطوا بالقبة فاكتنفوها ، فإذا
القبة خالية من بني سعد ، فلما علم عبشمس بذلك جمع
بني سعد فَغَزَاهم ، فلما كان بعَقْوَتِهِم نزل في ليلة ذات
ظلمة ورعد وبرق ، وأقام حتى يغير عليهم صُبْحاً ، وكان
يدور على قومه ويَحُوطهم من دبيب الليل ، وكانت
الهَيْجُمَانة عاركاً ، والعارك لا تخالط أهلها ، وأضاء البرقُ
فرأت ساقَيْ مقروع ، فأتَتْ أباها تحت الليل ، فقالت :
إني رأيتُ ساقي عبشمس في البرق فعرفته ، فأرسل
العنبر في بني عمرو فجمعهم ، فلما أتوه خبرهم بما سمع من
الهَيْجُمَانة ، فقال مازن : حَنَّتْ ولات هنت وأنّى لَكِ
مقروع ، ثم قال مازن للعنبر : ما كنت حقيقاً أن تجمعنا
لعشق جارية ، ثم تفرقوا عنه ، فقال لها العنبر عند ذلك :
أيْ بنية اصدقي فإنه ليس للكذوب رأي ، فأرسلها مثلاً،
قالت : يا أبتاه ثَكِلْتُكَ إن لم أكن صدقتك ، فانْجُ ولا
إخالُكَ ناجياً ، فأرسلتها مثلاً ، فنجا العنبر من تحت
الليل ، وصَبَّحهم بنو سعد فأدركوهم وقتلوا منهم ناساً
كثيراً ، ثم إنّ عبشمس تبعَ العنبر حتى أدركه وهو على
فرسه وعليه أداته يَسُوق إبله ، فلما لحقه قال له :
يا عنبر ، دَعْ أهلَكَ فإن لنا وإن لك ، فأجابه العنبر
وقال : لكن مَنْ تقدم منعته ، ومن تأخر عَقَرْته ، فدنا
منه عبشمس ، فما رأته الهَيْجُمَانة نزعت خِمارها ، وكشفت
عن وجهها ، وقالت : يا مَقْرُوعُ نَشَدْتُكَ الرَّحِمَ لما وهبته
لي ، لقد خِفْتُكَ على هذه منذ اليوم ، وتضرعت إلى
عبشمس فوهبه لها .