عرض مشاركة واحدة
قديم 09-08-2017, 01:15 AM
المشاركة 22
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
قد تكون آلة الدعاية تشتغل بشكل رهيب و البرمجة لا تتوقف، لكن هذا كله أيضا ناجم عن قدرات عقلية إنسانية في الأساس مستندة على رغبة في التفوق، وهنا العقل يشكل مجموعة من الأساليب و الطرق لتحقيق هذه الرغبة، فالعقل السياسي المستند على غريزة القيادة والسيطرة يستغل بشكل واضح العقل العلمي تحديدا و يوظف مخرجاته.
أنا شخصيا أثق في العقل الإنساني و قدرته على إيجاد الكثير من الحلول للكثير من الأزمات ومنها أزمة اليوم المتمثلة في فقدان الثقة في العقل تحديدا.
لا يوجد الكثير من الحلول أمام الإنسان إلا التوظيف الأمثل لقدراته العقلية، وهذا تحديدا ما خلص إليه الجابري عند دراسته للعقل العربي، عندما وجد أن بنيته المعرفية تتنازعها ثلاثة أسس العقل البياني المستند على اللغة العربية و آليات اشتغال اللغة العربية و العقل العربي القديم المؤسس على نظرية الجوهر و الذرية، مما يجعله يستقيل بأريحية و ينتج في الوقت ذاته " الشعر" لما يتيحه الشعر من التجويز و ساد هذا النمط المجازي حتى عند فقهاء اللغة و البيان عموما فتسمع على سبيل الذكر يجوز الوجهان في كثير من الموضوعات. وهي نفسها العقلية العربية التي لا تميل إلى التعمق وتحب المعالجة المظهرية " السطحية"
والأساس الثاني هو العرفانية التي سادت بشكل من الأشكال بعد العقل البياني، والمستندة أساسا على أن المعرفة تأتي بواسطة إشراق أو حلول و غيرها من الأشكال اللا تجربية أو إن شئت اللاعقلية، وكانت نظرية الفيض سواء عند الفرابي أو ابن سينا أحد أوجه هذا المزج بين الثقافة الهرمسية و البيان العربي وبعض من العقلانية اليونانية، ويمثل أفلوطين عصب هذه الفلسفة ويعتبر في الأخير أبو حامد الغزالي أكثر من أصل لهذه الثقافة عربيا.
في حين الأساس الثالث هو العقل البرهاني الذي وجد الكثير من الصعوبات ليندمج مع المنظومة الثقافية العربية، ويعد ابن رشد من وصل إلى حقيقته الفعلية لكن هذه النهضة المتأخرة لم يكتب لها النجاح، ولم توفق في إنجاز ما هو مطلوب أي المرور إلى مرحلة العقلانية. بل انتشر التصوف بشكل رهيب في البنية العقلية العربية، أكثر حتى من البيان نفسه.

وشكرا