عرض مشاركة واحدة
قديم 09-08-2010, 01:50 PM
المشاركة 6
عبدالسلام حمزة
كاتب وأديب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستعذر من عبدالله بن أُبي بن سلول ( رأس المنافقين ) فقال وهو على المنبر :

( يا معشر المسلمين , من يعذِرُني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي , فوالله ما علمت على أهل بيتي إلا خيرا ً , ولقد

ذكروا رجلا ً ما علمت عليه إلا خيرا ً , وما كان يدخل على أهلي إلا معي ) . فقام سعد بن معاذ , فقال : يا رسول الله

أنا أعذرك منه , إن كان من الأوس , ضربت عنقه , وإن كان من إخواننا من الخزرج , أمرتنا , ففعلنا أمرك .

فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج , وكان من قبل رجلا ً صالحا ً , ولكن احتملته الحمية , فقال لسعد بن معاذ : كذبت

لعَمْر ُ الله , لا تقتله , ولا تقدر على قتله . فقام أُسيد بن حُضير - وهو ابن عم سعد بن معاذ - فقال : كذبت لَعَمْرُ الله لنقتلنّه

فإنك منافق تُجادل عن المنافقين .

فتثاور الحيّان : الأوس والخزرج , حتى همّوا ان يقتتلوا , ورسول الله صلى الله عليه وسلم - قائم على المنبر , فلم يزل

يخفضهم حتى سكتوا وسكت .

قالت : فبكيت يومي ذلك وليلتي , لايرقأ لي دمع , ولا أكتحل بنوم ٍ , فأصبح أبواي عندي , وقد بيكت ليلتين ويوما ً لا أكتحل بنوم ٍ

ولا يرقأ لي دمع , حتى ظننت أن البكاء فالق كبدي . فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي , استأذنت علي ّ امرأة من الأنصار فأذنت لها

فجلست تبكي معي , فبينما نحن على ذلك , دخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلّم , ثم جلس , ولم يجلس عندي منذ قيل

لي ما قيل , ولقد لبث شهرا ً لا يوحى إليه في شأني شيء .

قالت : فتشهد ثم قال : ( أما بعد , يا عائشة , فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا , فإن كنت بريئة ً , فسيُبرِّئُك الله , وإن كنت ألممت بذنب ٍ

فاستغفري الله , وتوبي إليه , فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب , تاب الله عليه ) .

فلما قضى مقالته : قَلَص دمعي حتى ما أُحس ُّ منه قطرة ً , فقلت لأبي : أجب رسول الله فيما قال , قال : والله ما أدري ما أقول

لرسول الله , فقلت لأمي : أجيبي رسول الله , فقالت : ما أدري ما أقول لرسول الله

فقلت وأنا يومئذ ٍ حديثة السن لا أقرأ كثيرا ً من القرآن : إني والله لقد علمت , لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر َّ في أنفسكم , وصدّقتم به

فلئن قلت لكم إني بريئة - والله يعلم أني بريئة - لا تصدّقوني بذلك , ولئن اعترفت لكم بأمر ٍ , والله يعلم أني بريئة لتُصدقني .

والله ما أجد لي ولكم مثلا ً إلا قول أبي يوسف : ( فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ (18) ) يوسف . ثم تحوّلت , فاضطجعت على

فراشي , وأنا أعلم أني بريئة , وأن الله تعالى يُبرئني ببرائتي , ولكن والله ما ظننت أن الله يُنزل في شأني وحْيا ً يُتلى , ولشأني كان في نفسي

أحقر من أن يتكلم الله في ّ بأمر ٍ يُتلى , ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله , في النوم رؤيا يُبرئني الله بها .

قالت : فوالله ما قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا خرج أحد من أهل البيت حتى نزل عليه الوحي , فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء

حتى إنه ليتحدّر منه مثل الجمان من العرق وهو في يوم شات ٍ , من ثقل القول الذي ينزل عليه , فسُري عنه وهو يضحك , فكان أول

كلمة ٍ تكلم بها : ( يا عائشة , أما والله لقد برأك الله ) , فقالت أمي : قومي إليه . فقلت : والله لا أقوم إليه , ولا أحمد إلا الله .

وأنزل الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ۚ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ۚ

وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11) لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَٰذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (12)

لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ۚ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَٰئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (13) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ

لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (14) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15)

وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَٰذَا سُبْحَانَكَ هَٰذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16)يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (17)

وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18) إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ

وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (20) ) النور
.