عرض مشاركة واحدة
قديم 10-03-2015, 08:16 AM
المشاركة 3
عبدالله علي باسودان
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي تابع : الوصل والفصل من علوم البلاغة

وقول الشاعر
( وقال رائدهم أرسوا نزاولها ... فكل حتف امرىء يجري بمقدار )
أو معنى لا لفظا كقولك مات فلان رحمه الله وأما قول اليزيدي
( ملكته حبلي ولكنه ... ألقاه من زهد على غاربي )
( وقال إني في الهوى كاذب ... انتقم الله من الكاذب )
فعده السكاكي رحمه الله من هذا الضرب وحمله الشيخ عبد القاهر رحمه الله على الاستئناف بتقدير قلت الثاني أن لا يكون بين الجملتين جامع كما سيأتي
وأما كمال الاتصال فيكون لأمور ثلاثة :

الأول أن تكون الثانية مؤكدة للأولى والمقتضى للتأكيد دفع توهم التجوز والغلط وهو قسمان أحدهما أن تنزل الثانية من الأولى منزلة التأكيد المعنوي من متبوعه في إفادة التقرير مع الاختلاف في المعنى كقوله تعالى ( آلم ذلك الكتاب لا ريب فيه ) فإن وزان لا ريب فيه في الآونة وزان نفسه في قولك جاءني الخليفة نفسه فإنه لما بولغ في وصف الكتاب ببلوغه الدرجة القصوى من الكمال بجعل المبتدإ ذلك وتعريف الخبر باللام كان عند السامع قبل أن يتأمله مظنة أنه مما يرمي به جزافا من غير تحقق فأتبع لا ريب فيه نفيا لذلك إتباع الخليفة نفسه إزالة لما عسى أن يتوهم السامع أنك في قولك جاءني الخليفة متجوز أو ساه وكذا قوله ( كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا ) الثاني مقرر لما أفاده الأول وكذا قوله ( إنا معكم إنما نحن مستهزئون ) لأن قوله إنا معكم معناه الثبات على اليهودية وقوله إنما نحن مستهزئون رد للإسلام ودفع له منهم لأن المستهزىء بالشيء المستخف به منكر له ودافع له لكونه غير معتد به ودفع نقيض الشيء تأكيد لثباته ويحتمل الاستئناف أي فما بالكم إن صح أنكم معنا توافقون أصحاب محمد .

وثانيهما أن تنزل الثانية من الأولى منزلة التأكيد اللفظي من متبوعه في اتحاد المعنى كقوله تعالى ( ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين ) فإن هدى للمتقين معناه أنه في الهداية بالغ درجة لا يدرك كنهها حتى كأنه هداية محضة وهذا معنى قوله ذلك الكتاب لأن معناه كما مر الكتاب الكامل والمراد بكماله كماله في الهداية . وكذا قوله تعالى ( سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ) فإن معنى قوله لا يؤمنون معنى ما قبله وكذا ما بعده تأكيد ثان لأن عدم التفاوت بين الإنذار وعدمه لا يصح إلا في حق من ليس له قلب يخلص إليه حق وسمع تدرك به حجة وبصر تثبت به عبرة ويجوز أن يكون لا يؤمنون خبرا لإن فالجملة قبلها اعتراض
الثاني أن تكون الثانية بدلا من الأولى والمقتضى للإبدال كون الأولى غير وافية بتمام المراد بخلاف الثانية والمقام يقتضي اعتناء بشأنه لنكتة ككونه مطلوبا في نفسه أو فظيعا أو عجيبا أو لطيفا وهو ضربان أحدهما أن تنزل الثانية من الأولى منزلة بدل البعض من متبوعه كقوله تعالى ( أمدكم بما تعلمون أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون ) فإنه مسوق للتنبيه على نعم الله تعالى عند المخاطبين وقوله أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون أوفى بتأديته مما قبله لدلالته عليها بالتفصيل من غير إحالة على علمهم مع كونهم معاندين والإمداد بما ذكر من الأنعام وغيرها بعض الإمداد بما يعلمون ويحتمل الاستئناف وثانيهما أن تنزل الثانية من الأولى منزلة بدل الاشتمال من متبوعه كقوله تعالى ( اتبعوا المرسلين اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون ) فإن المراد به حمل المخاطبين على اتباع الرسل وقوله تعالى ( اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون ) أوفى بتأدية ذلك لأن معناه لا تخسرون معهم شيئا من دنياكم وتربحون صحة دينكم فينتظم لكم خير الدنيا وخير الآخرة وقول الشاعر:


يتبع.....