الموضوع: صفحتي الهادئة
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-03-2013, 12:47 PM
المشاركة 22
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



بدأ التمرد يسري في فكرنا و أفعالنا اجتياح السم لشاة لذغتها أفعى مسمومة ، رفض لكل ما هو جاهز مسطري ، كل شيء مزور ، القيم ، الثقافة ، الإنسان ...
قصيدة الغزل لها القسط الوافر من تذوقنا للجمال الروحي والطبيعي ، تلك الكلمات التي يصوغها الهائم ، تعزف على أوتار القلوب فتعلوا نغماتها مصافحة أبراج المجد ، تطير في الفضاء الرحب مستنيرة ببريق النجوم ، تعابير تفوح عطرا كنسيم صباحي في حديقة مزهرة .
بهتت الشمس بعد يوم حار ، نسيم عليل يلاطف خياشمي ، أسير جنب الوادي المحتفظ ببقية باقية من مياه راكدة ، نساء القرية يلجن الحقول واصفرار الشمس مسلحات بمناجل و قفاف مصنوعة من جريد النخل على ظهورهن ، يغادرن عند مقدم الظلام وقد جمعن أكواما من الأعشاب .
استوى بصري على فستان مزركش كلوحة بهية رسمها فنان في ليلة عرسه ، لم يكن بصري ليغادر تلك الوردة المتفتحة ، تلك الزهرة الباسمة ، كانت فتاة تستقبل أنوثتها ببطء ، شدني صدرها الظاهر على احتشام كما لو خبأت خلف فستانها رمانتين في حجم برتقالتين ، ساقاها النحيلتان ما زالتا في سمك جذع زيتونة لم تثمر بعد عينان زرقاوان وشعر أشقر يتدلى على كتفيها ، وقفت بجانب ليلى بنت جدتي فاطمة ، في أواسط عقدها الرابع ، أصغر أن تكون جدة ، فقط هي حضرت مولدي وقطعت حبل سرتي لذلك أسميها جدتي . جارتي ، أختي صديقتي لا أعرف أي الألقاب تستحق ، هي في مثل سني كنا بمرتبة توأمين نلعب سوية ، كانت جدتي تحبني كثيرا ، أذكر يوما سرقت لعبة من ليلى فغرست أظافرها في وجهي ، عاقبتها أمها بشدة و قدمت لي اللعبة كتعويض ، أحس يوما بعد الآخر أن ليلى تحاول استمالتي نحوها لكن دون جدوى ، إنها أكثر من أختي ، وديعة ، نشيطة ، فطنة ، صبورة ..
ـ كيف حالك خالد ؟
ـ كل شيء جميل جمال عينيك .
ابتسمت ليلى مضيفة : " جمال عيني أم عيني رفيقتي ؟؟؟
ـ مؤكد أنتما جميلتان .
ـ شكرا على الملاطفة ، هذه عائشة بنت خالي ، يعمل خارج أرض الوطن ، عائشة هذا خالد جارنا الذي حدثتك عنه .
ـ تشرفت بمعرفتك ، قالتها بلغة ركيكة ، هي من أولئك الذين فقدوا لغة وطنهم ولكنتها .
ـ أنا أيضا سعيد بلقائك و ... حاولت أن أكمل الجملة بشيء فجمد لساني وقد صغت الجملة الأولي بأسلوب ركيك كما جملتها ، العيب فينا نقلد كل شيء .
ـ أنت تدرس في المدرسة .
ـ نعم أنا سعيد بهذا وأنت ؟
ـ أنا أيضا أتابع دراستي بالإعدادي ، أحب اللغات أنا أدبية .
ـ أنا أيضا في الإعدادي فقط أحب العلوم .
ـ هل تدرسون العلوم هنا ؟
أحسست كأن خنجرا غرس في كبدي ، ترى هذه نظرة العالم إلينا ، لا نعلم شيئا ، لا نساوي شيئا يذكر .
ـ لم تجب عن سؤالي ؟
ـ لا فقط لم أفهم قصدك بالضبط ، فنحن نقرأ كل العلوم طبيعية وفزيائية ورياضية ..
ـ هائل أنتم كبلاد الغرب وهل تدرسون اللغات ؟
ـ بالطبع ندرس لغات الغرب .
ـ لا أصدق أنت لست كالقرويين هنا .
ـ لا أنا مثلهم تماما فقط لم يجدوا مدارس أيام طفولتهم .
ـ أنت غيور جدا .
ـ أحب ذلك و تعجبني فطنتك .
شكرا لك ، أنا أجهل الكثير عن هذه البلاد .
ـ ربما تجهلين أيضا أنها بلادك .
قاطعت ليلى حديثنا قائلة :
تماديتم كثيرا ، لا أعلم ما تقولنه ، لا أحب أن تتحدثوا بهذه اللغة ، إنها لغة الأجانب ، عليك يا عائشة تعلم لغتنا بدقة ، فنحن لا نجد مكانا نتعلم فيه لغتكم ، أما خالد فكما قلت لك ، يعرف كل شيء فهو ...
ـ كفى ليلى من فضلك كلنا لا نعلم شيئا كلنا متعلمون فقط ..
ـ أكيد تحب مقاطعتي .
ـ كلا فأنا دائما أخوك الذي تعلمين .
ـ تعرف لابد من ملء هذه القفة سنذهب الآن .
ـ كما تحبين .