عرض مشاركة واحدة
قديم 04-30-2013, 04:51 PM
المشاركة 970
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع....العناصر التي شكلت الأفضليةوالروعة في رواية 22- الحراميوسف ادريس مصر

- تتلخص الخطوط العامّة للواقعية عند الأدباءالعرب بخطين أساسيين هما: العناية المفرطة بالفئات الكادحة من الشعب، والتأكيد على أن "الخير" هو السمة الأساسية للجنس البشري،وإن توارت أحياناً تحت ركام الظروفالاجتماعية السيئة.

- ولقد أسهم تطور الأحداث الاجتماعية والسياسية في المنطقةالعربية، في تكوين تيار نقدي تخصص تماماً في صياغة الاتجاه الواقعي في ذلك الإطارالسابق، واتخذ من القصاص يوسف إدريس نموذجاً ممتازاً لدراساته.


- والحق أن هذا الاختيارلم يكن عبثا، وإنما كان تجسيداً حقيقياً لأزمة الاتجاه الواقعي، حين يقصر نظرتهللواقع على الفئات الاجتماعية الدنيا، والخير الكامن في أعماقها.

- جاءت المقدمات الطويلة في منتهى التشويق والإثارة، حول حياة العزبة وحياةالترحيلة.

- فلقد أجاد الفنان في إبراز تلك الفئة الاجتماعية على وجداننا، إجادةرائعة.وهذه هي الحصيلة النهائية للقصة.

- إذ اكتشف مأمور الزراعة لقيطاً عثر عليه عبدالمطلب الخفير بمحض الصدفة.ويستهلك الفنان عشرات الصفحات متتبعاً اهتمام أهل العزبةبهذا الحدث.ويستغل هذه الصفحات في تشريح العلاقة بين المأمور والكتبة من جانب،وأهلالعزبة من جانب آخر، والترحيلة من جانب ثالث. فنعرف أن هوّة تفصل بين هذه الفئاتالثلاث. ونعرف أن كل فئة تشك في أن تكون الأخرى هي صاحبة اللقيط،إلا أن منزليالمأمور والباشكاتب، كانا بعيدين عن مجرد الاحتمال،بالرغم من العلاقة - التي يشيعهاالبعض - بين بنت الباشكاتب وابن المأمور.

- لا شك أننا نلاحظ مسحة من الرمزيةفي جميع أحداث القصة، فجذر البطاطا لا يدل فحسب على رغبة مريض يتدلل على زوجته، إنهرمز حقيقي لكسرة الخبز. ولكنه ليس رمزاً بسيطاً. فقد استراحت عزيزة بين أحضان الرجلوقاومته بيأس في المرة الأولى، ولم تقاومه في المرة الثانية. فهو رمز مركب،يرمزثانية إلى أزمة الجنس. بل إن شجرة الصفصاف في نهاية القصة تحمل هذه الرموزمجتمعة.ولقد أضفت هذه الرمزية عمقاً أصيلاً على القصة،فلم تشطح بها مشكلات هذهالشخصية أو تلك،ولم تنفجر المعادلة الإدريسية انفجاراً،وإنما تمددت في بطء بينثنايا الأحداث،حين أخذ الفنان يستعرض لأول مرة في تاريخنا الأدبي،حياة أولئك "التملية" أو "التراحيل" أو "الغرابوة" كما يسميهم أهل التفتيش.فجاءت الخطيئة نتيجةغير مباشرة للقحط الاجتماعي الذي عاشت فيه أسرة عزيزة.كما جاء جنونها مأساة ضاريةتنشب مخالب الموت في العقول الخاوية إلا من ذهول اللقمة:في غيابها وحضورها.

- كذلك توازنت قصة لنده-بنت الباشكاتب-مع أزمة أحمد سلطان من ناحية وأزمةصفوت ابن المأمور من ناحية أخرى-فقد نالت أزمة الجنس من كيان لندة حتى النخاع.فكانصراعها ضد مجموعة القيم المتوارثة تعبيراً حاداً عن أزمة الضمير الكامنة في أعماقأجيالنا في مختلف مستوياتها الاجتماعية والفكرية.

- على أن الكاتب آثر البعد عنالتقرير والمباشرة في تصوير البنيان الداخلي للنده وصفوت وأحمد.إذ اعتمد اعتمادامطلقاً على انعكاس ذلك البنيان في سلوكهم اليومي.

- ومن هنا تعانقت خيوط قصة لنده معخيوط قصة عزيزة،برباط وثيق من الرمزية الأصيلة،حتى أننا لا نقارن أبداً بين "خطيئة" لنده-من وجهة نظر والدها- وخطيئة عزيزة من وجهة نظر الجميع.إن الفنان يهمس لنا منخلال هذا البناء التراجيدي الناجح،بأن الخطيئة اسم على غير مسمى،إنها كلمة اخترعهاالناس بعقوبة مطلقة،لتعبر عن حقيقة تعيش في كياننا حتى الأعماق.حقيقة قدرية في ظلالمخطط الاجتماعي الذي رسمته الظروف من أجلنا.وهي حقيقة مطلقة بالنسبة إلى جوهرناالبشري.وهي حقيقة نسبية حسب اختلاف ظروفنا.