الموضوع: دموع الحمائم
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
46

المشاهدات
19330
 
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6


عبد السلام بركات زريق is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
9,393

+التقييم
1.84

تاريخ التسجيل
May 2010

الاقامة
سوريا - حماة

رقم العضوية
9229
10-31-2010, 10:21 AM
المشاركة 1
10-31-2010, 10:21 AM
المشاركة 1
افتراضي دموع الحمائم
دموع الحمائم




في رثاء شقيقي خالد الذي توفي صائماً
في رمضان عصر16/10/2005



أطيبَ الثَّرى أودعتُكَ اليومَ غاليـا
سَقَتْكَ بواكي المُزْنِ ما كنتَ راجيا

وأنبتَكَ الرَّحمنُ منْ كلِّ زهـرةٍ
تؤانس محزونا ً وتُسْعِدُ باكيـا

وما كان ماءُ المزن إلا تفجعـاً
وقد بتَّ عنا في ضريحك نائيـا

بكـى رقةً ثم اخضرارا ً ولوعةً
وما كان طبعُ المُعْصِرات التباكيا

وقد أثقل الرحمنُ بالحزن ظهـرَه
فـأقسـمَ إلا أن يكونَ مُـواسيـا

أتانـي ليُنبينـي بأنَّـكَ صائـرٌ
إلى ملكوتِ اللـهِ سَغبانَ صاديـا

فقلتُ أفـي دار الكريم رحالُـهُ ؟
أيا ليتَ في دار الكريم رحاليـا!

أصام وصلَّى ثــمَّ يمَّـمَ شطرَهُ ؟
وما خاب من وافى إلى اللهِ ظاميا

وعدتَ وحَقٌّ ما وعدتَ : إذا مشى
إليَّ محـبٌّ أنْ ألاقيـه ساعيـا

أيا ربِّ ما في العيش طعمٌ نسُوغُه
وليس لنا في الدهر إلا الأمانيـا

ومنْ يطلبِ الدنيا تزِدْهُ تعلُّقـــاً
بمقــدار ماتُسـدي إليـه أياديا

وسيفُ الرَّدى فوق الرؤوس مصلَّتٌ
خفيٌّ ولطفُ اللـهِ ما كان خافيــا

فلو علــمَ الإنسانُ كيف هلاكُهُ
لصارتْ بقاعُ الأرضِ قَفْرَاً خواليا

ولــو علــم الإنسان ساعةَ موتِهِ
لما سار في تلك المصارع ساعيـا

فتىً زانه الرحمن بالعقل والهدى
وكان عن الفحشاء والغيِّ نائيـا

تــراه إذا مـا جئتَـه متبسِّمـاً
يؤاسي أخا كربٍ ويضحك باكيـا

دموعي على ما كان من حُسْنِ سَمْتِهِ
جوارٍ وكم علَّــقتُ فيه رجائيا

أعينـيَّ جُودا لا فجيعــةَ بعـدَهُ
ولا تُبقيا من صادقِ الدمعِ باقيا

زمـانٌ رماني قبلَـه بمصائـبٍ
ولَلْيومَ هانتْ في عظيمِ مصابيـا

عهدتُ من الدهـر التباريحَ والجوى
وعوَّدتُ نفسي الصبرَ في كلِّ شانيا

ولكنـه بالموت فــلَّ عـزائمـي
فلله درُّ المـوتِ مـا كان راميـا ؟

تمنيتُ أني كنتُ في اللحد دونه
ولا نظرتْ عيني العيونَ البواكيا

وماذا ستجدي ليتَ أو أخواتها
إذا كان سيفُ الحق في الخلق ماضيا

أسيفَ الردى ذكَّرتَنــي بفراقــهِ
بأنيَ مَيْتٌ طالما كنتُ ناسيــــا

وهيهات أنسى الموتَ في العمر ساعةً
ولـو أن جنـاتِ الخلـود أماميـا

إذا لجَّتِ الذكرى بصدري وجدتُنـي
يسيل علــى ثغري الحنينُ قوافيـا

فمذ كـان حياًً مـا أطقـتُ فراقَــهُ
فكيـف وقــد أيقنــتُ ألا تلاقيـا

لـو اني إذا ناجيتُ نفَّسْـتُ كربَـتي
إذاً بلغت نجوايَ أقصى رجائيــا

وأسبلتُ من حزني دموعَ حمائمٍ
وناجيتُها حتـى تمـلَّ التناجيــا

ولكنني ما إن ذكرتـك خالــداً
تحملني ذكراك أضعاف مابيـــا

لقد عشتُ حيناً لا أرى بيَ حاجةً
لأكتب في تلك الجسوم مراثيــا

فإن مات زيدٌ أو قضى عمروُ بعدَهُ
أقول استراح اليوم من كان عانيـا

وكنت أعزِّي الناسَ فـي كلِّ مأتمٍ
وجلَّ مصابـي مـن لـه بعزائيا ؟

وعادتْ بيَ الذكرى نضـارَ شبيبةٍ
فقدتُ وهل في الناس مثلُ مصابيا

لو اني رويتُ القلبَ منه بضمَّـةٍ
لكنتُ حبستُ اليومَ بعضَ بكائيـا

أخالـدُ ما في العيش إلا مـرارةٌ
أُجرَّعُها ذكرى تَقُضُّ مَنَامِيا

أخـالدُ ما في الكأس إلا بقيــةٌ
لعـلَّ زمانـي أن يعيدَ التَّساقيـا



15 /1/2006