عرض مشاركة واحدة
قديم 03-13-2014, 08:47 AM
المشاركة 1114
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم 46- -لعبة النسيان محمد برادة المغرب


- إن الزمن في لعبة النسيان دائري وهابط؛ لأن السرد قائم على استرجاع الزمن الضائع واستعادة ذكرى وفاة الأم باعتبارها الشخصية المحورية.

- وهذا يدل على مدى انزياح الرواية زمنيا عن النسق الزمن الكلاسيكي حيث يتحرك الزمن من الحاضر وهو صاعد نحو المستقبل.

- ويلاحظ أن الرواية عبارة عن قصص نووية مستقلة بمفردها ولوحات سردية منفصلة على الرغم من كونها تترابط بنيويا من خلال شجرة العائلة: قرابة ومصاهرة.

- وتحضر النصوص النقدية المتعلقة بالتفكير في الرواية وكيفية تشخيصها ذاتيا من خلال فضح أسرار اللعبة السردية لتبين الانفصال الموجود بين الإبداع والنقد المقتحم ليحضر القارىء قصد إبلاغه بتقنيات الرواية ومنظوراتها السردية وطريقة أسلبتها.

- إن الرواية- إذا- متخلخلة من حيث البناء والتركيب والزمن، فلا نجد الخط الكرونولوجي، بل نجد أحداثا دائرية تستعاد عن طريق الفلاش باك أو التذكر عبر العودة إلى الماضي بحثا عن الأصول والجذور وتحولاتها في الحاضر وامتدادها في المستقبل من خلال الفروع والحواشي.

- إذا، هناك تكسير لعمودية السرد عبر الاسترجاع والبناء الدائري؛ لأن الرواية تبدأ بالموت وتنتهي به كذلك.

- وعلى الرغم من تفكك الرواية على قصص صغرى وحكايات نووية تسردها الشخصيات المشخصة أو الساردة فإن الرواية مترابطة من خلال اتساقها وانسجامها الداخلي/ البنيوي لأنها تصب كلها في قصة لالة الغالية باعتبارها الأم المثالية، أو التاريخ العريق، والوطن بكل دفء وأمومة.

- فالأم حاضرة في هذه القصص كلها من خلال الاستدعاء والامتداد والتماثل والتطابق والتضمن.

- وبالتالي، فوفاتها تشكل البؤرة الدلالية الكبرى للرواية التي استحثت التيمات والشخوص الأخرى لتوليد الخطابات السردية حولها في شكل اعترافات ومذكرات وتعليقات وشهادات.

- وهكذا، فلعبة النسيان هي رواية الفقدان والنسيان والسلوان واستعادة الزمن الضائع.

- وينحرف الزمن في الرواية إلى الماضي أكثر من انحرافه نحو استشراف المستقبل.

- لأن الرواية هي رواية التاريخ واستعادة الذات لزمنها في صيرورتها الموضوعية، ويمكن أن نختزل سرعة الزمن وبطئه في الخطاطة التوضيحية:

- الكاتب يستفيد من تقنيات الرواية الجديدة ومن تقنيات الرواية الكلاسيكية كذلك، مع العلم أن الزمن لدى الكاتب يتسم بالتشظي والإرصاد والخلخلة في البناء على الرغم منوجود الانسجام العضوي والاتساق البنيوي.

- يستند الكاتب في الرواية إلى توظيف الوقفات الوصفية لتقديم الشخصيات الرئيسية وتصوير الفضاء الذي يؤطر الأحداث ويؤثثها، وتستغرق هذه الوقفات مساحات نصية كبيرة مما يتعطل معها الزمن لتشويق القارىء وخلق الجو النفسي لمعايشة الحدث وتصور الاحتمالات الفنية الممكنة.

- ويقترب محمد برادة في مقاطعه الوصفية من عبد الكريم غلاب في دفنا الماضي والمعلم علي، إذ تغلب الرؤية الإثنوغرافية والسياحية على تقديم المقاطع الوصفية، خاصة وصف فاس البالي، وحفلة عرس عزيز في فاس الجديدة.

- ويتسم هذا الوصف بالطابع الواقعي.

- لكن نفس محمد برادة ليس طويلا ومسهبا مثل نفس بلزاك أو نجيب محفوظ أو عبد الكريم غلاب الذي يستغرق صفحات طويلة.

- بل يتسم الوصف بالإيجاز والتلميح والإيحاء والاختزال والتكثيف.

- وتحضر المشاهد الدرامية بكثرة خاصة مشهد " واقعة الضب"، والمشاهد الجنسية المتعلقة بالهادي والمشاهد الغرامية المتعلقة كذلك بالطايع، إنها مشاهد درامية مشحونة بالتوتروالصراع واختلاف وجهات النظر والرؤى الفلسفية العميقة والبعد المأساوي( كمشهد جنازة الأم / أو زوجة سيدالطيب....).

- وإذا كان التلخيص يعمد إلى حذف ما لا قيمة له، فإن المشاهد عبارة عن مقاطع تمثيلية لها أهمية كبرى في تأزيم الرواية وشحنها بالصراع الدرامي.

- ولا يعمد الكاتب إلى البطء الزمني من خلال الوقفة والمشهد المسرحي، بل يلتجىء كذلك على تسريع الزمن من خلال التلخيص عبر المرور السريع على فترات زمنية طويلة لا جدوى منذكر أحداثها؛ لأنها لا تضيف أي جديد على بناء الرواية وتوتر إيقاعها النسقي.

- كما يكثر من الحذف الزمني لخلق الثغرات الظاهرة والضمنية رغبة في الدخول في الأحداث مباشرة وتسهيل الانتقال من مقطع إلى آخر أو المرور من حدث إلى حدث آخر أو من فترة زمنية إلى أخرى مستغنيا عن الأحداث التي لا قيمة لها.

- أما عن التواتر فهي قضية أسلوبية عند البعض، وزمنية عند البعض الآخر كجيرار جنيت، والمقصود بالتواتر هو مجموع علاقات التكرار بين النص والحكاية.