عرض مشاركة واحدة
قديم 05-24-2012, 10:33 PM
المشاركة 675
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
من مقال بعنوانتيار الرذيلة في القصة الليبية القصيرة 1957 ـ 1987

أما موضوع الممارسات الاجتماعية الخاطئة عند خليفة حسين مصطفي فيأخذ أشكالا مختلفة، فمجموعة (صخب الموتى) تحتوي على أكثر من قصة عن الرذيلة، بالإضافة إلى ما في ثنايا موضوعات القصص الأخرى ؛ فقصة ( حيث تسقط الظلال )، عن رجل ورع تقي يعيش عيشة هادئة، متزوج وعنده ثلاثة أولاد. يذهب إلى المسجد، طويل ووسيم.. بعد هذا التدين والانسجام مع حياته وقع في محظور الحرام، أغرته امرأة غانية وهو سائر في طريقه، كان يشتهي جسمها الطري بالحلال، ولكن أنَى له ذلك !؟.. تبعها حيث أشارت إلى منزلها، وقف أمام الباب، وما أن دخل البيت حتى " تجرَد من كل ما يعوق حركة أعضائه، قفز إلى السرير، ضحك من نفسه، أزعجه أن يكون هكذا طفلا عابثا.. وكانت عملية الاقتحام صعبة، ولم يكن يتصور أنها صعبة إلى هذا الحد، فالسهل لم يكن منبسطا كما تصور، لن ييأس، فإنه ثمة فرصة للمراوغة، ومع هذا فكل حركة من حركاته تؤكد أنه خسر سلاحه في مواجهة جدار من الصلب.. رفعت المرأة رأسها، أدركها الملل، نظرت اليه بازدراء. شك مرعب في حقيقة وجوده كرجل يثق في نفسه. هبط إلى الأرض، ارتدي ملابسه كيفما اتفق وخرج. مشى فوق الرصيف ملتصقا بالجدران، يشم رائحة كريهة تحيط به، ويشعر برغبة في النباح "(11). فدرجة النذالة التي أحسّ بها أشعرته أنه استحال إلى كلب. أسفه العميق علي دينه ومكانته يضارع فشله الذريع في إثبات رجولته التي انهارت، وكأن عصا الانتقام الرباني تلاحقه وتقتص عـلي الفور منه.. وهكذا كان خليفة حسين مصطفي في قـصة ( ظل الظل ) في مجموعة ( صخب الموتى) 1975، وقصة (القضية) 1985 وغيرها.
وليس النغمة التي يعزف عليها خليفة حسين مصطفى هي الحب بأكثر من وجه كما استنتج سليمان كشلاف (12) وإنما يعزف علي الحب الحرام والسخرية بمثالب المجتمع.. ومن ذلك احتيالات الفقيه في المال والجنس، أشهرها في مجموعة (حكايات شارع كالغربي) 1979 إذ تتضح فيها الرذيلة بصورة جلية من خلال قصة ( عصفوران وحجر ) بغرقها الكامل في تيار الرذيلة، إذ تحكي قصة امرأة تزوجت ابنتها من رجلٍ مسن ذي مال، لكن ماله أخذ يقل مما الجأ الأم إلى محاولة طلاقها منه علي أمل أن تزوجها شابا غنيّا ظهر فجأةً، إلا أن الرجل العجوز متمسك بزوجته ولا يريد طلاقها.. وتذهب الأم إلى الفقيه ليفك العقدة " وضع الشيخ يده علي فخذها... نهض متوثبا للعمل، أطفأ ذبالة المصباح وألقي بقبضة من البخور في النار... التقط الفقيه الطبل وهزه عدة مرات.. دنا من المرأة، هبت أنفاسه السريعة في وجهها كرياح ساخنة.. ركضت أصابعه تتحسس صدرها وتنفض عن جسدها صدأ أعوام طويلة.. لا أمل في المقاومة، وها هي نار ناعمة تلهب عروقها، نار بالغة القسوة ولذيذة، تساقط مطر بطيء وخفت حدة الحرارة.. غالبت وهن عظامها ونهضت تلملم ثيابها المبعثرة، خرجت يلاحقها صدى آخر كلمات الفقيه :
ـ ضربت عصفورين بحجر واحد، فماذا تريدين أكثر من ذلك !؟ أكثر من ذلك.. ذلك ؟!(13)