الموضوع: المكان المظلم
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
8

المشاهدات
1743
 
موسى المحمود
كاتب فلسطيني مميز

اوسمتي


موسى المحمود is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
670

+التقييم
0.66

تاريخ التسجيل
Aug 2021

الاقامة
الأردن

رقم العضوية
16809
09-30-2021, 03:42 PM
المشاركة 1
09-30-2021, 03:42 PM
المشاركة 1
افتراضي المكان المظلم
تفتّحت بصيرتهُ للتوِّ، المكانُ مظلمٌ كالليل الحالك، تتسلّلُ إلى مسمعه أصوات غريبة لم يسمعها من قبل، يسمع قرقعة دفوف وأنغام طبل منتظمة، وخرير سوائل من هنا وهناك، يشعر بخفة بالغة يكاد يطير ولكن شيئاً ما يثبّتهُ بالمكان، يشعر أنه في الجنّة ولكنها جنّة مظلمة، كلّما اشتهى شيئاً أتاه فوراً، ولكنّ الظلام يزعجه، يريد أن يرى النور، تمر الأيام والشهور وهو على هذا الحال، جسده ينمو ويكبر ويزدادُ جمالاً، ولكنه لا يبرح مكانه، لا يستطيع الخروج من هذا المكان المظلم، جسده ما زال ضعيفاً لا يقوى على الخروج من بوابة المكان الضيّقة المحكمة الإغلاق.

بعد مرور عدة شهور، شعر بقوة أكبر وبدأ يحاول الخروج من المكان، كان يتراجع إلى الأعلى ثمّ وبكامل ثقله يدفع إلى الأسفل، يستخدم يديه ورجليه ورأسه في محاولةٍ لشقّ فتحة صغيرة في الباب كي يستطيع النفاذ إلى الخارج، أصبح يستطيع سماع من في الخارج، يحاول تمييز ما يقولون لكنه لا يفهم لغتهم، وكلّما اجتمعوا يرتفع صوت القرقعة فيحاول الخروج مرة بعد مرة ولكن دون جدوى.

وذات يوم، أتاهُ هاتفٌ يجهل مصدره، يخبره بأنه قد حان الوقت للخروج، فاستجمع قواه وبدأ يدفع بجسده إلى الأعلى حتى يندفع بقوة أكبر هذه المرة، وفعلاً بعد محاولاتٍ كثيرةٍ، استطاع أن يُطِلَّ برأسه من بوّابة المكان المظلم، وما أن أبصر النور حتى هزته صرخةٌ عظيمة تتخللها كلمات غريبة تشبه الترانيم أو الأدعية، صاح أحدهم: مبروك .. ولد .. إنّهُ ولد .. يتربى بعزكم! شعر بخوفٍ كبير، أراد العودة، حاول التمسّك بالمكان المظلم، ولكنهم يسحبونه بقوّة .. باءت جميع محاولاته بالفشل، وبعد دقائق وجد نفسه في مكانٍ يملؤه النور وقد استقرّ جسدهُ على ملاءة بيضاء فوق سريرٍ مرتفع، فأخذتهُ سيّدةٌ جميلة، وألقمتهُ ثديها وهي تربت على ظهره بلطف وحبّ، ومنذ ذلك الحين وهو يحبّها.