الموضوع: انتحار الفضيلة
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
11

المشاهدات
6482
 
علي بن حسن الزهراني
أديب وإعلامي سعودي

اوسمتي


علي بن حسن الزهراني is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,762

+التقييم
0.33

تاريخ التسجيل
Jul 2009

الاقامة
الرياض - السعودية

رقم العضوية
7494
08-28-2010, 05:50 PM
المشاركة 1
08-28-2010, 05:50 PM
المشاركة 1
افتراضي انتحار الفضيلة
نامت المدينة الحالمة بين أحضان التاريخ الممتد في طرقاتها المتعفنة بالحفر، والجهل، والناس أيضا !
لم يكن تاريخها العظيم يحمل كثيرا مِنْ تاريخ مَنْ حملتهم في بطنها مئة عام، وفوق ظهرها مئة عام هي نفسها سنوات الحمل والرضاعة والفطام المر..
يتشبث الفضلاء من ساكنيها بأغصان الزيتون الوهمية، ويشربون عصيره، ويغسلون أجسادهم من المقروء فيه؛ لأنهم اعتنقوا فكرة الاستشفاء بالفضيلة..
أما غيرهم من غير الفضلاء، فطفقوا يركبون السحاب المتجهم، يقينا منهم بأنه يجلب الحظ والمطر الذي يسقي الأجساد، ويهلك النسل..
أرادوا ذلك في قناعة الجهال، وغباء الأذكياء، وتفاهة الحمقى عندما تنتحر الفضيلة تحت رمضاء حماقتهم..
تغتصب النساء في ساحات الرذيلة من أجل لقمة عيش يتسولنها، وسهام الفقر تخترق أجسادهن كلما مررن بذي مال سخره في خدمتهن وقضاء حوائجهن من أبسط متطلبات الحياة، وأسوأ مستلزماتها، في زمن التكافل الاجتماعي والانحطاط الخلقي، الذي لم نر مثله حتى في صحونا المتعكر بصفو الحياة في أواخر العصر العباسي الثاني..!
نرتع، ونلهو، ثم نغفل فنغفو على أبواق المحتاجين من الرجال والنساء والأطفال، في الطرقات العامة، وفي الأزقة المظلمة، وبين جنبات الأبواب الزجاجية، التي تعكس ظلام النفوس، وضلال الأخلاق، وتقصير القلوب والأعمار، حيث تموت الفضيلة هناك، وقد مرت قدماها العاريتان على حزم الأشواك، وتستيقظ على أنّاتها ووناتها مدينتهم النائمة، تطل من نافذتها الصغيرة، وهي تتثاءب من شبع النوم، وشبع البطن، ونساؤها يغتصبن جائعات، ورجالها وأطفالها يشردون، ليعودوا إليها بعد مئة عام أخرى يبحثون عن إخوتهم من الزنا وقد استعبدوا، وأمهاتهم العاهرات على جدران القصور وأرصفة الطرقات..عادوا إلى مدينتهم يحملون عقدا نفسية لن تمحوها مئة عام أخرى بعد المئتين..!!
والله من وراء القصد.
أبو أسامة


زحمة وجوه وعابرين!