عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
7

المشاهدات
5092
 
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي


ريم بدر الدين is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
4,267

+التقييم
0.68

تاريخ التسجيل
Jan 2007

الاقامة

رقم العضوية
2765
04-16-2012, 01:55 PM
المشاركة 1
04-16-2012, 01:55 PM
المشاركة 1
افتراضي حكايا زمان..في ذاكرة المكان
حكايا زمان..

في ذاكرة المكان
تدهشني هذه الحالة التي تنتابني.. أوقن أنها المرة الأولى التي أمر بها في مكان ما لكن ثمة ذاكرة غريبة أتقاسمها معه.. الروائح و الطعوم و الأصوات و كل تفصيل في المكان ..احد الأصدقاء سماها يوما " ذاكرة المكان " أو " شذى المكان".. و أردها أحيانا لفرضية عالم ما قبل الجسد!
بعد زيارة لقصر العظم المتحف الدمشقي المشهور بتماثيله الشمعية التي تجسد تقاليد سورية بالعموم و دمشق بالخصوص من حيث اللباس و العادات و الظروف البيئية المحيطة سألني يوسف الصغير : عندما تطفأ أنوار القصر و يذهب الزوار إلى بيوتهم هل تقوم هذه التماثيل و تمارس حياة أخرى في الليل ؟
هي فكرة مدهشة حقا عززتها لدي لعبة الكترونية اسمها" البحث عن المجوهرات " مادتها خرائط متحف ..بقدر ما هو المتحف جميل و قيم بقدر ما هو مخيف عندما تمارس مقتنياته حياة أخرى مستمدة من ذاكرة بعيدة أو حديثة .
و لكن لماذا أحكي عن هذا ؟
حكايا زمان مقهى في قلب دمشق في منطقة يعرفها الدمشقيون، حي "البرامكة "و و يقع هذا المقهى في الدور الأرضي من عمارة حديثة نسبيا بشكل لا يتناسب مع طراز المقهى و اسمه
ثمة غرابة في المكان أنني لدى مروري هناك للوهلة الأولى أحسست بدافع غريب لاستكشاف المكان لكنني لم أدخله .. أكاد اعرف أمكنة الطاولات و الكراسي، شكل الفنجانين و قطع الحلوى التي تقدم هناك و حتى الأشخاص الذين كانوا في المكان يوما عابري سبيل أو زبائن دائمين .
لا بد أن هذا المكان شهد الكثير من قصص الحب و الانفصال و الصداقة والخيانة و الشراكات و شتى المشاعر الإنسانية حتى المتضاربة منها .
أرجأت عودتي للمكان لأحظى برفقة من أحب أن أدعوه إلى فنجان القهوة و هكذا نحن عادة نظن أننا نخبئ اللحظة في جيب داخلي لنظهرها في اللحظة التي نراها مناسبة و نتناسى أننا بهذا نفوت على أنفسنا اللحظة الأجمل .. و لم يتسن لي العودة إلا بعد عام كامل ..وجدت المكان مقفلا و لا أحد فيه .. قيل لي إنه أقفل منذ شهور لخلوه من رواده تدريجيا و لأسباب مختلفة ..
يجب أن تنتهي القصة هنا أليس كذلك؟
عدت إلى بيتي و جلست إلى مكتبي أفكر في المكان عندما يجن عليه الليل مقفرا مغلقا .. سألت نفسي هل ما زالت تلك الطاولات في مكانها المعهود و فناجين الشاي البيضاء و كراسيه القديمة .. هل في هذه العتمة تتحادث الأشياء فيما بينها و تشي بهمسات تلقفتها من عشاق تحلقوا هنا يوما ؟ كيف لمكان لم ألجه و رامقته من وراء واجهة زجاجية أن يسكنني بهذا الشكل .. صار ديدني كلما مررت من المكان أن أحييه بعيني تحية صديق قديم و أعده أنه لو فتح أبوابه يوما سأتخذ لي مقعدا مع من أحب أن يشاركني قهوتي ..
دمشق 16/4/2012