عرض مشاركة واحدة
قديم 11-03-2017, 08:45 AM
المشاركة 24
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ابو صالح والسجائر

عرفت ابو صالح منذ سنوات. قابلته اول مرة في احد الأعراس في الكويت في ثمانينيات القرن الماضي رغم انه ابن قريتي لانه كان قد سافر للعمل في الكويت منذ ستينيات القرن الماضي وكنت حينها ما ازال طفلا صغيرا.
وجدته منذ لقائي الاول مولع بالتدخين لا يكاد يطفيء سيجارة حتى يشعل اخرى. واحيانا يشعل الجديدة من عقب التي انقضت. واحيانا يجمع بين الاختين . واحدة بين اصابعه والاخرى على طرف المكتة امام ناظريه. اظنه كان يتجاوز حرق محتويات اربع علب سجاير كل اربعة وعشرين ساعة فقط، وحتما لم يكن يعي انه كان يحرق نفسه.

تكررت لقاءاتي معه في المناسبات، وما لبثت حتى بدات محاولة إقناعه بترك التدخين. بذلت في ذلك جهدا مهولا. لم اترك وسيله ولا حيلة ولا اسلوب ولا طريقة ولا معلومة الا وحاولت تسخيرها لإقناعه بترك التدخين.

حاولت اللعب على وتر التخويف والحقائق العلمية . اخبرته ان كل سيجاره تحتوي 518 نوع سموم أخطرها القطران والنيكوتين. قرات له بصوت عالي منبها ومحذرا ما دون على علب سجائره التي يلتهمها وكانها اصابع من الشوكلاته الفاخره .

وحاولت تصوير كيف سيكون عليه حاله بعد سنوات . كررت تحذيره واللعب على وتر الخوف. اخبرته بان المدخن انسان يتحكم في عقله النيكوتين، فهو عبد. لكن كما يقال " لا حياة لمن تنادي".

كان مدمنا على حرق نفسه وتعطل بفعل ذلك تفكيره المنطقي. وكان يزين لنفسه عملية الانتحار البطيء تلك.

طور مثل كل المدخنين فلسفة تبريرية لكي يقنع نفسه ومحاوره بايجابيات وهمية للتدخين. كان عبدا لسيده السيجارة. وكان يظن خطا انه هو السيد في معركته مع النيكوتين.

هزمني في معركتي لإقناعه في هجر التدخين وهجرته لسنوات لانشغالي بأعمالي واختلاف طباعنا ومشاربنا واعمارنا ولم نلتق الا قليلا في المناسبات.

الى ان وصلني ذات يوم خبر انه يرقد في المستشفى الاميري على الدائري الرابع. زرته هناك مطمئنا على حالته. فوجدته مكسور الخاطر ، مسلوب الإرادة ، مريضا، مهزوما، مستلقيا على سريره لا يكاد يتحرك. ولم يكن ذلك أسوأ ما فيه!؟!؟

سالته عن حاله فأخبرني انهم حفروا في اماكن عدة من جسده لازالة الجلطات من شراينه التي تشكلت بفعل التدخين الذي استمر يحرقه وينتخر به زهاء أربعون عاما....

سالته ان كان سيتوقف عن التدخين اذا ؟؟؟!!! فأكد وجزم ووعد واقسم انه لن يعود للتدخين مرة اخرى أبدا ابد ... قالها بمرارة وحسرة والم وندم ، وكأن لسان حاله يقول : اين كان عقلي؟؟؟!!!



*