عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
11

المشاهدات
1908
 
موسى المحمود
كاتب فلسطيني مميز

اوسمتي


موسى المحمود is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
670

+التقييم
0.67

تاريخ التسجيل
Aug 2021

الاقامة
الأردن

رقم العضوية
16809
09-26-2021, 09:43 AM
المشاركة 1
09-26-2021, 09:43 AM
المشاركة 1
افتراضي أفْيُوْنُ الحُبّ
أفْيُوْنُ الحُبِّ




عندما يُرخي الليلُ سدوله، يتوحّشُ الكونُ من حولها، تتوحّشُ الأشياءُ في حجرتها، يهوي قلبها في عمقِ الوحدة، وتشتعلُ أنفاسها بالأنينِ وبالألم. تُصادِفُهُ في أحلامها ويقظتها، تصادفه في الروايات المتكدّسة على مكتبها، في الأوراق المتجعّدة السطوح، في كلّ قطرة حبرٍ سقطت سهواً من دواتها، في كلّ الصور المصلوبة على جدران حجرتها، في كلّ الذكريات المتشبّثة بذاكرتها الصغيرة .. لم تُكمل العشرين من عمرها .. لم يكتمل طول شَعرها ولا حتى استقرّت ملامح وجهها. ذات يومٍ حين استعمرها بالحبّ، مرّر أفيون كلماته إلى روحها الغضّة وترك على جدار قلبها آثار سياط الرحيل. تساءلت: لماذا رحل ونسي نفسه فيّ ؟ في أيّامي؟ في أنفاسي ؟ في أشلاء أشلائي؟ لماذا رحل عنّي وقد كنتُ جميلته وحبيبته ومدلّلته وصديقته وسيّدة قلبه الأولى ؟ أسئلة تدورُ وتدور في رأسها .. تكاد تثقب قلبها .. لم تجد الإجابة منذ رحل، ربّما لن تجد الإجابة إلى الأبد .. لكنها تريد أن تمحوه من ذاكرتها .. تريدُ أن تزيل آثار فمه عن شفتيها وخدّيها وعنقها وأناملها وخصرها وشعرها وحروفها وأوراقها وأحبارها وأقلامها وقصائدها وأشيائها وحجرتها.. تتمنى أن يختفي طيف عينيه من سقف حجرتها .. فكلّما حاولت الخلود إلى النوم .. رمقها بنظرة اشتياقٍ ولم يحضر.. كأنه يتلذذ بدموعها .. بعذابها .. وموتها. في تلك الليلة .. أسرجت أقلامها عند أوّل صفحةٍ بيضاء ثمّ انتفضت من سريرها .. وقفت عليه .. أخذت تقفز إلى الأعلى .. تحاول ملامسة السقف .. تحاول أن تفقأ عينيه .. لعلّه يرحل عنها .. إنّها تحبّه .. إنّها تحبّهُ تعشقه .. كأنّ في عينيهِ سرّ حياتها وفي حضوره خلودها! ظلّت تحاول بالقفز حتى شارفت على الثلاثين من عمرها .. حينها فقط .. كانت قد كَبُرَت .. وازداد طولُ شعرها .. واكتملت أنوثة جسدها .. حينها فقط .. صار باستطاعتها ملامسة السقف وعينيه .. حينها خرج الليلُ من حجرتها .. واختفى خيال عينيه.. خلف عينيّ مروّجٍ آخر...



التعديل الأخير تم بواسطة موسى المحمود ; 09-27-2021 الساعة 08:24 AM سبب آخر: قصائديها، وملاحظات الأستاذ محمد أبو الفضل