عرض مشاركة واحدة
قديم 12-06-2010, 08:39 PM
المشاركة 98
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
المصدر
ديوان رماد الهشيم
رقم القصيدة (5)



رحلةٌ من الكوخِ إلى القصرِ




قالت تعاتبُني وقد سكن الهوى
ماذا كتبتَ ؟ وأجهشتْ ببكاءِ


ماذا فعلتُ لتستبيحَ عواطفي
وتقيم مأدبةً على أشلائي


هذي " الفساتين " التي مزَّقتُها
بأظافرٍ نفذتْ إلى أحشائي


هذي الملايين التي جمَّعتها
وصبغتها زيفاً بلون ضيائي


هذي القصائد والرسائل والدمى
والمغرياتُ وحجرةُ الأضواءِ


والأمنياتُ .. الأُعطياتُ وباقة ٌ
محمومةُ الأزهار والأنداءِ


والقائمون القاعدون تزلُّفاً
والراكعون الساجدون ورائي


هذي وتلك وهؤلاء جميعهم
رقصوا على جسدي فمات إبائي


* * *

وأتيتُ أزحفُ والهوان يعضُّني
وبقية الأُجراء والعملاءِ


فإذا زحفتُ إلى الأمام تنكَّبوا
أسيافَ شهوتهم بدون حياءِ


وإذا انكفأتُ إلى الوراء تحلَّقوا
حولي وأمسكَ رأسُهم بحذائي


* * *

فوقفتُ أنتظرُ الغروب لعلَّني
بعد الغروب ألوذُ بالظلماءِ


ومضيتُ في الليل المعكَّرِ صفوه
بضجيجِ من سكروا من البُلهاءِ


أتلمَّسُ الجدرانَ أعثرُ بالرؤى
وأَشقُّ دربي .. أختفي بردائي

طوراً تقاذفُني الظنونُ وتارةً
تمضي بيَ الأوهام في خيلاءِ


ولقد ألفتُ العُرْيَ بعد هنيهةٍ
فخلعتُ جلدي بعد قصِّ فرائي


وألفتُ طعم الغدر بعد تقيؤٍ
فأكلتُ عهدي واحتسيتُ وفائي


* * *

ووصلتُ منتصف الطريق وراعني
شخصٌ تنكر تحت ثوب رياءِ


فوقفتُ أنظر من خلال أصابعي
طوراً وطوراً من ثقوب غطائي


حتى مَللتُ من الوقوف وساقني
حُمقي وحُمَّى اليأسِ في أعضائي


فجذبتُه نحوي ليسقط برقعٌ
فإذا به من عُصبةِ اللقطاءِ


وتركتُه بالوحل يغسلُ وجهَه
ومضيتُ ألعنُ فطنتي وذكائي


وسمعتُه يهذي يتمتمُ قائلاً :
هذا طلاءٌ فاحتقرتُ غبائي


* * *

ووصلتُ قصرك والجراح مشاعلٌ
تقتاتُ زيتَ الهمِّ والبُرحاءِ


فثقبتُ أسوارَ الرياء بنظرةٍ
نفذتْ لداخل قصرك المُتنائي


ورأيتُ ما وسع الخيال تصوُّراً
من خِسَّةِ اللؤماءِ والسُّفهاءِ


العاهراتُ العارياتُ حرائقٌ
بدمِ الزُّناةِ وأضلع الجهلاءِ


لم يعرفوا أن الطريق لضربنا
رُصفتْ بأوَّل دعوةٍ لبغاءِ


* * *

أنهتْ حديثَ العتب ثم تنهدتْ
ورنتْ إليَّ بنظرةٍ خرساءِ


فهرَعتُ للكوخ الذي ماضمَّنا
إلا ليبعدَنا لغير لقاءِ


أمسكتُ مِعولَ خيبتي وهدمتُهُ
لأعيش حلمَ السعد بعد شقائي


ونسجتُ من غَزْلِ القريضِ قصائداً
كفناً لصوتي حين مات ندائي


* * *

هذي قصائديَ التي ما صُغتُها
إلا لأُلقيها على البُسطاءِ


نضَّدتُ أحرفَها المشعَّةَ خلسةً
من أعين النقادِ والأدباء


وجعلت آيةَ حسنها مجلوَّةً
عند الرواةِ ومعشر الشعراءِ



28-2-1978