عرض مشاركة واحدة
قديم 12-04-2010, 11:57 AM
المشاركة 91
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
المصدر
ديوان صراخ الجحيم
رقم القصيدة (27)



أصيلُ العمر




ودَّعتُ أيام الشباب الغالي
وصحوتُ يحرقني لظى آمالي

ضيَّعتُ أحلام الحياة رعونةً
آلتْ حلاوتها لسوء مآلِ


فجنيتُ أشواك الورود بأنْمُلي
وغنمتُ أصدافاً بغير لآلي


وحملتُ أوراق الشقاء بخافقي
وفتلتُ من نَزَق الغرور حبالي


ونسجتُ من غَزْل الخيال مطارفاً
ولبستها بتأنقٍ ودلالِ


وبحثتُ عن ألق الحقيقة لم أجدْ
إلا الضلالة والضباب حيالي


فطويتُ أسفار المعارف يائساً
وفتحتُ سفر الجهل بعد ضلالي


ومضيتُ أحلم بالسعادة والمنى
فغرقتُ بالآثام والأوحالِ


* * *

ولكم وقفتُ أمام نفسيَ حائراً
مستسلماً لندائها المتوالي


فرأيتُني أجتاح كلَّ عظيمةٍ
وأصدُّ كلَّ ملمَّةٍ بفعالي


أتقحَّمُ الأخطار .. أهزأُ بالردى
لترفَّ في أفق النضال ظلالي


حتى كأنِّي - والحوادثُ جمَّةٌ -
هدفُ الزمان وساحةٌ لقتالِ


أبداً يُسدِّدُ للفؤاد سهامه
حتى تعودتِ الخطوب نزالي


ألفَتْ وجودي في منازلِ غدرها
رجلاً على الأحداثِ غيرَ مبالِ


فتراجعتْ عني لترجعَ كَرَّةً
أُخرى .. وقد كسر الزمانُ نصالي


* * *

عمري سنا برقٍ تألَّقَ واختفى
بظلامِ يأسي بعد طول نضالي


ما مرَّ بي يومٌ تبسَّمَ فجرُه
إلا بكيتُ عليه خوف زوالِ


إني ليَحْزُنني فراق أحبَّتي
نزقِ الشبابِ وصبوتي وجمالي


ورفيفِ أحلام الطفولة والصِّبا
وبزوغِ آمالي بأفق خيالي


وجموحِ أفكاري وفيضِ مشاعري
ورقيقِ إحساسي وظُرفِ مقالي


لكنَّ لي كبداً تحنُّ وخافقاً
أبداً على الأيام ليس بخالِ


حمل الهوى والطهر تحت شغافه
ما كان يكذبُ في الهوى ويُمالي


واليوم .. والألم الممضُّ يهدُّني
وعجينتي رجعتْ إلى صلصالِ


قاربتُ سنَّ الأربعين فهامتي
جرداءُ .. إلا من رفيف ظلالِ


سكنتْ سفوح الرأس تحضن قمةً
كرسوم أهل الكهفِ .. كالأطلالِ


رجعتْ إليَّ تنوشني بنيوبها
ولظى الهموم أتى على سربالي


جفَّتْ ينابيعُ العطاءِ ورجَّعتْ
برياضِ عمري جوقة الآصالِ


وإذا بصحراءِ الفناءِ تلوح لي
ويضيعُ فيها موسمُ الآمالِ




حماة 22-7-1972