عرض مشاركة واحدة
قديم 02-01-2013, 08:10 PM
المشاركة 34
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أما السيدة حذام العربي فقالت عن قصة ليلى:
- تدور القصة عن طفلة في الخامسة من عمرها، تستفيق من نومها ممتعضة من حلم رأته في منامها. حيث يقودها استمرار الامتعاض إلى ا لسلوك المتعنت، غير المقبول، ومن ثم التمادي فيه وصولا إلى (التخريب)، ثم إلى " مغامرات طفولية " تتمثل في الرحيل من البيت باعلان الاستقلال عن العائلة.

- الأهم من ذلك، تتعرض القصة إلى الطريق السوي او الأسلوب ا لتربوي الأمثل الذي يجدر بالأهل ممارسته لمعالجة عناد الطفل واحتواء غضبه، وإمتعاضه او مزاجه المتقلب.

- والحقيقة ان ليلى (الطفلة ابنة الخامسة) اضحكتني في محاولتها الطفولية ا لبريئة، التراجع عن موقفها وإلقاء الكرة في ملعب الأم: " طيب، اذا كنت تصرين فيمكن ان أشرب فنجان الشوكولاتة الساخنة " صفحة 13. وقد ذكرتني " بالمناورات والحيل " ا لتي كان يقوم بها ابنائي عندما كانوا في مثل عمرها، وخاصة اذا ما ارادوا جذب انتباهي، أو الحصول على "إمتيازات" فوق العادة. رغم مشاكساتهم.

- على الرغم من سياق القصة والذي من خلاله بدت كل تصرفات ا لطفلة غير مقبولة، لا بل مرفوضة، فقد إستطعت ان أتضامن معها، واتفهم شعورها بالوحدة، وحزنت معها ولحزنها عندما كان صوتها يرتجف وهي تغني لبيتها: " آتي آتي نحو البيت... وأنا وحدي والناس نيام، أشعل ضوء البيت الأصفر... أهلا أهلا ... أهوى بيتي، بيتي الأحلى..." صفحة 58.

- ولاحقني ليس فقط الشعور بالوحدة بل بالغربة والتشرد ايضا، وهل هذا من قبيل الصدفة؟!

- البيت هنا هو المحور، الذي يمنح الشعور بالامان، بالدفء والانتماء، لم أزر السويد يوما، ولا ادري ما هي خاصية البيوت هناك، او مميزاتها المعمارية ولا اعلم عن موروث هذه البلاد شيئا في ما يتعلق بالألوان وإستعمالاتها او ما ترمز اليه، ولكن البيت الأصفر ذكرني، انا هنا في هذا الشرق العربي، بعلم السويد (الأصفر والأزرق).

- للألوان مزايا ودلالات في وجدا ن وحياة الشعوب، فقد قال شاعرنا، صفي الدين الحلي في ذلك: بيض صنائعنا سود وقائعنا خضر مرابعنا حمر مواضينا ، هل هذا البيت الاصفر (العلم) هو كذلك الوطن؟! وهل هو ذاك الذي إرتمت في أحضانه ليلى على الرغم من إساءتها له و" تخريبها " فيه، لتستشعر الدفء، الراحة والأمان، بعدما مرت بتجربة الرحيل، الوحدة، ووحشة الغربة بعيدا عنه؟!. وهل هو ذاك الذي احتضنها عائدة بذلك العناق الدافىء، دون كلام او عتاب الا من "آسفة"؟! ام هل هذا البيت هو كذلك، ذاك النسيج الانساني – الاجتماعي الذي يميز الانسان عن غيره من ممالك الاحياء بمنحه الاحساس بدفء الانتماء وبالحاجة إلى ا لتواصل في الحياة مع العائلة كخلية اولية في هذا ا لنسيج؟!

- على أية حال ، حتى اذا لم يكن بيت ليلى سوى بيت كملايين البيوت لملايين الاطفال في انحاء العالم، فقد اتاحت لي القصة مجالا " لأغني على ليلاي" أستشعرها وأفهمها كما يروق لي.

- في هذه القصة، ادهشتني ولكن ليس إلى حد الاعجاب تلك المساحة من "الحرية الشخصية" المعطاة للفرد كموضوع اساسي في اسلوب التنشئة حتى في هذا الجيل المبكر، انظر موقف الأم ص51، إذ وافقت على رحيل ابنتها، على الرغم من ترحيبها برجوعها اذا ما قررت ذلك، كذلك زيارة الأب ومحاولته إ قناعها بالرجوع إلى البيت ص59 .

- علما ان هناك مكانا للتمييز بين قيمة "الحرية الشخصية" وقيمة "الاستقلالية"، ولم ألمس محاسبة الأهل للطفلة، او حثها على محاسبة نفسها، وليست فقط "آسفة" متبادلة.

- عجبت من بعض ما ورد في القصة حيث يقع في خانة الافكار المسبقة أ و (استيريوتايب) على سبيل المثال لا الحصر: صفحة 6 7 : " يعيش أيمن ونجوى وليلى مع والديهم... وفي كل صباح، يذهب أيمن ونجوى إلى المدرسة، بينما يذهب الأب إلى عمله، وهكذا تبقى الأم وليلى وحدهما في البيت...". وكأنه الوضع المفروغ منه، المعروف والمتعارف عليه، أن يذهب الرجل للعمل، الاطفال إلى مدارسهم (اذا كانوا في جيل المدرسة) والمرأة تبقى (تقبع) في البيت لرعاية الاطفال ما دون جيل المدرسة ولتدبير شؤون المنزل، ثم ألا يذهب الاطفال عند بلوغهم الخامسة إلى التمهيدي في تلك البلاد، كما في بلادنا؟! او ما جاء ص51 52 "... لعبت ليلى مع نجوى باللعبة لارا، أما أيمن فبقي جالسا على أرضية الغرفة يقرأ المجلات..." لا ارى حاجة للاسهاب او التعليق على ما ورد اعلاه.

- في التعريب: لماذا لم يتم تعريب وترجمة اسم الدب "بامسي" إلى اسم اكثر قبولا للأذن العربية؟!

- على أية حال قلت في نفسي مستبشرة: اذا كان الصدور الأول لهذا الكتاب عام 1962 وهذا ما كانت عليه المفاهيم النمطية لدور المرأة ووظيفتها في النسيج الاجتماعي في تلك البلاد، التي على ما يبدو، في المرحلة الراهنة، قد قطعت شوطا لا بأس به في هذا المجال، فان اوضاعنا هنا كذلك لا بأس بها، اذ استخلصت من هذا، إستنادا إلى معرفتي بواقع حياة المرأة في بلادنا، ان الجيل اللاحق، جيل حفيدتي مثلا سيصل دون أدنى شك، خلال بضع عشرات من السنين إلى الانجازات التي سجلتها المرأة السويدية، ورددت مع شاعرنا الرائع "إني إذن لسعيد".

- قصة لطيفة وظريفة تحوي مغزى تربويا ارشاديا للأهل، كما تشمل عبرة يعتبر بها ومنها قارؤها الطفل.