عرض مشاركة واحدة
قديم 12-14-2010, 09:32 PM
المشاركة 28
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
3



الجسد المسجى






الصخرةُ جبهةٌ تنتحب عليها الأحلام


دونَ مياهٍ متلاطمة وسروٍ متجمد


الصخرةُ كتفٌ نحمل عليها الزمان


بين أشجارٍ من الدموعِ والخيوطِ والكواكب


أنا رأيت زخاتٍ رمادية تتحرك نحو الأمواج


رافعةً أذرعها اللطيفة المثقبة


لتتجنب الوقوع في يدي الصخرة الملقاة


التي تفك أذرعها دون أن تشرب دمها


فالصخرةُ تجمع البذورَ والغيوم


والطيور العظمية وذئاب الظلال


لكنها لا تصدر حساً أو كريستالاً أو ناراً


وإنما حلباتٍ.. وحلباتٍ.. وحلباتٍ بلا جدران


والآن ، اجناسيو – ذو المحتدِ الشريف – يرقد فوقَ الصخرة


كل شيءٍ انتهى. ماذا يجري؟ تأمل وجهه:


الموت غطاه بالكبريتِ الشاحب

وأبدل رأسه برأس مينوتور

كل شيءٍ انتهى. المطر يخترق ثغره


الهواء يغادر حانقاً صدره المتحشرج


والحبُ المُشرّبُ بدموع الثلج


يتدفأ وحيداً على رأسِ القطيع


ماذا يقولون؟ صمتٌ عفن يطبق


نحنُ هنا نحمل جسده الملقى المتلاشي


بشكلهِ النقي المليء بالعنادل


و نراهُ يمتليء ثقوباً ليست بالعميقة


من يجعّدُ الكفن؟ مايقولهُ غيرُ صحيح


لا أحدَ يغني هنا .. لا أحدَ يبكي في الأركان


لا أحدَ يغمزُ بالمهماز .. لا أحد يفزعُ الثعبان


هنا .. لا أريد شيئا سوى العيون المدورة


سوى أن أرى جسده دون فرصةٍ للراحة


هنا أريد أن أرى الرجال ذوي الأصوات الصلبة


هؤلاء الذين يطوعون الجياد ويقهرون الأنهار


الرجال ذوي الأجساد الجهورية الذين ينشدون


بفمٍ مليء بالشمسِ والصوان


هنا أريد أن أراهم. أمام الصخرة


أمام هذا الجسد المقطوع اللجام


أريد أن أعرف منهم طريق الخلاص


نحو هذا القبطان الذي قيده الموت


أريدهم أن يسمعوني بكائيةً كالنهر


الحاملٍ للسديمِ الحلوِ والشواطيء العميقة


لآخذ جسد إجناسيو إلى حيث يموت للأبد


دونَ سماعِ خوارِ الثيران المتكرر


يموتُ للأبد في الحلبة المدورة للقمر


الذي يقلد في صباه ثوراً حزيناً هادئاً


يموتُ للأبد في الليل دون أغنية الأسماك


وفي الأجمة البيضاء للدخان المتجمد


أنا لا أريدهم أن يغطوا وجهه بالمناديل


لربما يعتاد على الموت الذي يحمله


اذهب اجناسيو .. لا تصغي للخوار الحارق


نمْ .. طرْ .. ارتاحْ .. فحتى البحر يموت

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)