الموضوع
:
هل تولد الحياة من رحم الموت؟؟؟ دراسة بحثية
عرض مشاركة واحدة
01-02-2011, 10:15 PM
المشاركة
463
ايوب صابر
مراقب عام سابقا
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 4
تاريخ الإنضمام :
Sep 2009
رقم العضوية :
7857
المشاركات:
12,766
سلاّم الراسي
ولد سلاّم الراسي
في عام 1911 في بلدة “إبل السقي”. وهي واحدة من بلدات الجنوب الأقصى المحاذي للحدود
مع شمال فلسطين سابقاً، وشمال “إسرائيل” حالياً. وهي بلدة أكثر سكانها من
المسيحيين. والقسم الباقي من الدروز. وهي محاذية لمدينتي الخيام في الجنوب الشرقي
ومرجعيون في الشمال الغربي، وتضم هذه المنطقة خليطاً كثيفاً من الديانات الإسلامية
والمسيحية بمذاهبها المختلفة، وتعتبر المنطقة أقرب إلى سفح جبل الشيخ، وامتداداً
جنوبياً للجليل الأعلى الفلسطيني. ولكثرة ما كان يربط بين سكان هذه المنطقة من
علاقة بعرب فلسطين فإن بعض لهجات اللبنانيين في هذه القرى والبلدات يكاد يكون أقرب
إلى اللهجة الفلسطينية الشعبية.
والد سلام هو المعلم يواكيم الراسي. وهو رجل علم
ودين. تعلم في مدرسة المرسلين الأمريكيين. ثم أنشاً مدرسة الفنون الأمريكية في
صيدا. وظل مديراً لتلك المدرسة منذ عام 1880 حتى عام 1896 ثم عاد إلى بلدته إبل
السقي وظل فيها حتى وفاته في عام 1917 .
وكان سلام في السادسة من عمره عندما توفي
والده. فربته والدته التي كانت ترغب في أن يصبح ابنها رجل دين
.
تلقى سلام علومه
الابتدائية في مدرسة البلدة. وأنهى المرحلة الثانوية من دراسته في مدرسة مرجعيون
مركز القضاء. في عام 1927 انتقل سلام مع والدته إلى بيروت واستقر فيها حتى وفاته
.
انتسب في أوائل ثلاثينات القرن الماضي إلى الحزب الشيوعي. ويروي شفيق البقاعي ابن
بلدة إبل السقي وصديق سلاّم الراسي قصة انتساب سلام للحزب الشيوعي. يقول البقاعي إن
شخصاً اسمه بطرس زكا من بلدة إبل السقي كان معروفاً بثقافته وبمتابعته للأحداث
التاريخية. وكان من بين الأخبار التي عممها أخبار تتصل بالثورة الروسية. وتركت تلك
الأخبار مفعولها في البلدة إلى الحد الذي جعل ابنته فيما بعد تصبح مناضلة شيوعية
بارزة في المنطقة. وكان سلاّم الراسي وصديقه عّساف الصباغ وعدد آخر من أصدقائهما
ممن أصبحوا قادة في الحزب الشيوعي على صعيد منطقة الجنوب وفي اللجنة المركزية في
أربعينات القرن الماضي، كانوا قد تأثروا بتلك الأخبار وبالأفكار التي تنتسب إليها
.
وذات يوم جاء إلى إبل السقي مثقف ينتمي إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي حاملاً
معه أفكار هذا الحزب وأفكار مؤسسه أنطون سعادة. وكان في نيته العمل على فتح فرع
للحزب في البلدة. وكان معروفاً منذ ذلك الحين أن العلاقة بين الحزب الشيوعي والحزب
القومي متوترة بحكم الأيديولوجيا والسياسة. وما أن شاع الخبر حتى ذهب سلاّم الراسي
ومعه عساف الصباغ إلى بيروت ليفتشوا عن الحزب الذي يحمل الأفكار التي كانوا قد
سمعوا بها من بطرس زكا. فتلقفهم أحد أبناء مدينة مرجعيون وقادهم لمقابلة رئيس الحزب
الإشتراكي الذي كان قيد التأسيس. وكاد سلام وصديقه عساف ينتسبان إلى هذا الحزب لو
لم يصادفا ذات يوم في مكتب هذا الحزب فرج الله الحلو، الذي كان قد أصبح قائداً
شيوعياً معروفاً. إذ اصطحبهم فرج الله معه إلى مكان خارج مكتب الحزب الاشتراكي
وأقنعهما بالانتساب إلى الحزب الشيوعي. وهكذا صارت للحزب الشيوعي في إبل السقي خلية
أولى وكان سلاّم الراسي المسؤول الأول فيها. وزارهم فرج الله الحلو أكثر من مرة
.
كما زارهم في عام 1936 وفد من الحزب الشيوعي الفرنسي كان قد زار لبنان في ذلك
التاريخ. وهو تاريخ مشهود في فرنسا
.
أجمع المثقفون اللبنانيون على منح سلاّم الراسي لقب “شيخ الأدب الشعبي”، وهو لقب
استحقه بجدارة. إذ هو اقتحم ميداناً جديداً لم يسبقه إليه أحد من الكُتّاب
اللبنانيين الذين يهتمون بالبحث في التراث الشعبي اللبناني، في التقاليد والعادات
وفي الأمثال وفي الطرائف الشعبية. وكرس لهذا الميدان الجديد من البحث التاريخي
عقوداً عدة من عمره الذي تجاوز التسعين من الأعوام
.
وفرض عليه
هذا الاهتمام الأدبي والتاريخي أن يحدث تغييراً جذرياً في مسار حياته التي أعطاها
في شبابه نمطاً من الاهتمام غلبت عليه السياسة. وهو نمط من السياسة تطعم بانتماء
أيديولوجي من نوع مغاير لما كان سائداً في محيطه الجغرافي، الواقع في أقصى الجنوب
اللبناني على بعد كيلومترات قليلة من الحدود مع فلسطين. إذ انتمى وهو في ريعان
شبابه في أواسط ثلاثينات القرن الماضي إلى أول خلية شيوعية في بلدته الجنوبية “إبل
السقي
”.
دخل سلاّم الراسي
في بحثه الجديد هذا من أبوابه الواسعة. لم يقرأ في الكتب وحسب، وبحث عن هذه الكتب
طويلاً، واقتناها وقرأ فيها الكثير، واستقى منها كل ما كان بحاجة إليه في بحثه
الممتع. لكنه رأى أن الميدان الحقيقي لبحثه إنما يكمن في ما تمتلكه ذاكرة الناس من
أبناء القرى، مشايخها وشيوخها، وفلاحوها من كبار السن خصوصاً، رجالاً ونساء، وكذلك
من الأدباء، أدباء الفصحى والشعر الشعبي الذين يحملون في لبنان صفة الزجالين، أو
شعراء الزجل. ويكتبون الشعر ويرتجلونه باللغة المحكية. وحين اكتنزت جعبة الراسي
بالكثير من الأقوال والأمثال والحكايات، انتقل من البحث والتفتيش عن المخزون الشعبي
في ميدانه الرحب إلى تدوين هذا المخزون في كتب، وبدأت تصدر تباعاً، كتاباً إثر
كتاب، حتى بلغت أحد عشر كتاباً. وتشير عناوين هذه الكتب، حتى قبل أن يدخل المرء إلى
متنها، إلى المعنى الجميل لهذا الجهد الذي بذله سلاّم الراسي في تعريف القراء،
اللبنانيين منهم وغير اللبنانيين، بالثقافة العفوية الفائقة الغنى عند الشعب
اللبناني. ولفت انتباههم، في الوقت عينه، إلى أن اللبنانيين المتعددي الثقافة
والانتماءات الدينية هم موحدون في تراثهم الشعبي الأصيل. لتأخذ هذه النماذج من
عناوين كتبه: لئلا تضيع، حكي قرايا وحكي سرايا، أدب وعجب، الناس بالناس، أحسن أيامك
سماع كلامك، في الزوايا خبايا، شيح بريح، حيص بيص، الحبل على الجرار، جود في
الموجود
.
رد مع الإقتباس