عرض مشاركة واحدة
قديم 08-07-2010, 11:21 AM
المشاركة 127
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: دراسة احصائية عن اليتم والشخصيات الخالدة
تابع،،،

خلاصة التحليل للفئة ( العمرية الثانية - المرحلة الأولى والتي تغطي السن من الولادة وحتى نهاية السنة الأولى) من العلماء أفراد العينة المأخوذة من كتاب مايكل هارت عن "الخالدون المائة" وهذا التحليل يغطي كل من:
-جان جاك ............رسو والذي فقد الأم بعد 9 أيام من الولادة.
- ديكارت ...............وفقد الأم بعد شهرين من ولادته.

إن التدقيق في حياة وسمات والمخرجات الإبداعية لهذه الفئة العمرية و الممثلة باثنين من العباقرة الأيتام والذين فقدوا الأم في الطفولة المبكرة ( رسو بعد 9 أيام من ولادته وديكارت بعد شهرين ) مما جعل يتمهما كثيفا حادا خاصة في حالة ديكارت حيث تزوج الأب وعاش بعيدا عن أبناؤه كما درس في مدرسة داخلية ومات له بعض الإخوة وهم صغار.
وعليه فانه من الطبيعي وحسب نظرية " تفسير الطاقة الإبداعية " أن تكون قدراتهم مهولة نابعة من تلك الطاقات التي تشكلت في الذهن ولذلك كان أثرهم الفكري والإبداعي مهول وعظيم. وكانت مخرجاتهم الإبداعية متعددة لكنها تبدو اقل أهمية واثر وشمولية وخلود من تلك التي أنتجها ذهن من فقدوا الأب قبل الولادة وهما نيوتن وادم سمث كما تم إيضاحه سابقا. ومع ذلك تظل عبقرية هذه الفئة لافته للانتباه وقريبة جدا من عبقرية الفئة الأولى.

فنجد أن ( جان جاك رسو ) اتسم بعدة سمات وصفات شخصية بارزة ولافتة للانتباه مثل اضطراب علاقته مع النساء، فرغم شغفه بالمرأة والتي يبدو انه كان لها أثرا مهما في حياته لكن علاقته بالنساء كانت غير مستقرة. ففي سن 16 عاش مع امرأة تكبره سنا ميسورة الحال دفعته لتحويل مذهبه الديني، ورغم سعادته العارمة بتلك العلاقة لكنه ما لبث أن انفصل عنها لينخرط بعد ذلك في عدة علاقات غرامية ثم أسس علاقة غرامية مع امرأة أخرى أنجبت له خمسة أطفال غير شرعيين كان مصيرهم الملاجئ. ولم يتزوج حتى بلغ الخامسة والخمسين حيث تزوج من تلك المرأة أم أولاده غير الشرعيين.

ونجد انه وإضافة إلى عدم استقراره الأسري عانى من عدم استقرار ديني كما انه عانى من عدم استقرار في خياراته الإبداعية فقد سعى للاحتراف في المجال الموسيقيلكنه برز فيالمجال الفكري والفلسفي وفي مجالات الكتابة الأدبية المتنوعة وكانت غايته الرئيسية السعي وراء الشهرة والثروة.

وهو حتما متعدد المواهب فقد أبدع في مجالات متعددة مثل الشعر والنثر والمسرحيات، وكتب عدة مقالات في مجال الموسيقى وكتب مسرحيات غنائية ( أوبرا ) كان لها شأن كبير، وقد حاول وضع معجم موسيقي جديد .
ويبدوا أن اثر فقدان الأم قد انعكس بشكل مباشر على بعض أعماله مثل أغانيه الشعبية التي عنونها " العزاء لتعاسات حياتي" وآخر أعماله المعنون " أحلام اليقظة للمتجول الوحيد" وهو ما يشير إلى اثر فجيعة اليتم على تكوينه النفسي وبالتالي على مخرجات ذهنه الإبداعية.

ولا شك أن هذه التعددية في الموهبة قريبة جدا من تعدد الموهبة لدى أفراد الفئة العمرية الأولى رغم أنها تبدوا اقل شأن واقل اثرا وخلودا وشمولا.

ونجد أن أفراد هذه الفئة العمرية يرفضون الظلم أيضا فنجد أن رسو بحث مثلا في منشأ وأسس عدم المساواة وبحث في أصل الظلم. ويعتبر كتابه "العقد الاجتماعي" من أهم الكتب على الإطلاق وهو علامة بارزة في تاريخ العلوم السياسية قام فيه رسو بطرح آراؤه بالحكم وحقوق المواطنين. وقد انتقد رسو زيف المبادئ الأخلاقية في المجتمع. وفي هذا المجال اعتقد رسو بأن القوانين يتعين عليها أن تعبر عن الإرادة العامة للشعب وان الشرعية يمنحها الإجماع الشعبي. وثمن رسو عاليا المعايير الأخلاقية وجعلها شرطا أساسيا لكبح التدهور وذلك إضافة إلى إسقاط جماعات المصالح الخاصة. ولذلك يمكن القول انه تبنى خطا معارضا للنظامالاجتماعي القائم وسعى لتقديم حلول للتنمية الاجتماعية.

وقد كان له اثر عظيم في زعماء الثورة الفرنسية بشأن الدولة وكانت أفكاره ملهمة للشيوعيين والاشتراكيين فهو إذا يشترك مع أفراد الفئة الأولى في كونه ثائرايسعى للتغير في المجتمع وإحقاق الحق وجعل المجتمع أكثر عدالة واقل ظلما لكنه لم يتمكن من التأثير المباشر في هذا المجال فتبنى أفكاره غيره من الثوار الذين عملوا على إكمال دوره حيث ترجموا أطروحاته الثورية إلى ثورة حقيقية على ارض الواقع حيث قامت على اثر ذلك الثورة الفرنسية ومن ثم الحركات والثورات الشيوعية والاشتراكية.
ومن الملاحظ أيضا أن رسو لم يدعُ إلى العنف لكنه حبذه دفاعان عن الحرية وطلبا لها. ويلاحظ أيضا انه اعتبر الملكية الخاصة شي مقدس لكنه في نفس الوقت رأى بأن تضخم الملكية الخاصة شر ليس بعده شر. وقد حث على المساواة بين الناس الذين رآهم يولدون أحرارا لكنهم يرزحون في الأغلال في كل مكان...وهو ما يشير إلى تبنيه للقضايا الاجتماعية على نطاق واسع مثل ادم سمث من أفراد الفئة العمرية الأولى لكنه لم يضع نظرية متكاملة في هذا المجال كـ آدم سمث من اجل تحقيق العدالة المنشودة.


ونجد أن رسو قد أبدع مذهب أدبي جديد ترك أثره على الأدب وهو مذهب الرومانسية. فقد ادخل رسو إلى الرواية الفرنسية الحب الحقيقي المضطرم بالوجدان وسعى إلى استخدام الصور الوصفية للطبيعة على نطاق واسع. وساعد على التهاب العواطف والمشاعر. وقد ابتكر أسلوبا نثريا غنائيا بليغا, وقد سعى لتغليب المشاعر والعواطف على العقلوالنزوة والعفوية على الانضباط الذاتي. ورغم انه لم يؤيد عودة الناس للحياة الفطرية لكنه حبذها حيث دعا إلى ضبط الدوافع الجنسية والأنانية وتوجيه الطاقات نحو الانهماك في الحياة الاجتماعية.

وبالإضافة إلى أثره الأدبي الكبير من خلال منهجه الرومانسي كان لرسو اثر عظيم وعميق وطويل في النظريات السياسية والتربوية . ويرى البعض أن أفكاره أدت إلى ميلاد الاشتراكية والعقلانية والرومانسية والدكتاتورية واللاعقلانية والثورة الفرنسية وكثير من المذاهب الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ونظريات التربية والتعليم.
وفي مجال تربية الطفل أعلن رسو أن الأطفال ينبغي تعليمهم بأناة وتفاهم، وأوصى بأن يتجاوب المعلم مع اهتمامات الطفل، وحذر من العقاب الصارم ومن الدروس المملة، ونبه إلى ضرورة أن تخاطب عواطف الأطفال لا عقولهم، ودعا إلى حضانة طويلة للطفل على صدر أمه أو في حضنها.
ومن سماته الشخصية الأخرى إحساسه بالذنب والذي انعكس في أعماله، واستخدامه لغة العواطف والشعور وإلاحساس بالنقص، وسعيه لاكتشاف هويته،وإحساسه بأن العالم يرفضه حيث لازمه شعور بالاضطهاد وابتعاد الناس عنه.
أيضا لا شك كان له نفوذ كبير في عدة مجالات واكتسب شهره عظيمة في سن 28 سنة، وكان أهم كُتاب عصره. كما كان يعرف عنه انه رجل عصبي إلى حد الجنون، ومتعصب لأبناءجنسه من الرجال. والكثير من أفكاره ليست عمليه..وكان شكاك يشك في كل ما يسمعه أو يراه من الناس.

يتبع ،،