عرض مشاركة واحدة
قديم 09-09-2013, 11:37 AM
المشاركة 15
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الذاكرة مرفأ الخيالات، يعصف بحرُها ويستكين. يقلّبُ الماضي على راحتيهاالأوجاعَ/الأماني/البكاء/الشعور التائه في عالم أثيري عميق. فصعبٌ هو مصارحةُالذات، والأشدّ صعوبة الاسترسال في عدم نكران الواقع.


في الشق الثاني من الجملة الاولى يجيب القاص عن السؤال الضمني ماذا يقلب البحر العاصف على راحتي الذاكرة؟ فيخبرنا القاص ان ذلك البحر العاصف انما يلقب على راحتي الذاكرة مكنونات ومكبوتات النفس البشرية من اوجاع وبكاء وشعور من التيه مخزونة في عالم اثيري عميق وهو عالم اللاشعور او العقل الباطن الذي يقول فرويد انه المكان الذي نكبت فيه كل ما يتسبب لنا بالالم وفي ذلك ما يوحي بان القصة تتمحور حول مشاعر دفينة تعصف ببطل القصة، بل هي مشاعر اقرب الى الوجع والتيه والبكاء والاماني المكبوتة ايضا.

وفي مطلع الجملة الثانية يقرر القاص حقيقة علمية توصل اليها واتى بها علم النفس وهي ان الانسان يجد دائما صعوبة في التعبير عن مكبوتات عقله الباطن، وهو فعل المصارحة الذي جاء به القاص هنا أي الفضفضة كما في علم النفس، ثم يتبعها بحقيقة علمية اخرى من واقع الدراسات النفسية ايضا وهي ان ما هو اشد صعوبة من مصارحة الذات والفضفضة او التصريح بما في النفس من مكبوتات هو الاستمرار في نكران الواقع أي الاستمرار في كبت ما يؤدي الى تأنيب الضمير...وذلك حسب فرويد هو تحددا مصدر المرض النفسي.

فالقاص اذا يقول لنا في جملة البداية ان هناك صراع رهيب يدور في العقل الباطن للبطل وهو يجد صعوبة في الفضفضة والتصريح عنه، ولكنه يجد صعوبة ايضا وربما صعوبة اكبر في الاستمرار في كبت ما لديه من واقع مؤلم سبب له الم يكاد يدفعه للجنون كما سنرى في وصف حالة البطل لاحقا.

طبعا يحشد القاص في الشق الثاني من الجملة مزيدا من الاضاد مثل ( الاوجاع – الاماني )، وفي ذكره لكلمة البكاء يستثير فينا حاسة البصر. وفي استخدام كلمات ( مصارحة - نكران+ وصعوبة -استرسال، عالم اثيير- واقع ) مزيد من تسخير للنقائض والتضاد.

ولا شك ان القاص يحشد في جملة البداية هذه عدد كبير نسبيا من الكلمات التي تثير في المتلقي الكثير من المشاعر والاحاسيس ( الأوجاعَ- الأماني – البكاء- الشعور- التائه - صعبٌ - مصارحةُ).

فنحن اذا بصدد معركة تدور رحاها في دماغ بطل القصة كنتيجة لشعوره بالالم من واقع الم به ويصعب عليه التصريح به ولكن يصعب عليه الاستمرار في الحياة دون الكشف عنه ايضا ....كل ذلك يجعل المتلقي مستعدا للاستماع بلهفة الى حكاية ذلك البطل وهو متشوق لمعرفة سر ذلك الصراع الرهيب الذي يعصف بذهن البطل.

وقد تضعافت هذه اللهفة للاستماع لما يقوله القاص بسبب عناصر التأثير التي حشدها من ايقاظ حواس اللمس والبصر والسمع ومن تسخير للنقائض والتي لها وقع عظيم على الدماغ، ومن ثم من خلال استخدامه لعدد من الكلمات التي تستفز الجهاز العصبي في المتلقي وتجعله مستنفرا واكثر استعداد لتلقي الحكاية.

يتبع،،