عرض مشاركة واحدة
قديم 12-06-2011, 06:38 PM
المشاركة 4
الدكتور سيد نافع
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
يقول تعالى "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً" [الإسراء-الآيه : 85]
ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا
عن عبد اللّه هو ابن مسعود رضي اللّه عنه، قال: كنت أمشي مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في حرث في المدينة وهو متوكئ على عسيب، فمر يقوم من اليهود، فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح، وقال بعضهم: لا تسألوه، قال: فسألوه عن الروح، فقالوا: يا محمد ما الروح؟ فما زال متوكئاً على العسيب، قال: فظننت أنه يوحى إليه، فقال: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} قال، فقال بعضهم لبعض: قد قلنا لكم لا تسألوه (أخرجه البخاري ورواه أحمد واللفظ له عن عبد اللّه بن مسعود). وهذا السياق يقتضي أن هذه الآية مدنية، وأنها نزلت حين سأله اليهود عن ذلك بالمدينة، مع أن السورة كلها مكية. وقد يجاب عن هذا بأنه قد تكون نزلت عليه بالمدينة مرة ثانية، كما نزلت عليه بمكة قبل ذلك، أو أنه نزل عليه الوحي بأنه يجيبهم عما سألوه بالآية المتقدم إنزالها عليه، وهي هذه الآية {ويسألونك عن الروح}، ومما يدل على نزول هذه الآية بمكة، ما قال الإمام أحمد، عن ابن عباس قال: قالت قريش ليهود: أعطونا شيئاً نسأل عنه هذا الرجل، فقالوا سلوه عن الروح، فسألوه فنزلت: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} قالوا: أوتينا علماً كثيراً، أوتينا التوراة، ومن أوتي التوراة فقد أوتي خيراً كثيراً، قال، وأنزل اللّه: {قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر} الآية. وقد روى ابن جرير عن عكرمة قال: سأل أهل الكتاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن الروح، فأنزل اللّه {ويسألونك عن الروح} الآية، فقالوا: تزعم أنا لم نؤت من العلم إلا قليلاً وقد أوتينا التوراة وهي الحكمة {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا}. قال: فنزلت: {ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات اللّه} الآية.
وقال محمد بن إسحاق، عن عطاء بن يسار قال: نزلت بمكة {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}، فلما هاجر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى المدينة، أتاه أحبار يهود، وقالوا: يا محمد! ألم يبلغنا عنك أنك تقول {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} أفعنيتنا أم عنيت قومك؟ فقال: "كلاً قد عنيت"، فقالوا: إنك تتلو أنا أوتينا التوراة، وفيها تبيان كل شيء فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "هي في علم اللّه قليل وقد أتاكم ما إن عملتم به انتفعتم". وأنزل اللّه: {ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات اللّه إن اللّه عزيز حكيم}، وقد اختلف المفسرون في المراد بالروح ههنا على أقوال: (أحدها) أن المراد أرواح بني آدم، عن ابن عباس أن اليهود قالوا للنبي صلى اللّه عليه وسلم أخبرنا عن الروح وكيف تعذب الروح التي في الجسد؟ ولم يكن نزل عليه فيه شيء، فأتاه جبريل فقال له: {قل الروح من أمر ربي، وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}. فأخبرهم النبي صلى اللّه عليه وسلم بذلك. فقالوا: من جاءك بهذا؟ قال: "جاءني به جبريل من عند اللّه"، فقالوا له: واللّه ما قاله لك إلا عدونا، فأنزل اللّه: {قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك مصدقا بإذن اللّه مصدقا لما بين يديه}، وقيل: المراد بالروم ههنا جبريل، قاله قتادة، وقيل: المراد به ههنا، ملك عظيم بقدر المخلوقات كلها.
وقوله تعالى: {قل الروح من أمر ربي}: أي من شأنه، ومما استأثر بعلمه دونكم، ولهذا قال: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} أي وما أطلعكم من علمه إلا على القليل، فإنه لا يحيط أحد بشيء من علمه إلا بما شاء تبارك وتعالى، والمعنى أن علمكم في علم اللّه قليل، وهذا الذي تسألون عنه من أمر الروح مما استأثر به تعالى ولم يطلعكم عليه، كما أنه لم يطلعكم إلا على القليل من علمه تعالى. وسيأتي إن شاء اللّه في قصة موسى والخضر، أن الخضر قال: يا موسى ما علمي وعلمك وعلم الخلائق في علم اللّه إلا كما أخذ هذا العصفور من هذا البحر، ولهذا قال تعالى: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}. وقال السهيلي، قال بعض الناس: لم يجبهم عما سألوا لأنهم سألوا من وجه التعنت، وقيل أجابهم، ثم ذكر السهيلي: الخلاف بين العلماء في أن الروح هي النفس أو غيرها، وقرر: أنها ذات لطيفة كالهواء سارية في الجسد كسريان الماء في عروق الشجر، وحاصل القول: إن الروح هي أصل النفس ومادتها، والنفس مركبة منها ومن اتصالها بالبدن، فهي هي من وجه، لا من كل وجه، وهذا معنى حسن، واللّه أعلم.
تفسير ابن كثير.
تحياتي لك د.سيد نفعنا الله بك
إِلْهَام مِصْبَاح
تحياتي أختي الفاضلة..أسعدني مروك الكريم
من قول ابن كثير عليه رحمة الله وما ذكره عن السهيلي نستنتج الآتي :- أولا أن لفظ الروح جاء في القرآن على عدة أوجه , فهل المقصود من السؤال الذي سأله اليهود هو عن الروح التي تنفخ في البشر أم أن المقصود بالروح جبريل عليه السلام أم المقصود بالروح هو ملك عظيم بقدر المخلوقات كلها ، فإن كان المقصود يالسؤال الروح التي تنفخ في البشر فهذا لما قاله ابن عباس رضي الله عنه أن اليهود قالوا للنبي صلي الله عليه وسلم أخبرنا عن الروح وكيف تعذب الروح التي في الجسد ؟ فقال قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً ، الروح من أمر ربي أي شأن من شؤون الله ليس للإنسان سلطان عليها فالذي يدعي أنه يمكنه تحضير أرواح البشر بعد الموت هو كاذب وليس له هذه المقدرة ، كما أن علمها عند الله فكنهها وحقيقتها لا يعلمها بشر ولن يتسنى لهم هذا لأنه مما استأثر به تعالى ، أما وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً فالمقصود هنا العلم بأوصافها وأحوالها وهذا مما يتسنى للبشر معرفة بالقدر الذي يريده الله.
وقد جاءت الآيات والأحاديث كثيرة بهذه المعرفة ومنها ما استنتجه العلماء كالسهيلي وغيره من أنها ذات لطيفة كالهواء سارية في الجسد كسريان الماء في عروق الشجر وهناك اوصاف أخرى لعلماء آخرين مشابهة وأنها متصلة بالدم وتسري في العروق الي جميع اجزاء الجسد وبالتالي تأخذ نفس صورة الجسد وهي ما يراها النائم في نومه من ارواح البشر المنتقلين والأحياء إلا أن الشيطان يمكن أن يتمثل نفس صورتها في المنام ، والروح هي المسؤولة عن سمات الشخصية وهي المسؤولة عن الاحساس والعقل والإرادة في الإنسان . .......
ثانياً :- أن الروح هي النفس ويؤكد هذا قوله تعالي الله يتوفي الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضي عليها الموت ويرسل الأخرى الى أجل مسمى ، فالتي تمسك وترسل وتدخل اليىالجسد وتخرج منه هي الروح ، وهناك معني آخر للنفس وهو الذات أو الإنسان ككل جسد وروح ويوضح هذا الأمر قول ابن كثير عليه رحمة الله في حاصل قوله من أن الروح هي النفس ومادتها والنفس مركبة منها ومن اتصالها بالبدن .

أكرر شكري لك مرورك الكريم..ونفع الله بنا ديننا وأمتنا...اللهم امين