الموضوع: O كانوا هنا .. O
عرض مشاركة واحدة
قديم 11-23-2019, 03:15 AM
المشاركة 168
العنود العلي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: O كانوا هنا .. O
قٌتل لدقائق ..
بقلم الأستاذ : محمد عادل أبو الخير


جلسا هو وهى يحتسيان مشروباً ساخناً أعدته هى فقد جلسا على ملاءة مفروشة على بساط أخضر نبت وسط حديقة ، تحيطهما الأزهار من كل جانب وكأنهما يجلسان فى أحضان جزيرة أرضها خضراء وماؤها الأزهار والأشجار، يشعران معاً وكأن مشاعرهما واحدة إنقسمت قسمين فى جسديهما، يرى فى عينيها الدنيا الخضراء، وفى إبتسامتها مداعبة الدنيا له، فينسى كل شئ ولا يذكر سوى أنها معه، فيرى الدنيا ضاحكة مستبشرة كلما رفعت، إليه وجهها المتبسم وعيناها التى تحمل إليه ألف رسالة حب وإشتياق، يداعبها من أن لأخر متعمداً بكلمات تفرحها وتضحكها فتكشف برهة عن نواجزها فيطير قلبه فرحاً وإشتياقاً إلى إبتسامتها أكثر وأكثر. يشعر أنه لا حاجة له بالدنيا دون حبيبته، يتمنى أن يوقف الزمن الذى لم يكن يشعر به وهو فى أحضان لقائها، يتمنى أن تقف دقات الزمن كى لا يأتى موعد الفراق، وكأنهما إختلسا جزءاً من الزمن معاً، يود أن يضمها إليه فتخترق أضلاعَه إلى قلبه بجسدها كما إخترق حبُها قلبَه، يتمنى أن تذوب الأجساد فتنفذ إلى قلبه بقلبها فيتعانق القلبان معاً. سبح كثيرا فى بحور هذه الأفكار والمشاعر وغيرها الكثير ما تعجز الأقلام والكلمات عن وصفه، ولكنه توقف فجأة حينما توقفت هى عن ضحكتها وتوقفت الطيور عن غنائها، غاب الربيع بعضاً من الوقت، أدلت هى برأسها فى حزنٍ موجع إنفطر له قلبه فيسألها بعينين حائرتين محاولاً إخفاء لهفته، لكن هيهات ، تجيبه بصوت ذبيح “نحن لن نكون دوماً معاً..”. أطلقت تلك السهام وحنت رأسها فى حزن بالغ، وقعت تلك الكلمات على روحه وكأنها سهام نافذه بها سم ناقع إخترقت خاطره فأسكتت لسانه برهة من الوقت. مد يده رافعاً رأسها بأطراف أصابعه التى بردت فجأة لعله يرى بعينيها كذب لسانها ولكن ذهب سعيه سدى . نظر فى عينيها وقال بصوت ذو نبرة عرفتها وأحستها، نبرة ضمت اللوم والألم، قال بصوت يدافع الخروج “كيف أطاعك لسانك أن تنطقى بهذه الكلمات رغم معرفة قلبك بمدى حبى لك، أوتعلمين أنك بذلك تقتليننى؟؟؟؟”

فلم تحتمل نظراته الأليمة وخفضت رأسها مجيبة: "حبى لك أيضا ألم قلبى قبل أن أنطق بها."
هو: " فلمَ نطق لسانك بها؟؟"
هى: "بل واقعنا هو الناطق".
هو: " نغير واقعنا، لا نستسلم له فيغيرنا".
هى: "لن نستطيع."
هو: "تملك منك اليأس؟؟"
هى: "بل الواقع."
هو: "إذا كان الأمر كما ترين فكل ما أرجوه منك ألا تحرمينى من أن أراك، فأنت تعرفين من أنت إلى قلبى."
سمعت تلك الكلمات وكأنها النار تتملك من فؤادها، لملمت أشياءها الصغيرة وأنصرفت مهرولة دون أن تنظر إلى عينيه اللتان إمتلئتا حزناً ، كانت تشعر دوماً بنظراته الأليمة تلاحقها وتستعطفها، نظرات جمعت بين الألم لما وصلا إليه والأمل فى أن تعود إليه.

مرت دقائق وهو يكاد لا يرى سوى دنيا أظلمت، فكيف يرى نور الدنيا وجمالها وهو مسلوب الفؤاد، وكأنها أخذت قلبه وولت.
جلس بلا حراك يراقب حبيبته التى رحلت والتى حملته ذنباً لم يرتكبه ولا إرادة له فى تغييره، فقد كان يحلم أن يغير الدنيا بأسرها من صورتها التى هى عليها إلى صورة ترتضيها حبيبته.

أغمض عينيه برهة وإستعاد أحلاما قد نسجوها معاً، مرت تلك الأحلام أمام عينيه وكأنها فيلماً سينمائياً إنتهى وخرج كل منهما إلى دنياه.

يساءل "نفسه هل نسيت تلك الأحلام التى وضع كل منا لبنة فى صرحها؟؟؟؟؟
يكاد الحزن يخطف روحه ولكن الأمل فى عودتها ما زال يحيى فيه رفات ما قتله الألم، فما أخرجه من ألمه إلا يداً لمست يداه فأعادت إلي قلبه حياته المسلوبه، أحس بتلك الأيدى وعرفها قلبه قبل أن يفتح عينيه، وحين إنتبه وجدها هى صرخ قلبه "نعم هى" …..
نظرت إليه بنظرات معاتبة نفسها، ساخطة على ضعفها الذى كاد أن يودى بحياة حبها.

قالت "معك سنغير الواقع كما نشاء" سمع تلك الكلمات وكأنها سحر سقط على أذنيه، فلم يستطع أن يقول بلسانه شئ، عيناه قالت أشياء لخصتها فى دمعة إنهمرت، وإبتسامة بريشة وألوان الأمل أرتسمت.

ود فى تلك اللحظة أن يطير بها إلى السماء ولكنه سرعان ما تذكر أنهما بلا أجنحة.
رأى فى عينيها صرح أحلامهما مشيد شامخ لا يميل مع عواصف صحراء الدنيا.
وقفا وقد عانقت يده يداها، ينظران معاً صوب الشمس الغاربة ملوحة إليهم …. وداعا لــألام يوم ولى ومرحباً بأمال يوم أت.

محمد عادل أبو الخير
منبر القصص والروايات والمسرح
.

http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=16577

وحيدة كالقمر