الموضوع
:
كرة القدم
عرض مشاركة واحدة
02-28-2021, 08:44 PM
المشاركة
2
ياسَمِين الْحُمود
(الواعية الصغيرة)
عضو مجلس الإدارة سابقا
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 9
تاريخ الإنضمام :
Oct 2006
رقم العضوية :
2028
المشاركات:
35,006
رد: كرة القدم
العالم يتوحد في متابعة تلك الساحرة المستديرة، شاغلة الدنيا وفاتنة الناس، لم يجتمع الناس على الافتتان بشيء كاجتماعهم على هذا الافتتان المرعب العجيب، افتتان زحفت أخباره إلى الصحف والمجلات ووكالات الأنباء والتلفزيونات والإذاعة، فلم يعد لأخبار الثقافة والفن مكان، تُقلب جريدتك اليومية، تجد أخبار تلك الفاتنة المجنونة قد سودت الصفحات وغطت كل ماعداها، فلا خبر يطغى على أحداثها ولا سحر يضاهي سحرها.
تتحول البطولات إلى مهرجان عاصف هائج وكرنفال صاخب مدوٍ يختلط فيه الفن بالعنف والجمال بالخشونة والاستمتاع بالشغب والضرب والفزع، في مزيج عجيب لأحداث تنبض ثراء وغرابة ودهشة. تشكل مادة لحديث يطول ويطول ولا ينتهي ويفتح الباب على مصراعيه لتساؤلات بلا إجابات، كيف تكون لهذه اللعبة كل هذه السطوة والجبروت، كيف يجتمع إنسان من أقصى الشرق، وآخر من أقصى الغرب في الهيام بتلك المراوغة التي لا تُمل.
لماذا ينتحر مواطن من بنغلاديش بسبب خروج فريق أجنبي يحبه من البطولة ؟لماذا يطعن مزارع روماني سبعة أشخاص بآلة حادة عقب فوز بلاده على الأرجنتين؟ لماذا يموت مشجع آمن في بيته عقب مشاهدته لمباريات بلاده في التلفزيون؟
قتلى وجرحى وأعمال عنف وتكسير لزجاج نوافذ، وإحراق للسيارات، وتهديد بالقتل، كل هذا من أجل تلك الساحرة المتنقلة التي لا تستقر.
لماذا اصطبغت تلك الدورات بلون العنف؟ فبدلا من عصافير المحبة وورود السلام والألفة والتعارف، يصعقك خبر مقتل لاعب وكسر جمجمة آخر، وتسعة وخمسين جريحا في مظاهرات صاخبة في البرازيل... الخ، ناهيك عن التهديدات والإشاعات، حتى الكرة التي يركلونها بأقدامهم لم تسلم، شككوا فيها وقالوا إنها سريعة تطير بمجرد التسديد، وتغير اتجاهها بسرعة مزعجة، هذا غير التسويق والإعلان الذي وجد في بحر البطولة الهائج مليارات من الدولارات تتدفق بلا هوادة، بيع تذاكر، إعلانات تلفزيونبة-فقد شاهد المباريات أكثر من ثلاثة مليارات نسمة- ثم اللوحات الإعلانية خرافية الأسعار، حتى أن أحد منتسبي إحدى الشركات العالمية قال: "إن كرة القدم لغة عالمية مثلى لتسويق ماركة معينة" ، هذا غير تذاكر الطائرات وحركة النقل وحجوزات الفنادق والمواصلات، ضجة عالمية وحمى صاخبة أصابت الكوة الأرضية بدوار.
ليت العالم يتفق على شيء كاتفاقه على هذه اللعبة، ليته يجعل من حبها وسيلة لترميم فجوات وإزالة جفوات وفتح قنوات.. هل نحلم؟
بالتأكيد نحلم فما دام العنف دخل إلى قلبها وروحها وعظامها، فكيف نحلم بنسيج جميل يغلف جسد العالم..
نحلم ببهاء قادم بشروق جديد، علينا أن نتوقف عن الحلم، فكل مانريده ألا يتحول الملعب إلى ساحة معركة، والفاتنة التي اتفق الجميع على حبها، ألا يتقاتلوا حولها.
أخي ياسر مواضيعك تجذبني..
أعتذر للإطالة
رد مع الإقتباس