عرض مشاركة واحدة
قديم 02-28-2021, 09:17 AM
المشاركة 4
ياسَمِين الْحُمود
(الواعية الصغيرة)
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي
الحضور المميز الألفية الثانية الإداري المميز الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى وسام الإدارة التكريم الكاتب المميز 
مجموع الاوسمة: 9

  • غير موجود
افتراضي رد: فالمعتصم لا يسمع ...
بينما يتصارع الثيران في الغابات من أجل البقاء ترى ليثاً يجر بقوة غزالة مسكينة وهو يطبق بأنيابه على رقبتها الممشوقة الجميلة،وتتبع الضباع أثر دماء مسكوب قهراً من فريسة لاذت لتختبئ تحت إحدى الأشجار …
في جهة الشرق تمطر السماء قنابل يهودية تغوص في أعماق سهولها الخضراء، تلحق الدمار في كل بقعة من أراضيها فتصبح المدن أثراً بعد عين، الموت يلاحق سكان القرى حتى الموت، تحصدهم الألغام القاتلة فيصرّح بثقة رئيس عربي وهو يحتفل بعيد ميلاده: " الأرض هي العرض لن نسكت عن تلك المهزلة ،لن، ولن، ولن" ثم يخفت صوته تدريجيا في زحام الوجوه والأصوات الصاخبة، يأتي الصبية مهرولين نحو العدو غير عابئين بهذيان أصحاب العروش المذهبة، تنتفض مشاعر الغضب والغيرة في نفوسهم، وتنطلق من بين أصابعهم الحجارة كالصاروخ يدوي في أصداء القضية المنسية، ثم يعلق شيخ مسن من سكان القدس وقد أكل الدهر من أسنانه وعمره، بلهجته الفلسطينية المعجونة برائحة الزعتر( نحنا ماراح نترك هاي الأرض حتى لو على جثثنا) بينما حفيدته الصغيرة تبكي ضياع طفولتها البريئة وهي تنكش بيدها الرمل وتقول ( بدنا نعيش متل الناس ، بدنا ألعاب ومراجيح"لكن الرشاشات انطلقت من كل جانب لتخترق جسد أحد الصبية، فيسقط بين الجموع، تهتز المدينة بصيحات التكبير الله أكبر - الله أكبر حملت الأجساد وزفت الأرواح وتوارت تحت التراب، وصدى عويل الفتيات الأسارى يسمع من بين قضبان السجون، يستنجدن نحو معتصم آخر…
لكن أين هو هذا المعتصم وقد تناثرت أشلاء أبنائها الصغار من حولها، وضاعت خارطة مدينتها الثكلى
سألت عجوز أحد الشباب وهي تتكئ على عصاها والدموع تسبق كلماتها: ( أين نذهب ومن سينجدنا)
ردّ عليها بصوت يكاد لا يسمع(( ننتظر رسائل الشجب والاستنكار من إخواننا المسلمين العرب لتنقذنا)) الموت في كل مكان ، لكن الموت في الغابة أرحم.

القدير عبد الحليم الطيطي
غيض من فيضنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة