عرض مشاركة واحدة
قديم 11-17-2011, 08:42 PM
المشاركة 228
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الروائي الأميركي سول بيلو (نوبل) في سيرة ذاتية


لماذا ينبغي أن يرغَب الكُتّاب في تقويمهم مثل خيول السباق أو لاعبي التنس؟




نيويورك ـ "المستقبل"


عُرف عن الروائي الأميركيالحائز جائزة نوبل سول بيلو استخدام قصص حياة أقرب أصدقائه كمادة أولية أحياناً أواساسية في معظم الأحيان يشيّد بها عماراته الروائية. وهو لا يتورّع عن ان يمسكبمشرط الجراح ويشرّح شخصيات أبطاله معتمداً على علاقته الوثيقة بهم والتي أتاحت لهأن يتعرف على خباياهم. وكان أخر هذه الأعمال الذي أثار الاستهجان في الأوساطالأدبية وخاصة الأكاديمية روايته الصادرة في ربيع باسم "رالستين" وهو الاسم الذيأطلقه على شخصية صديقه المفكّر آلان بلوم، أستاذ الفلسفة السياسية الذي كتب "إغلاقالعقل الاميركي" والذي توفي في شيكاغو في . وقد صورّه بيلو كشاذ جنسياً يقضي عليهمرض الإيدز على الرغم من ان بلوم لم يصرّح بميله الجنسي.
ولكن بيلو، فيما يبدو،يعطي نفسه الحق في تعرية أصدقائه معتقداً انهم جزء من حياته.
ومعروف ان روايته "عطية همبولدت"، ، تتناول بصراحة حياة صديقه الشاعر ديلمور شوارتز. كما ان رواية "هو تزوج" تفضح العلاقة العاطفية بين زوجته وأحد خلصائه.
والسؤال الآن ماذا يقولسول بيلو، في سيرته الذاتية ـ التي كتبها جيمس أتلاس، محرّر سلسلة السيرة الذاتيةبدار النشر ايكينغ بنجوين، "بيلو ـ بيوغرافيا ـ صفحة ـ راندوم هاوس.
لا شك انبيلو الذي بلغ من العمر........ عاماً ولا يزال يمارس الكتابة والحياة في حيوية يفتقر إليهاكتّاب يافعون. فهو لم يصدر أفضل أعماله خلال سنوات "رالستين"، في الربيع الماضيفقط، لكنه في شهر كانون الأول الماضي، في عامه الحادي عشر لزواجه الخامس، وبعدإنجاب ثلاثة أبناء من ثلاث زوجات مختلفات، أنجب في هذه السن ابنته الأولى.
إنه،بلا جدال، يتمتع بخصب العطاء على مختلف المستويات. فيا لها من حياة، خاصة اذا قُدرلها ان تكون مادة لكاتب ذاتية متخصّص.
جيمس أتلاس، يستطيع لا الخوض بل الغوصفيها بقرون استشعار حادة ترصد ما قد لا يلاحظه أقرب الناس الى بيلو نفسه.
لقدأنفق أتلاس سنوات من البحث الشاق ليكتب هذه السيرة الذاتية التي بلغت من اتساعالاحاطة بالموضوع الذي تتعرّض له حداً يجعل احد النقاد يصفها، أو بالاحرى يصفكاتبها بـ "أطلس الانسيكلوبيدي".
تبع آثاره من فيلينيوس حيث هرب الأب من شرطةالقيصر، الى المهجر في ضواحي مونتريال الموحلة بكندا حيث ولد بيلو في ، الى شيكاغوالفجة، ثم نيويورك المتخلفة، فباريس المخيبة للآمال، والقدس المثيرة للبلبلة،واستكهولم التي منحته جائزة نوبل، ثم العودة من جديد. وقد قرأ كل مسودة لكل مقال،وقصة وخطاب ورواية (بما في ذلك يوميات المسرح لمجلة "بارتيز ان رييو" ومراجعاتالأفلام لمجلة "هورايزون") وكل رسالة كتبها الروائي سريع الغضب (ومنها رسائلهالمحطمة للقلوب لجون شيفر وسينثيا اوزيك)، واكثر من سنة من النقد (بقلم أصدقاءسابقين وأعداء ثابتين، ومن كان يشير بيلو اليهم بـ"ود يلين الصحافة اليومية منالدرجة الثالثة "، و"أفاعي المؤسسة الادبية، الاكاديميين ذوي الرؤوس الملاطية" و"شذاذ الجامعات العريقة".
يقول جون لينارد، الناقد الادبي لمجلة "ذي ناشون" ؛اذا كنت تعرف بيلو وما زلت على قيد الحياة، فمن المؤكد ان اتلاس قد تحدث اليك، واذاكان لديك رأي لكنك اشتريت مزرعة، فلا بد انه قرأ مذكراتك، وملفك بمكتب التحقيقاتالفيدرالية، وربما خريطة جيناتك... ثم يقول ان اي شخص يقرأ رواية كاملة لجاك لودفيغلمجرد ان يكون رأيه الخاص في قصة زنا "هرزوج" فمن الواضح انه لن يقنع بشيء ليضعوحيد قرنه في كيس".
ولهذا استشار أتلاس باعة الأقمشة قارئي الغيب الذين كانوايعملون في منطقة شيكاغو قبل بيلو، من تيودور درايسر الى جيمس ت. فاريل الى نلسونألجرين. وقرأ عيون الكتب التي التهمها بيلو في صباه. وراجع مذكرات نقاد بارتزاناللاذعين الذين تلخصت ازمة الثقافة في نظرهم في كافكا وتروتسكي، والذين ضاجعوا ماريمكارثي، باستثناء سول الذي يقول أتلاس ان حدتها الثقافية والجنسية نفرتهمنها.
فقد كان يحتاج الى نساء أكثر خضوعاً لتحسين صورته عن نفسه المهزوزة، وكانيشعر "ان النساء اللاتي يتحدين سطوته بمثابة تهديد عميق". وهو مهذار فيما يتعلقبسادة القرن التاسع عشر، وبصفة خاصة ستندال، وابطال الحداثة، وبصفة خاصة جيمس جويساللذي كان بيلو الناضج يرى نفسه يتصارع معه برجولة. وهو على إلمام واسع بجميع آثارالتجربة اليهودية في الولايات المتحدة.
مفتاح
ويعتقد جون لينارد ان رواية "عطية همبولدت" مفتاح لكتاب أتلاس، كما كانت رواية "هرزوج" الاوتوبيوغرافية هيالرواية المحورية في تاريخه المهني. فأتلاس نفسه هو ابن لوسط الجانب الشمال ـ غربيالذي نشأ فيه بيلو، ومن ثم كانت قصة "صبي حساس في شيكاغو تيمة تمس شغاف قلبي". ولكنه أيضاً مؤلف سيرة ذاتية رائعة للشاعر ديلمور شوارتز () ولا يزال ما فعلهالروائي بالشاعر في "عطية همبولدت" يثير الغضب: "عمل انتقامي... خلف قناع تحية".. وبينما لا يخلط أتلس الناقد بين الرواية المصنوعة والحياة المضطربة مدركاً انالعبقرية تتمثل وتحول اي مادة خام تقع في يدها ـ يتشكك أتلاس كاتب السيرة الذاتيةفي جميع تلك الأقنعة، المقدسة والمدنسة التي يرتديها الفنان بينما يستخرج الجثثالمدفونة ويلعب بالعظام.
يقول هرزوج "لكل رجل مجموعته من القصائد ـ ميتولوجيا ـذاتية، مثل سطور الاغنية وحلم اليقظة للسكان الأصليين الذين كتب عنهم بروس شاتوين. وكان ذلك بالنسبة لسولومون بيلو ذي الثمانية اعوام، العنبر ب في مستشفى شيكاغو الذينزل فيه وحيث بقي فيه لمدة ستة اشهر معانياً التهاب الصفاق والتهاب رئوي، وحيث قرأ "كابينة العم توم" والصحف الفكاهية، متدرباً على حالات الهجر اللاحقة. أما الأم،التي كانت تلتهم الروايات وتزين قبعاتها بريش النعام، فقد توفيت عندما كان فيالسابعة عشره، تاركة اياه بلا حام ضد اب قاس، ينتمي الى العالم القديم، مهرّب خمور وتاجر خردة، واشقائه الجشعين الذين كانوا يزدرون نهمه للقراءة.
إن استغراقهالدائم في الكتابة كان يدمّر حياته الشخصية، حيث كان يستبدل زوجة بأخرى تصغرها بعشرسنوات، ويشكو من إعالة الأطفال، ويعاقب الشخصيات المنبوذة في روايته التالية،ويعتقد أتلاس انه مادام لايزال يشعر انه الابن الذي هجرته وخانته أمه التي تُوفيتبدون إذن منه، كان لا يستطيع ان يديم علاقات مع نساء او مع أقدم رفاقه. وكان يدينبولاء شديد لأي شخص ينجح في اختبار الصداقة الصارم ـ ما داموا يلبون احتياجاته. وكان يتعامل ببرود مع الكتاب الذين يمثلون تهديداً لسيطرته، بينما كان يعتبر الكتابالذين احتلوا مكانة اقل من مكانته بمسافة آمنة بمثابة رفاق في "مهنةالكتابة".
النفور
وفي ما يتعلّق بحالات الطلاق، والنفور من الأصدقاء، والتخليالمفاجئ عن الوظائف، وعدم حضور الجنازات، يقول أتلاس ان الآلية الدفاعية كانت الشيءنفسه "أهجر قبل ان تُهجر".
كان بيلو يرتاب حتى في مراجعي الكتب بمجلة "بارتزان" الذين فعلوا الكثير لترويجه كمؤلف روائي وككاتب بشكل عام. فقد قال عنهم "تلك الوحوشالمحتضرة".
لقد كان بيلو إذن يشعر بالحاجة الى خلق عقبات وأعداء. ويرى أتلاستجلي هذه الحاجة حتى من مخلوقه هرزوج، "الرومانسي المنفجر داخلياً والشخصية المثيرةللاكتئاب النرجسية، انها تخشى اختفاء الأحبة" وهي تمارس من بين كل اشكال الارهاب،ارهاب الهجر والوحدة العارية، ومن ثم تستبعد كل الهاجرين بسلاح الكراهيةالسري".
ولكن أتلاس الذي تجشم الصعاب ليكتب هذه البيوغرافيا الجادة والهامة قدامسك في النهاية عن الاعتراف بالروائي الكبير سول بيلو كواحد من الكتّاب الأحياء اوالموتى النبلاء، ربما نزولاً عند رغبة بيلو نفسه الذي تساءل ذات يوم "لماذا ينبغيان يرغب الكتاب في ان يقوَّم الكتاب على نحو تصنيف لاعبي التنس؟" او يُقوّموا مثلخيول السباق؟ ويا له من تأبين لروائي ان يقال "فاز في جميع استطلاعات الرأي؟"
ولا يخفي اتلاس حرجه من آراء بيلو السلبية عن الشاعر الافريقي الاميركي اميريبركه، والروائية والناقدة سوزان سونتاج والكاتب المفكر الفلسطيني الأصل ادواردسعيد، وكراهيته العامة للنساء، وبصفة خاصة عداوته للحركة النسائية ("ان كل ما سوفتضطررن الى عرضه لحركتكن بعد عشر سنوات من الآن هو أثداء مترهلة!") "وعنصريتهالمخفية تماماً"، وحتى عودة آلان بلوم إلى شيكاغو، وكراهيته للآخرين المخيفة.