الموضوع
:
ما سر "الروعة" في افضل مائة رواية عالمية؟ دراسة بحثية
عرض مشاركة واحدة
11-17-2011, 08:42 PM
المشاركة
228
ايوب صابر
مراقب عام سابقا
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 4
تاريخ الإنضمام :
Sep 2009
رقم العضوية :
7857
المشاركات:
12,766
الروائي الأميركي سول بيلو (نوبل) في سيرة ذاتية
لماذا ينبغي أن يرغَب الكُتّاب في تقويمهم مثل خيول السباق أو لاعبي التنس؟
نيويورك ـ "المستقبل"
عُرف عن الروائي الأميركي
الحائز جائزة نوبل سول بيلو استخدام قصص حياة أقرب أصدقائه كمادة أولية أحياناً أو
اساسية في معظم الأحيان يشيّد بها عماراته الروائية. وهو لا يتورّع عن ان يمسك
بمشرط الجراح ويشرّح شخصيات أبطاله معتمداً على علاقته الوثيقة بهم والتي أتاحت له
أن يتعرف على خباياهم. وكان أخر هذه الأعمال الذي أثار الاستهجان في الأوساط
الأدبية وخاصة الأكاديمية روايته الصادرة في ربيع باسم "رالستين" وهو الاسم الذي
أطلقه على شخصية صديقه المفكّر آلان بلوم، أستاذ الفلسفة السياسية الذي كتب "إغلاق
العقل الاميركي" والذي توفي في شيكاغو في . وقد صورّه بيلو كشاذ جنسياً يقضي عليه
مرض الإيدز على الرغم من ان بلوم لم يصرّح بميله الجنسي
.
ولكن بيلو، فيما يبدو،
يعطي نفسه الحق في تعرية أصدقائه معتقداً انهم جزء من حياته
.
ومعروف ان روايته
"
عطية همبولدت"، ، تتناول بصراحة حياة صديقه الشاعر ديلمور شوارتز. كما ان رواية
"
هو تزوج" تفضح العلاقة العاطفية بين زوجته وأحد خلصائه
.
والسؤال الآن ماذا يقول
سول بيلو، في سيرته الذاتية ـ التي كتبها جيمس أتلاس، محرّر سلسلة السيرة الذاتية
بدار النشر ايكينغ بنجوين، "بيلو ـ بيوغرافيا ـ صفحة ـ راندوم هاوس
.
لا شك ان
بيلو الذي بلغ من العمر........ عاماً ولا يزال يمارس الكتابة والحياة في حيوية يفتقر إليها
كتّاب يافعون. فهو لم يصدر أفضل أعماله خلال سنوات "رالستين"، في الربيع الماضي
فقط، لكنه في شهر كانون الأول الماضي، في عامه الحادي عشر لزواجه الخامس، وبعد
إنجاب ثلاثة أبناء من ثلاث زوجات مختلفات، أنجب في هذه السن ابنته الأولى
.
إنه،
بلا جدال، يتمتع بخصب العطاء على مختلف المستويات. فيا لها من حياة، خاصة اذا قُدر
لها ان تكون مادة لكاتب ذاتية متخصّص
.
جيمس أتلاس، يستطيع لا الخوض بل الغوص
فيها بقرون استشعار حادة ترصد ما قد لا يلاحظه أقرب الناس الى بيلو نفسه
.
لقد
أنفق أتلاس سنوات من البحث الشاق ليكتب هذه السيرة الذاتية التي بلغت من اتساع
الاحاطة بالموضوع الذي تتعرّض له حداً يجعل احد النقاد يصفها، أو بالاحرى يصف
كاتبها بـ "أطلس الانسيكلوبيدي
".
تبع آثاره من فيلينيوس حيث هرب الأب من شرطة
القيصر، الى المهجر في ضواحي مونتريال الموحلة بكندا حيث ولد بيلو في ، الى شيكاغو
الفجة، ثم نيويورك المتخلفة، فباريس المخيبة للآمال، والقدس المثيرة للبلبلة،
واستكهولم التي منحته جائزة نوبل، ثم العودة من جديد. وقد قرأ كل مسودة لكل مقال،
وقصة وخطاب ورواية (بما في ذلك يوميات المسرح لمجلة "بارتيز ان رييو" ومراجعات
الأفلام لمجلة "هورايزون") وكل رسالة كتبها الروائي سريع الغضب (ومنها رسائله
المحطمة للقلوب لجون شيفر وسينثيا اوزيك)، واكثر من سنة من النقد (بقلم أصدقاء
سابقين وأعداء ثابتين، ومن كان يشير بيلو اليهم بـ"ود يلين الصحافة اليومية من
الدرجة الثالثة "، و"أفاعي المؤسسة الادبية، الاكاديميين ذوي الرؤوس الملاطية
"
و"شذاذ الجامعات العريقة
".
يقول جون لينارد، الناقد الادبي لمجلة "ذي ناشون" ؛
اذا كنت تعرف بيلو وما زلت على قيد الحياة، فمن المؤكد ان اتلاس قد تحدث اليك، واذا
كان لديك رأي لكنك اشتريت مزرعة، فلا بد انه قرأ مذكراتك، وملفك بمكتب التحقيقات
الفيدرالية، وربما خريطة جيناتك... ثم يقول ان اي شخص يقرأ رواية كاملة لجاك لودفيغ
لمجرد ان يكون رأيه الخاص في قصة زنا "هرزوج" فمن الواضح انه لن يقنع بشيء ليضع
وحيد قرنه في كيس
".
ولهذا استشار أتلاس باعة الأقمشة قارئي الغيب الذين كانوا
يعملون في منطقة شيكاغو قبل بيلو، من تيودور درايسر الى جيمس ت. فاريل الى نلسون
ألجرين. وقرأ عيون الكتب التي التهمها بيلو في صباه. وراجع مذكرات نقاد بارتزان
اللاذعين الذين تلخصت ازمة الثقافة في نظرهم في كافكا وتروتسكي، والذين ضاجعوا ماري
مكارثي، باستثناء سول الذي يقول أتلاس ان حدتها الثقافية والجنسية نفرته
منها
.
فقد كان يحتاج الى نساء أكثر خضوعاً لتحسين صورته عن نفسه المهزوزة، وكان
يشعر "ان النساء اللاتي يتحدين سطوته بمثابة تهديد عميق". وهو مهذار فيما يتعلق
بسادة القرن التاسع عشر، وبصفة خاصة ستندال، وابطال الحداثة، وبصفة خاصة جيمس جويس
اللذي كان بيلو الناضج يرى نفسه يتصارع معه برجولة. وهو على إلمام واسع بجميع آثار
التجربة اليهودية في الولايات المتحدة
.
مفتاح
ويعتقد جون لينارد ان رواية
"
عطية همبولدت" مفتاح لكتاب أتلاس، كما كانت رواية "هرزوج" الاوتوبيوغرافية هي
الرواية المحورية في تاريخه المهني. فأتلاس نفسه هو ابن لوسط الجانب الشمال ـ غربي
الذي نشأ فيه بيلو، ومن ثم كانت قصة "صبي حساس في شيكاغو تيمة تمس شغاف قلبي
".
ولكنه أيضاً مؤلف سيرة ذاتية رائعة للشاعر ديلمور شوارتز () ولا يزال ما فعله
الروائي بالشاعر في "عطية همبولدت" يثير الغضب: "عمل انتقامي... خلف قناع تحية
"..
وبينما لا يخلط أتلس الناقد بين الرواية المصنوعة والحياة المضطربة مدركاً ان
العبقرية تتمثل وتحول اي مادة خام تقع في يدها ـ يتشكك أتلاس كاتب السيرة الذاتية
في جميع تلك الأقنعة، المقدسة والمدنسة التي يرتديها الفنان بينما يستخرج الجثث
المدفونة ويلعب بالعظام
.
يقول هرزوج "لكل رجل مجموعته من القصائد ـ ميتولوجيا ـ
ذاتية، مثل سطور الاغنية وحلم اليقظة للسكان الأصليين الذين كتب عنهم بروس شاتوين
.
وكان ذلك بالنسبة لسولومون بيلو ذي الثمانية اعوام،
العنبر ب في مستشفى شيكاغو الذي
نزل فيه وحيث بقي فيه لمدة ستة اشهر معانياً التهاب الصفاق والتهاب رئوي، وحيث قرأ
"
كابينة العم توم" والصحف الفكاهية، متدرباً على حالات الهجر اللاحقة. أما الأم،
التي كانت تلتهم الروايات وتزين قبعاتها بريش النعام، فقد توفيت عندما كان في
السابعة عشره،
تاركة اياه بلا حام ضد اب قاس، ينتمي الى العالم القديم، مهرّب خمور وتاجر خردة، واشقائه الجشعين الذين كانوا يزدرون نهمه للقراءة.
إن استغراقه
الدائم في الكتابة كان يدمّر حياته الشخصية، حيث كان يستبدل زوجة بأخرى تصغرها بعشر
سنوات، ويشكو من إعالة الأطفال، ويعاقب الشخصيات المنبوذة في روايته التالية،
ويعتقد أتلاس انه مادام لايزال يشعر انه الابن الذي هجرته وخانته أمه التي تُوفيت
بدون إذن منه، كان لا يستطيع ان يديم علاقات مع نساء او مع أقدم رفاقه. وكان يدين
بولاء شديد لأي شخص ينجح في اختبار الصداقة الصارم ـ ما داموا يلبون احتياجاته
.
وكان يتعامل ببرود مع الكتاب الذين يمثلون تهديداً لسيطرته، بينما كان يعتبر الكتاب
الذين احتلوا مكانة اقل من مكانته بمسافة آمنة بمثابة رفاق في "مهنة
الكتابة
".
النفور
وفي ما يتعلّق بحالات الطلاق، والنفور من الأصدقاء، والتخلي
المفاجئ عن الوظائف، وعدم حضور الجنازات، يقول أتلاس ان الآلية الدفاعية كانت الشيء
نفسه "أهجر قبل ان تُهجر
".
كان بيلو يرتاب حتى في مراجعي الكتب بمجلة "بارتزان
"
الذين فعلوا الكثير لترويجه كمؤلف روائي وككاتب بشكل عام. فقد قال عنهم "تلك الوحوش
المحتضرة
".
لقد كان بيلو إذن يشعر بالحاجة الى خلق عقبات وأعداء. ويرى أتلاس
تجلي هذه الحاجة حتى من مخلوقه هرزوج، "الرومانسي المنفجر داخلياً والشخصية المثيرة
للاكتئاب النرجسية، انها تخشى اختفاء الأحبة" وهي تمارس من بين كل اشكال الارهاب،
ارهاب الهجر والوحدة العارية، ومن ثم تستبعد كل الهاجرين بسلاح الكراهية
السري
".
ولكن أتلاس الذي تجشم الصعاب ليكتب هذه البيوغرافيا الجادة والهامة قد
امسك في النهاية عن الاعتراف بالروائي الكبير سول بيلو كواحد من الكتّاب الأحياء او
الموتى النبلاء، ربما نزولاً عند رغبة بيلو نفسه الذي تساءل ذات يوم "لماذا ينبغي
ان يرغب الكتاب في ان يقوَّم الكتاب على نحو تصنيف لاعبي التنس؟" او يُقوّموا مثل
خيول السباق؟ ويا له من تأبين لروائي ان يقال "فاز في جميع استطلاعات الرأي؟
"
ولا يخفي اتلاس حرجه من آراء بيلو السلبية عن الشاعر الافريقي الاميركي اميري
بركه، والروائية والناقدة سوزان سونتاج والكاتب المفكر الفلسطيني الأصل ادوارد
سعيد، وكراهيته العامة للنساء، وبصفة خاصة عداوته للحركة النسائية ("ان كل ما سوف
تضطررن الى عرضه لحركتكن بعد عشر سنوات من الآن هو أثداء مترهلة!") "وعنصريته
المخفية تماماً"، وحتى عودة آلان بلوم إلى شيكاغو، وكراهيته للآخرين المخيفة.
رد مع الإقتباس