عرض مشاركة واحدة
قديم 11-10-2018, 11:58 PM
المشاركة 96
صبا حبوش
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الشخصيَّة:

هي العنصر الثاني المُهمُّ في القِصَّة وتكونُ مُلازمةً للحدث وتمنحها الحركة، وتبثُّ فيها الحياة، وتتعدَّدُ الشخصيَّاتُ في القصَّة، وغالبًا ما تكونُ في الإنسان وقد تكونُ من الحيوان وذلك حين تكونُ رمزًا تختفي وراءهُ شخصيَّةٌ إنسانيَّةٌ من مثل ما نجدهُ في قصص (كليلة ودُمنة) وقصص الحيوان عند أحمد شوقي وقصص الشاعر الفرنسي لافونتين، والشخصيَّة في القصَّة رئيسةٌ أو ثانويَّة، وقد تُبْنى القصَّةُ على شخصيَّةٍ واحدة كما هو الحال في رواية (الشيخ والبحر) لهمنغواي، وقد تتعدَّدُ بل تكونُ كثيرةً مثل معظم روايات نجيب محفوظ، وينبغي أن تكون الشخصية ذات أبعاد إنسانية، ويعدّها البعض (مصدر إمتاع وتشويق في القصَّة).
ولكي تكون الشخصيَّةُ في القصَّة ناجحة، ينبغي أنْ تتوافرَ فيها مجموعةٌ من الشروط منها أنْ تكونَ بعيدةً عن التناقض، وأنْ تكونَ متفاعلةً مع الأحداث، متطوِّرة بتطوُّر هذه الأحداث، وأَنْ يكونَ لها حضورٌ فاعلٌ أي مُؤثِّرٌ في تصوير المواقف، ومن ذلك أنْ يجري الصراعُ بينها وبين غيرها من الشخصيّات أو بينها وبين نفسها أحيانًا (والصراع قد يكونُ مع عقله وروحه أو مع جسمه وروحه أو مع جسمه وعقله) وكُلَّما كان الصراعُ قويًّا واضحًا في هذه العناصر كلِّها كانت القصَّةُ أنجحَ وأعمقَ تأثيرًا ويُشتَرَطُ في تصوير الشخصيَّة أبعادٌ ثلاثة هي البعد الجسمي فيرسم أوصاف الشخصيَّة من الخارج طولاً أو قِصَرًا بدانةً أو نحافةً، كما يصف لون البشرة وملامح الوجه وما إلى ذلك من خصائص خلقيَّة مميّزة. والثاني هو البعد الاجتماعي فيُصوِّرها من حيث ثقافتها وعقيدتها وهواياتها وبيئتها، والمجتمع الخارجي المحيط بها( ).

ثمَّ البعد النفسي الذي قد يكون حصيلة البعدين السالفين، ويُعنى الكاتب فيه بتصوير عواطف الشخصيَّة وطباعها وطريقة تفكيرها وتصرُّفاتها( ).
والشخصيَّات في القصَّة نوعان:
النوع الأوَّل/ الشخصيَّة الجاهزة: وهي الشخصيَّة المُكتملة التي تظهرُ في القصَّة دونَ أنْ يحدَثَ في تكوينها أيُّ تغيير وإنَّما يحدثُ التغييرُ في علاقتها بالشخصيَّات أمَّا تصرفاتها فلها دائمًا طابعٌ واحد. وكذلك الشخصيَّة المُسطَّحة التي تتَّخِذُ في النصِّ السردي دورًا ثانويًّا وهي لا تتغيَّرُ وإنْ تغيَّر مجرى الأحداث فهي ثابتةُ الفكر والسلوك
النوع الثاني/ الشخصيَّة النامية: التي يتمُّ تكوينها بتمام القصَّة فتتطوَّر من موقف إلى موقف ويظهرُ لها في كلِّ موقفٍ تصرُّفٌ جديد. إضافةً إلى أنَّها ((تتطوَّرُ وتنمو قليلًا بصراعها مع الأحداث أو المجتمع، فتتكشَّفُ للقارئ، كلَّما تقدَّمتْ في القصَّة وتفجؤهُ بما تُغني به جوانبها وعواطفها الإنسانيَّة المُعقَّدة))( ).
النوع الثالث/ الشخصيَّة المُدوَّرة أو المُستديرة: وهي الشخصيَّةُ المركزيَّة أو المحوريَّة في النصِّ السردي وتتَّخِذُ دورًا رئيسًا فيه، إذ بأفعالِها يتغيَّرُ مجرى السرد وتنمو الحبكة، فهي شخصيَّةٌ ناميةٌ من حيث الفكر أو السلوك والرُؤية والموقف والتصرُّف على صعيد القصَّة، ((ويُطلَقُ عليها في بعض الأحيان الشخصيَّة الديناميَّة أو المحوريَّة الرئيسة))( ).
النوع الرابع/ الشخصيَّة الإشكاليَّة: وهي الشخصيَّةُ التي تظهرُ دومًا تصادُمَها مع القِيَمِ الموروثةِ البائدة ( ).
النوع الخامس/ الشخصيَّة الإيجابيَّة: وهي الشخصيَّةُ التي تحملُ دائمًا إحساسًا وإرادةً وطنيَّةً قادرةً على تغيير العالم( ).
النوع السادس/ الشخصيَّة السلبيَّة: وهي الشخصيَّة التي لا تُبدي أيَّ اهتمامٍ بالواقع إذ تعزلُ نفسَها عنه، إذ تُبدي أقصى قدرٍ من الانسجام مع السُلطة أو الثورةِ وتتحرَّكُ تحرُّكًا ميكانيكيًّا أو آليًّا يفقد الحماس( ).
أمَّا عن وضع الشخصيَّة وترتيبها في القصَّة وصلتها بالموضوع فذلك يتوقَّفُ على الكاتب فقد يُقدِّمها تقديمًا مُباشرًا منذ بداية القصَّة، وقد يضعها بعد تمهيده للزمان والمكان وقد تأتي في ثنايا الصراع، وذلك كلُّه يتوقَّفُ على طريقة هندسة الكاتب لقصَّته.
أمَّا عن مصادر الشخصيَّة، فليس هناك ما يُحدِّدُ اعتمادها على الكاتب، فقد يأخذها من التاريخ، أو يختارها من الواقع، أو من المحيط الخاص، وقد يأخذها من الأساطير، أو قد يصنعها خياله فيأخذها من الخيال.

https://sebaahaboush.blogspot.com/
باحثة عن الرّوح..