عرض مشاركة واحدة
قديم 07-30-2011, 05:02 PM
المشاركة 4
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
وعبتَني بحكاية قولِ العثْمانِيَّة والضِّرَارية، وأنت تسمعني أقول في أوَّل كتابي: وقالت العثمانية والضراريَّة، كما سمعتَني أقول: قالت الرافضة والزيدية، فحكمتَ عليَّ بالنصْب لحكايتي قول العثمانية، فهلاَّ حكمتَ عليّ بالتشيُّع لحكايتي قول الرافضة وهلا كنتُ عندَك من الغالِية لحكايتي حجج الغالية، كما كنتُ عندك من الناصِبة لحكايتي قولَ الناصِبة وقد حكينا في كتابنا قولَ الإباضيَّة والصُّفْرية، كما حكينا قولَ الأزارقة والزيدية، وعلى هذه الأركان الأربعة بُنِيَت الخارجية، وكلُّ اسمٍ سواها فإنما هو فرعٌ ونتيجةٌ، واشتقاقٌ منها، ومحمولٌ عليها، وإلاَّ كنَّا عندَك من الخارجية، كما صرنا عندَك من الضِّرَاريَّة والناصِبَة، فكيف رضيتَ بأن تكون أسرع من الشيعة، أسرع إلى إعراض الناس من الخارجية، اللهم إلا أن تكون وجدتَ حكايتي عن العثمانيَّة والضِّراريَّة أشبعَ وأجمعَ، وأتَمَّ وأحكم، وأجود صنعة، وأبعد غاية، ورأيتني قد وهَّنت حقَّ أوليائك، بقدر ما قوَّيتُ باطل أعدائك ولو كان ذلك كذلك، لكان شاهدك من الكتاب حاضراً، وبرهانك على ما ادعيت واضحا.
وعبتَني بكتاب العباسية، فهلاَّ عبتَني بحكايِة مقالِة مَن أبى وجوبَ الإمامة، ومَنْ يرى الامتناع من طاعة الأئمة الذين زعموا أنّ تَركَ النَّاس سُدًى بلا قيِّم أردُّ عليهم، وهملاً بلا راع أربحُ لهم، وأجدَرُ أنْ يجمع لهم ذلك بين سلامَةِ العاجل، وغنيمة الآجل، وأنَّ تركَهم نَشَراً لا نظامَ لهم، أبعد من المَفاسِد، وأجمعُ لهم عَلَى المراشد بل ليس ذلك بك، ولكنَّه بهرَك ما سمعتَ، وملأَ صدرَك الذي قرأت، وأبعَلك وأبْطَرَك، فلم تتّجه للحجّة وهي لك معرضة، ولم تعرف المقاتل وهي لك بادية، ولم تَعرِف بابَ المخرج إذ جهلتَ بابَ المدخَل، ولم تعرِف المصادر إذ جهلتَ الموارد.
رأيتَ أنَّ سبَّ الأولياء أشفى لدائك، وأبلغَ في شفاء سَقَمك، ورأيتَ أن إرسالَ اللسان أحضَرُ لَذَّةً، وأبعدُ من النَّصَب، ومن إطالة الفكرة ومن الاختلاف إلى أرباب هذه الصناعة.
ولو كنتَ فطِنت لعجْزك، ووصَلْتَ نقصَك بتمامِ غيرِك، واستكفيْتَ من هو موقوفٌ على كفايةِ مثلك، وحَبيسٌ على تقويم أشباهك كان ذلك أزينَ في العاجِل، وأحقَّ بالمثُوبة في الآجل، وكنتَ إنْ أخطأَتك الغنيمةُ لم تُخْطِك السلامة، وقد سَلِم عليك المخالفُ بقدر ما ابتُلي به منكَ الموافِق، وعلى أنَّه لم يُبتَل منك إلا بقْدرِ ما ألزمَته من مُؤنةِ تثقيفك، والتشاغُلِ بتقويمك، وهل كنتُ في ذلك إلاّ كما قال العربي: هَلْ يَضُرُّ السَّحابَ نَبْاحُ الكلابِ، وإلاّ كما قال الشاعر:
هل يَضُرُّ البحرَ أمسى زَاخِراً ... أَنْ رَمَى فيهِ غُلامٌ بَحجَرَْ
وهل حالُنا في ذلك إلاّ كما قال الشاعر:
ما ضرَّ تغلِبَ وائلٍ أهجَوْتَها ... أم بُلْتَ حَيْثُ تَنَاطَحَ البَحْرَانِ
وكما قال حسَّانُ بنُ ثابت:
ما أُباِلي أنَبَّ بالحَزْنِ تَيسٌ ... أم لَحَانِي بظهْرِ غَيْبٍ لَئِيمَُ
وما أشكُّ أنَّكَ قد جعلت طول إعراضنَا عنك مَطِيَّةً لك، ووجَّهتَ حِلمَنا عنك إلى الخوف منك، وقد قال زُفَر بنُ الحارث لبعضِ مَنْ لم ير حقَّ الصفح، فجعل العفْوَ سبباً إلى سوء القول:
فإنْ عدتَ وَاللّهِ الذي فوقَ عَرْشِه ... مَنَحْتُك مسنون الغِرَارَينِ أزْرَقا
فإنّ دواءَ الجهل أن تُضْرَبَ الطُّلَى ... وأن يُغْمس العِرِّيضُ حتى يغرّقا
وقال الأوّل:
وضغَائنٍ دَاوَيتُها بضغائنٍ ... حتَّى شَفَيتُ وبالحُقُودِ حُقُودا
وقال الآخر:
وما نَفى عنك قوماً أنت خائفُهم ... كَمِثل وَقمك جُهَّالاً بجُهّالِ
فاقْعَسْ إذَا حَدِبوا واحدَبْ إذا قَعسوا ... وَوَازِنِ الشَّرَّ مثقالاً بِمثقالِ
فإنّا وإن لم يكن عندنا سِنَان زُفَرَ بنِ الحارث، ولا معارضةُ هؤلاء الشرَّ بالشرّ، والجهلَ بالجهل، والحِقد بالحِقد، فإن عندي ما قال المسعوديَُّ:
فمُسَّا تراب الأرض منه خُلقتُما ... وفيه المعادُ والمصيرُ إلى الحشر
ولا تأنفا أن تَرْجِعا فتسلِّما ... فما كسى الأفواه شَرًّا من الكِبْرِ