عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
4

المشاهدات
1545
 
محمد بوثران
من آل منابر ثقافية

محمد بوثران is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
90

+التقييم
0.02

تاريخ التسجيل
Feb 2013

الاقامة

رقم العضوية
11909
10-29-2020, 08:41 PM
المشاركة 1
10-29-2020, 08:41 PM
المشاركة 1
افتراضي من لا أحد إلى شاعر البلد
- من لا أحد إلى شاعر البلد:
(حكاية القصيدة/الخطوة الأولى في مسيرتي الشعرية)

لأنَّ النهايةَ مُعْتمةٌ دائما، ليسَ لي غير نورِ البدايات أقتبسُ منهُ كلّما أردتُ أن أضيء الطريق لمن يجيء بعدي.
قبل ثمانيةِ أعوامٍ صحبتُ قصيدتي الأولى إلى قاعة الشعر، لقّنتُها الكلام بعدما كانت لا تجيد سوى الاستماع، وأجلستُها إلى جانبي، مرتبكةً مثل أصابعي التي تقبض عليها، لكنّها تدّعي السكينة كلّما مرّت قصيدةٌ أخرى قريبا منها، كي لا تفضح ارتباكها وارتباك القابض عليها كمن يقبض على قبس من جمر.
كانت القاعة الضيّقة أوسع ألف مرّة في خيالي، وكنتُ أصغرَ من الحصاةِ التي دمّرت السدّ، وأقل ضآلة من القطرة التي أفاضت الكأس، وأرقَّ من الشعرة التي قصمت ظهر البعير.. كنتُ -لا أحد- كما لم أكن أبدا بعد ذلك، فلا أحد ابتسمَ لي وأنا أدخل الباب المُشرعة، ولا أحد قام لتحيّتي وأنا أتقدّم لمقعدي، ولا أحد وقف لتحيّتي وأنا أهمّ بالجلوس، ولا أحد أشار لي من كرسيّ مقابل بعدما جلست، كنتُ وحدي، وكانت قصيدتي الأولى في جيبي، ولا أزال كلما تحسست جيبي أحس بحشرجة الورق، وأسمع طقطقة خفيفة تصدرها أصابع مرتعشة تبحث عن قصيدتها الأولى.
كانَ الشعراء يتحدّثون عن الشعر، وكنتُ أحدث نفسي عن الخوف المفاجئ من أن لا تكون قصيدتي شعرا، وكان الجمهور يتحدّثون عن الشعراء، ولم يتحدّث أحد عني، وحين هدأت الأصوات انتبهتُ، وكان قلبي ينبض أسرع من كلاب الصيد، أعلم أنها ليست صورة شعرية جميلة، لكنّها تعبّر بصدق عن تلك اللحظة التي لم أكن أملك خلالها إلا لغةَ القرية لأعبّر بها عنّي.

- هل ذلك اسمي؟
قلتُ في نفسي وأنا أسمعه لأول مرّة من خلال مكبرات الصوت، بدا اسمًا مهمّا - #محمد_بوثران – فنظرَ الجميعُ، لم ينظر أحدٌ إليّ، بل نظروا إلى العدم الذي سأجيء منه، نظرُوا إلى جميع الجالسين، وقفتُ فتحوّلت الأنظارُ إليَّ ولم أكنْ أُرى قبلها، وقصيدتي في يدي المرتعشة، وقلبي ينبض أسرع من كلاب الصيد، حملتُ اسمي بكامل ثقلهِ ومشيتُ ثماني خطوات كأنّها ثمانية أعوام.. لا أجد الآن الكلمات التي أواصل بها حكاية المشهد، منذ وقفتُ اختلط عليّ الأمر، لم أكن شاعرا قبل أن أقف، ولم أجلس بعدُ لأحكي وقوفي.