عرض مشاركة واحدة
قديم 03-17-2013, 09:12 PM
المشاركة 949
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
والان مع العناصر التي شكلت الروعة في روايةرقم 18-لا أحد ينام في الإسكندريةإبراهيم عبد المجيدمصر

- ومن الخطوط السردية التي نسجها الكاتب بطريقة هادئة ودون شعارات أو إسقاطات أيدلوجية علاقة المسلم بالمسيحي، فمجد الدين الذي يحفظ القرآن ويعرف تعاليم الدين يذهب إلى الإسكندرية ويجد نفسه جاراً لأسرة مسيحية فيتجاوب معهم في تقاليد الحياة التي تجمع كل الناس، ويجاملهم اجتماعياً في مناسباتهم وأعيادهم كما يجاملونه ويتواصلون معه، بل وتصل علاقته بـ "دميان" إلى صداقة قوية تستمر طوال مراحل عمره في نوع من التعاضد والتكافل الذي قل نظيره.

- عرض الكاتب ذلك ببساطة ودون تكلف، وبالطريقة التي نجدها كثيراً في حياة الإسكندرية المتسامحة، وقد التقط الكاتب لحظة من لحظات الحياة المكثفة وهي لحظة الموت الذي يشترك فيه الجميع فعرض لعلاقة صداقة أخرى بين مجد الدين وديمتري: "لقد دفع الخواجة ديمتري عشرة جنيهات تكاليف المقبرة والدفن، وقال لمجد الدين هامساً "تستطيع أن تعيدها حين ميسرة" وكان مجد الدين على ثقة من قدرته على إعادتها، فأرضه في البلد تدر دخلاً، وأخواته لابد سيرسلن إليه نصيبه كل موسم زراعي. الذي شغل مجد الدين هو هذا الود الذي يظهره الخواجة ديمتري له ولزوجته هو وأسرته، مع أنهم لم يتعارفوا إلا منذ أسابيع".

- أتت عتبات النص أو مداخله لتصنع حالة من الرؤية القصدية للكاتب في نظرته لمختلف أمور الحياة، ففي البداية الأولى يأتي بمقولة لبول إيلوار، وبعدها يأتي الإهداء، ثم تأتي مقولة للورانس داريل، وبعد ذلك نقرأ جزءاً مقتطعاً من أسطورة الطوفان البابلية، وبعده مقولة لشاعر الإسكندرية كفافيس، وإذا كانت المقدمات التصديرية لرواية ما تعبر عن قصدية معينة، ويحاول من خلالها الكاتب إيصال رسالة محددة للقارئ فإن إبراهيم عبد المجيد، كما أرى، أسرف على نفسه وعلى القارئ بهذا التعدد في العبارات التصديرية دفعة واحدة، والتي تقلل كثرتها من هدفها الدلالي الأولي فتتحول إلى عبارات متتابعة مفتقدة لقيمتها الإيحائية، وخاصة أن كل فصول الرواية أتت بتصديرات لأقوال مختلفة، والغريب فيها أن الكاتب لم يذكر قائلي هذه العبارات، أو هذا ما يخرج به القارئ من مطالعة طبعة "منشورات الجمل"، أما طبعة دار الهلال فقد ورد في نهايتها: "تنويه: هذه الرواية اعتمدت على العديد من الكتب أبرزها مذكرات القادة والسياسيين لتلك الحقبة بالإضافة إلى الصحف اليومية وكتب تاريخية وغيرها، ومن المهم هنا أن نذكر أن مقدمات الفصول ليست من وضع المؤلف الذي آثر عدم ذكر أصحابها في النص حتى لا يقطع الإحساس باتصال السرد، والمؤلف هنا يذكر أصحابها ومصادرها بترتيب الفصول".
- أعتقد أن ذكر قائلي العبارات لم يكن ليقطع الإحساس باتصال السرد، فهي عبارات تصديرية منفصلة عن السرد، إضافة لأن هذه السقطة الطباعية التي حدثت في طبعة دار الجمل أحدثت فراغاً ما كان ليحدث لولا فكرة عدم ذكر الأسماء مع عبارات أصحابها.
- الرواية رحلة عشق سردي لمدينة قدمت الكثير لحياة من عاشوا فيها، وهي، في تصور الكاتب، كائن حي، حيث تتألم على ما يصيبها من حماقات البشر وسخافاتهم، وتفرح لما تمر به من حالات السكون والاستقرار فتفتح ذراعيها محتضنة الجميع في حياة تعيد إنتاج حيوات جديدة في تجدد واستمرارية.